يترقب الشعب الفلسطيني المشهد السياسي الفلسطيني وما ستفرزه تحضيرات وإجراء انتخابات البلديات المحلية في شهر أكتوبر القادم على أسس من النزاهة والشفافية باعتباره مطلب وطني وجماهيري.
تتطلب اجراء الانتخابات زيادة الوعي المستمر لدى المواطنين حول أهمية وطرق مشاركتهم في الانتخابات، فالشخص الواعي يكون أكثر وعيًا ومعرفة بالقضايا السياسية، ولديه القدرة على التأثير في صنع القرار، والاشتراك في المناقشات السياسية.
تعتبر المشاركة حق وواجب في آن واحد، فهي الشعور بأن المشاركة واجب والتزام من كل فرد تجاه المجتمع الذي يعيش فيه، وهي حق لكل فرد من أفراد المجتمع، وواجب والتزام عليه في نفس الوقت، فمن حق كل مواطن أن يشارك في مناقشة القضايا التي تهمه، وأن ينتخب من يمثله، وأن يرشح نفسه إذا رأى في نفسه القدرة على قيادة الجماهير، والتعبير عن طموحاتهم في المجالس المحلية.
توحد المشاركة الفكر الجماعي للجماهير وأبناء المجتمع؛ حيث تساهم في بلورة فكر واحد، نحو وحدة الهدف والمصير المشترك، والرغبة في بذل الجهود للوصول إلى هذا الهدف، لاسيما نحن كشعب فلسطيني نعيش تحت الاحتلال، وإن وحدة أراضينا وتحريرها هي أسمى أهدافنا.
تقوم المشاركة على أسس تعبير الجماهير عن آرائهم وأفكارهم ورغباتهم، فيما يجب اتخاذه من قرارات وقوانين وسياسات، وفي البرامج والسياسات التي تتخذ، استجابة لاحتياجات المواطنين. فالمشاركة هي الوضع السليم للديمقراطية، فلا ديمقراطية بغير مشاركة، كما أن المشاركة واجب على كل مواطن، فهو مطالب بأن يؤدي ما عليه من التزامات ومسئوليات اجتماعية تجاه قضايا مجتمعه؛ لإحداث التغيير اللازم نحو التوجه التنموي المطلوب في المجتمع.
إن المشاركة عملية اجتماعية شاملة ومتكاملة، متعددة الجوانب والأبعاد، تهدف إلى اشتراك كل فرد من أفراد المجتمع في كل مرحلة من مراحل التنمية، في المعرفة والفهم، والتخطيط والتنفيذ، والإدارة والاشتراك، والتقويم وتقديم المبادرات، والمشاركة في الفوائد والمنافع نحو تحقيق الصالح العام، وتحسين مستويات الخدمة في المجتمع في المجالات المختلفة وتحسين وجه الحياة على أرض الوطن.
تعتبر المشاركة في الانتخابات سلوك تطوعي هادف لتقديم الجهود التطوعية فعلية وتطبيقية وثيقة الصلة بحياة وواقع الجماهير نظراً للشعور بالمسئولية الاجتماعية تجاه المجتمع والمصلحة العامة، ويتطلب إجراؤها توفر الأمن والمناخ الديمقراطي السليم، وسيادة القانون، وحرية التعبير عن الرأي بما يتوافق مع المصلحة العامة في المجتمع، وذلك تحقيقاً للاحتياجات الفعلية للجماهير ويما يعود عليهم بالنفع.
ومن الراقي أن نرى مشاركة المرأة الفلسطينية في الانتخابات كالرجل تماماً تعبيراً عن رأيها في التنمية والتغيير باعتبارها صاحبة تاريخ ودور نضالي تؤديه إلى جانب الرجل ويتميز بغنى تجربتها في هذا المجال تحقيقاً لمشاركة سياسية للمرأة الفلسطينية في المجتمع تعتبر من أهم مؤشرات التحول الديمقراطي، وهي الخطوة الاولى في تجاه ديمقراطية النوع الاجتماعي، فأصحبنا نشاهد اليوم العديد من الشخصيات النسوية مؤطرة سياسياً في التنظيمات ولديها حضورها الاجتماعي القوي وهو ما أفرزته الصفوف الواسعة من مشاركة المرأة في صنع القرار المحلي من تحقيق التنمية.
إن ميثاق الشرف الذي وقعت عليه القوى الوطنية والاسلامية هو صورة من صور إكفال حرية التعبير عن الرأي وتنفيذها، من خلال ضمان السماح لكل المشاركين في الانتخابات القيام بحملاتهم الانتخابية بحرية وعدم القيام بأية ملاحقات أمنية لأي من المرشحين أو العاملين في الحملات الانتخابية، واتاحة المجال لكافة القوى التنظيمية لعقد اجتماعاتها بحرية ودون اي تضييق وبما يمكنها من التحضير والاستعداد للعملية الانتخابية التي يأمل التحالف انجازها بشكل ديمقراطي .
تعود أزمة المشاركة السياسية في الانتخابات إلى تشوهات في النظام الديمقراطي في المجتمع، والأمر الذي يحد من وجود نظام قائم سائد قادر على خلق التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق الصالح العام في علاج الأزمات التي يعاني منها المجتمع لاسيما تلك التي خلفها الانقسام ويعيش الشعب تبعاتها المختلفة.
إن المشاركة السياسية وإجراء الانتخابات المحلية في موعدها وحسب الأصول الموروث الثقيل الذي يحمله الجميع على أكتافه لمحاربة السماسرة المعارضين لإجراء الانتخابات، باعتبارهم مستفيدين ومن مصلحتهم بقاء حالة الانقسام من أجل مصالحهم على حساب مصالح الشعب.
وينبغي على شرفاء هذا الوطن استثمار عرس الانتخابات المحلية لتجديد الديمقراطية الفلسطينية وخلق صفحة جديدة لتطوير المجتمع الفلسطيني والتخلص من ابعاد الانقسام وآثاره السلبية والتقدم نحو التنمية المجتمعية الحقيقية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية