علماء نفس: الانحياز للتفاؤل ليس ميلا طبيعيا لدى البشر

مشجعو كرة القدم مثال يسوقه مؤيدو فكرة أن الانحياز للتفاؤل سمة طبيعية

لندن/سوا/ يقول بعض علماء النفس إن وجهة النظر الشائعة، والتي تفيد بأن الناس بطبيعتهم ميالون إلى الجانب الإيجابي من الحياة، قد تكون غير صحيحة.

وظل الخبراء يعتقدون لعشرات السنين أنه من الطبيعي أن نتوقع حدوث أحداث جيدة لنا في المستقبل، وأن نقلل من احتمال وقوع أشياء سيئة لنا، وهذا هو ما يعرف سمة "الانحياز غير العقلاني للتفاؤل".

غير أن دراسة جديدة تقول إن هذا الافتراض ربما يعتمد على أساس معيب.

وانتهى العلماء الذين أجروا الدراسة - بعد إعادة تقييم الأدلة - إلى أنه لا أساس للادعاء بأن الانحياز للتفاؤل جزء أساسي من طبيعة النفس البشرية.

وترجع أهمية هذه النتيجة إلى أن الاعتقاد بالانحياز للتفاؤل قد يؤثر في تعامل مخططي السياسات مع جميع القضايا، من الأزمات الاقتصادية، والسمنة المفرطة وحتى تغير المناخ.

وتعتمد الحكومات أيضا على الانحياز للتفاؤل عند تخطيطها وتمويلها لمشروعات البنية الأساسية الضخمة، بحسب ما تقوله الدراسة.

وقال دكتور آدم هاريس، مؤلف الدراسة الذي يعمل في يونيفرسيتي كولديج بجامعة لندن: "الدراسات السابقة التي اعتمدت على طرق معيبة وادعت أن الناس ينحازون للتفاؤل في جميع المواقف، وأن هذا الانحياز أمر "طبيعي"، أصبحت الآن محل شك كبير. نحن بحاجة إلى سبل جديدة لدراسة الانحياز للتفاؤل لمعرفة إن كان بالفعل سمة من سمات الإدراك عند البشر أو لا."

 

وأضاف أن "هذا الافتراض بأن الناس منحازون للتفاؤل يستخدم في مشروعات البنية الأساسية الضخمة، من أجل إدارة توقعات الناس بشأن تكلفة تلك المشروعات والفترة التي تستغرقها حتى تكتمل."

وأشار هاريس إلى أن الدراسة تؤيد فكرة "إعادة اختبار الانحياز للتفاؤل، قبل السماح له بالتأثير في البحوث الطبية أو رسم السياسات."

وتقول الدراسة إن الناس لا يتعلمون من الأنباء السيئة إذا قيل لهم بأن هناك احتمالا حقيقيا لوقوع حدث سلبي لهم، كالإصابة بالسرطان مثلا. ويقال إن هذا يدعم فكرة الانحياز للتفاؤل."

وصممت برامج كمبيوتر خاصة للدراسة الجديدة، لمحاكاة السلوك البشري، ولكن بطريقة عقلانية بالكامل لقياس رد فعل الأفراد عند اختبارهم نفسيا ومعرفة مدى تعلمهم من الأخبار الجيدة، في مقابل الأنباء السيئة.

وعلى الرغم من أن البرامج لم تكن قادرة على بعث التفاؤل، ولم تستطع إظهار أي تحيز، لكنها مع ذلك أنتجت نفس أنماط البيانات التي فسرت في السابق على أنها تؤيد فكرة الانحياز للتفاؤل.

ولكن الدراسة بينت أن التفاؤل - على ما يظهر - هو وليد عمليات إحصائية بحتة.

وتضيف الدراسة أن الانحياز للتفاؤل هو فقط حقيقة إحصائية ندركها بسبب ندرة الأحداث السلبية، بحسب ما تقوله نتائج الدراسة التي نشرت في دورية علم النفس الإدراكي.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة، بونيت شاه، الذي يعمل في كلية كينجز بجامعة لندن "صحيح أن هناك دليلا واضحا على فكرة الانحياز للتفاؤل في مواقف الحياة الحقيقة المختلفة - مثل مشجعي كرة القدم في انجلترا مثلا - لكن هذه الأمثلة تبين ببساطة أن بعض الناس قد يكونون متفائلين في بعض المواقف، ولا تقول أبدا إنهم متفائلون بصفة عامة".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد