إسرائيل تحث على تحسين العلاقات مع السودان
تل ابيب/سوا/على خلفية تقارب السودان مع السعودية وقطع علاقاتها مع إيران والتصريحات بشأن الاستعداد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل تمهيدا للتقارب مع الولايات المتحدة، فإن إسرائيل، بحسب مسؤولين إسرائيليين كبار، تحث الولايات المتحدة ودولا أخرى على تحسين علاقاتها مع السودان والقيام ببادرات حسنة تجاهها.
وكان نائب وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، توم شانون، قد زار إسرائيل، الأسبوع الفائت، وأجرى سلسلة محادثات مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية ومكتب رئيس الحكومة، كما اجتمع مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ، ورئيس الجهاز السياسي في وزارة الخارجية ألون أوشبيز، والمدير العام للوزارة دوري غولد.
وبحسب صحيفة 'هآرتس' فإن جزءا كبيرا من المحادثات تركزت حول أفريقيا التي ضاعفت إسرائيل نشاطها الدبلوماسي فيها في السنة الأخيرة.
ونقلت الصحيفة عن موظفين إسرائيليين قولهم إن المسؤولين في وزارة الخارجية شدووا أمام شانون على ضرورة تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والسودان، وذلك لأن وزارة الخارجية تعتقد أن الحكومة السودانية قطعت قبل نحو عام علاقاتها مع إيران، وأن عملية تهريب الأسلحة من السودان إلى قطاع غزة قد توقفت، وأن السودان تقترب من محور السعودية.
وجاء أنه تم التشديد أمام شانون على أنه يجب عدم تجاهل ما أسمي 'الخطوات الإيجابية' من جانب السودان، وأن القيام ببوادر حسنة من جانب الولايات التمحدة تجاه الخرطوم سوف يكون مجديا، علما أن إحدى الخطوات التي تطالب بها الحكومة السودانية في السنة الأخيرة هي أن تقوم الإدارة الإميركية بإخراج السودان من قائمة الدول 'الداعمة للإرهاب'.
كما نقل عن مسؤولين في الخارجية الإسرائيلية قولهم لشانون إنهم يدركون أن الولايات المتحدة لن تزيل المقاطعة التي فرضتها على الرئيس السوداني، عمر البشير ، ولكن زيادة الحوار الأميركي مع آخرين في الحكومة السودانية سيكون خطوة إيجابية.
يذكر في هذا السياق أنه صدر في العام 2009 أمر اعتقال دولي ضد الرئيس السوداني البشير، من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وذلك بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور غرب السودان.
وبشكل مواز للاتصالات مع الإدارة الأميركية بشأن السودان، أجرت إسرائيل في السنة الأخيرة محادثات مماثلة مع فرنسا وإيطاليا ودول أوروبية أخرى.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن دلوماسيين إسرائيليين طلبوا من نظرائهم في أوروبا مساعدة السودان في أعباء ديون الأخيرة الخارجية والتي تقدر بنحو 50 مليار دولار، ودراسة إمكانية شطب جزء من هذه الديون مثلما حصل مع دول أخرى في العالم واجهت مصاعب اقتصادية، وذلك بادعاء أن الانهيار الاقتصادي في السودان سوف يزعزع الاستقرار فيها ويعزز 'النشاط الإرهابي'.
يذكر أن السودان لا تعتبر بموجب القانون الإسرائيلي دولة عدو، إلا أنه لا يوجد أي علاقات دبلوماسية بين الطرفين. كما أنه بموجب القانون السوداني فإن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يمنع على المواطنين السودانيين دخولها.
وبحسب صحيفة 'هآرتس'، فإن إيران استخدمت السودان في السابق كقاعدة لتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، وقامت ببناء مصنع لإنتاج الصواريخ البعيدة المدى قرب الخرطوم لتزويد حركتي حماس والجهاد الإسلامي بها. وفي السنوات 2008 حتى 2016 وقعت سلسلة غارات جوية على قوافل أسلحة في داخل السودان يعتقد أنها كانت في طريقها إلى غزة، وعلى سفينة أسلحة إيرانية في بورتسودان، وعلى مصنع الصواريخ قرب الخرطوم. وقد نسبت هذه الهجمات لإسرائيل إلا أن الأخيرة لم تعترف بها.
وأضافت أنه منذ نهاية العام 2014 بدأت تفتر علاقات السودان بإيران، وذلك على خلفية ضغوط شديدة من السعودية، وقامت السودان بطرد الملحق الثقافي الإيراني في السفارة في الخرطوم، وأغلقت عدة مراكز ثقافية إيرانية كان تنشط في السودان. وفي كانون الثاني/ يناير من العام الحالي قطعت السودان علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في أعقاب الهجوم على السفارة السعودية في طهران.
وكتبت صحيفة 'هآرتس'، أنه 'بالتوازي مع الابتعاد عن إيران والاقتراب من السعودية، فقد بدأ يتصاعد في السودان في الشهور الأولى من العام 2016 الحوار بشأن إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأنه تمت مناقشة ذلك في مؤتمر الحوار الوطني السوداني. وفي إطار المناقشات حول العلاقات الخارجية للسودان، في كانون الثاني/يناير من العام الحالي، أيد عدد من قادة الأحزاب إمكانية تغيير التوجه لإسرائيل وتطبيع العلاقات معها، كجزء من محاولة التقارب من الولايات المتحدة، تمهيدا لإزالة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. وفي حينه صرح وزير الخارجية، إبراهيم غندور، بأنه يجب فحص إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ولاحقا ادعت الخارجية السودانية أن أقواله قد أخرجت من سياقها. وبعد عدة أيام قال نائب الرئيس السوداني، حسبو محمد عبد الرحمن، إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل ليس على جدول الأعمال.
يذكر أن الولايات المتحدة تقيم علاقات دبلوماسية مع السودان، ولكن العلاقات متوترة بين الطرفين. ومنذ تسعينيات القرن الماضي لا يوجد سفير أميركي في الخرطوم. وقبل نحو 20 عاما وضعت الإدارة الأميركية السودان ضمن قائمة 'الدول التي تدعم وتأوي المنظمات الإرهابية'، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية شديدة، الأمر الذي تسبب بأضرار شديدة للاقتصاد السوداني وزاد بشكل كبير ديون الحكومة السودانية الخارجية. كما تمارس الولايات المتحدة ضغوطا على دول أخرى في العالم لمنع دخول الرئيس السوداني عمر البشير إليها. كما رفضت الولايات المتحدة عدة مرات منحه تأشيرة دخول إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي السنوات الأخيرة، بعد إعلان استقلال جنوب السودان، تجري الولايات المتحدة محادثات مع الحكومة في الخرطوم. وقبل نحو 10 أيام اجتمع في العاصمة الكينية، نيروبي، وزير الخارجية الأميركي جون كيري، مع نظيره السوداني إبراهيم غندور.