لا يبدو في الافق ما يشير إلى أن أزمة جامعة الاقصى في غزة مرشحة للحل في غياب أي دور للحكماء والعقلاء في بلادنا, مما يعني أن مصير عشرات الاف الطلاب المنتسبين للجامعة مهددة بالضياع.

ليس المقصود بالضياع عدم إيجاد فرصة عمل بعد التخرج وفرحة الاهل بإنجاز ابنائهم, ولكن في حصولهم على شهادة معتمدة اولا قبل أن تبدأ رحلة شبه عدمية في الحصول على وظيفة.

داخل اروقة الجامعة يجري حديث عاصف حول التدهور الذي تعانيه الجامعة, مما حدا بمئات الاكاديميين والاداريين للقيام بوقفة احتجاجية على ما الت إليه جامعتهم, حيث وصل عدد المسجلين الجدد في مختلف الكليات إلى بضع عشرات بدلا من بضعة الاف, مما حدا بالجامعة لإغلاق كليات فيما ينسحب اخرون مسجلون في سنوات متقدمة إلى جامعات اخرى. تكمن المشكلة في أن حماس تريد اقحام نفسها شريكا في إدارة الجامعة ومرجعيتها واستشاطت غضبا فور تكليف وزير التربية والتعليم العالي صبري صيدم رئيس مجلس الامناء برئاسة الجامعة مؤقتا لحين حل المعضلة القائمة, ففرضت عليه الاقامة الجبرية ومنعته من السفر إلى رام الله للبحث مع الوزير في الحلول الممكنة!. لم يأت الوزير صيدم ببدعة في اختيار الدكتور كمال الشرافي, خاصة أن هناك سابقة في جامعة النجاح تم خلالها تكليف رئيس مجلس الامناء الدكتور شوكت زيد الكيلاني برئاسة الجامعة مؤقتا حظيت باعجاب الفرقاء وتكللت بالنجاح.

في حوار مفتوح اقامه مركز "مسارات" بين الضفة وغزة قبل اسبوع لم يجب القيادي الحمساوي خليل الحية ضيف اللقاء على استفسارات المتدخلين الذين استهجنوا الاجراء التعسفي بحق رئيس مجلس امناء الاقصى, وعندما لفتوا "انتباهه " لتجاهله ما يتعلق بهذا الاجراء اكتفى بالقول "نحن لا نريد سوى تطبيق القانون"(...) . لم يذكر الثعلب الحمساوي المعروف بدهائه ومهارته في التملص من "زنقة" الاسئلة المحرجة عن أي قانون يتحدث, وهل يكمن القانون في تعيين وكيل وزارة لا وجود له في الهيكلية يعتبر نفسه مرجعية الجامعة؟. هنا يكمن الخلل وجوهره .

الجامعات الفلسطينية على اختلافها , بما فيها الجامعة الاسلامية ,تعتبر وزارة التعليم التي يقف على رأسها الوزير صيدم مرجعيتها , ولا تسمح للمسمى خارج الهيكلية الوزارية "وكيلا " بالتدخل في شؤونها , فاختفت المشاكل عنها. النقطة الثانية التي كانت محل خلاف تتمثل في تعيين حماس مئات الموظفين الجدد من ابنائها – طبعا – ما بين أمنيين وإداريين واكاديميين , فضلا عن اربعة ملايين دولار كانت مخصصة لجامعة الاقصى وتم تجميدها - كما يقال .

اعتقد أن النقطة الثانية بكل ما فيها يمكن التغلب عليها أو تجاوزها طالما أن الوزارة تنظر الى الجامعة الحكومية الوحيدة باعتبارها جامعة الفقراء وجامعة الكل الفلسطيني ,أما أن تصادر حركة حماس مرجعية الجامعة بالفهلوة تارة و"الدهلسة "اطوارا فتلك جوهر القضية . الجامعات في كل العالم تنتظر تقييم مؤسسة (كيو أس )أو مؤسسة ( شنغهاي ) الدولية لافضل الجامعات لتحتفل بعطاء وانجازات الاكاديميين والطلاب فيها , لكن ما نسمعة عن سرقة الاساتذة لابحاث غيرهم قصد الترقية وتراجع مستوى الطلاب ومنافسة الحزب الحاكم في غزة للوزارة على مرجعية الجامعة فذاك يشير إلى مستوى الانحدار الذي وصلنا إليه ويجعل الاقصى في ذيل قائمة التصنيف الدولي والعربي ولن يخرج احد من هذه اللغوصة أبيض الذيل .ويضيف إلى معاناتنا الوطنية أزمة أخرى , ونعتقد أننا نسير إلى القاع , بينما نحن نقيم فيه منذ بدأت أزمة معبر رفح , وربما قبل ذلك .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد