في إطار ردي على مقالة رؤية جديدة ... لفلسطين مستقلة الذي تحدث فيها صاحب المقالة عن إنجاز وزارته "وزارة التعليم" والتي سماها وزارة "الشعب" و"وزارة الدفاع" و"أم الوزارات" سأستعرض في السطور التالية أحوال جامعة الأقصى -الجامعة الأكبر على مستوى فلسطين- خلال سنة الإنجاز العظيم التي تحدث عنها صاحب المقالة، وسأبدأ بالاتفاق الذي تم التوقيع عليه في 21 مارس 2015 مع رئيس المجلس الاستشاري للجامعة وتضمن مجموعة من البنود من أهمها: تسييل أموال الجامعة (حوالي 6 مليون دينار) التي تحتجزها وزارة "الشعب" في بنوك رام الله ، وإعادة رواتب الموظفين المقطوعة رواتبهم، وتسوية أوضاع الموظفين المعينين في الجامعة، وتعيين د. علي أبو زهري رئيساً للجامعة.
وبناء على الاتفاق تسلم د. أبو زهري مهامه رئيساً للجامعة لكن "أم الوزارات" لم تساعد رئيس المجلس الاستشاري في تنفيذ أي من بنود الاتفاق الذي وقع عليه مما اضطر رئيس الجامعة إلى تقديم استقالته في بداية يوليو 2015.
بعد أسبوع من قبول استقالة رئيس الجامعة كلفت الوزارة في غزة (أقدم النواب) قائماً بأعمال رئيس الجامعة، وقد تم ذلك وفقاً للنظام الأساسي للجامعات الفلسطينية الحكومية – قرار رقم 4 لمجلس الوزراء 2009 (المادة 17) الذي ينص على: "في حال خلو منصب الرئيس كلياً يكون أقدم النواب قائماً بأعمال رئيس الجامعة لحين تعيين رئيس جديد للجامعة"، إلا أنه في اليوم التالي قامت الوزارة في رام الله بتعيين د. عبد السلام أبو زايدة (وهو ليس من نواب الرئيس) قائماً بأعمال رئيس الجامعة الأمر الذي يخالف النظام الأساسي مما أسس لمشكلة كبيرة في الجامعة.
في ظل حكومة التوافق التزمت الوزارة في غزة بعدم تعيين أي موظف جديد في الجامعة رغم أن رام الله قامت بتعيين العشرات من الأكاديميين والإداريين دون أية إعلانات أو مسابقات، وخلال الفترة القصيرة التي عملها د. أبو زهري رئيساً للجامعة قام بتحديد احتياجات الجامعة من الأكاديميين وأرسلها للوزارة في رام الله (بعد أن أخذ الضوء الأخضر من مجلس الأمناء) وهي (140) وظيفة أكاديمية وبدأ الإجراءات الخاصة بذلك لكنه لم يكمل العمل في الجامعة. وبعد استقالة د. أبو زهري تم استكمال هذه الخطوة وفقاً للإجراءات الرسمية من قبل ديوان الموظفين في غزة من خلال إعلان داخلي اقتصر على الموظفين الرسميين في الوزارات المختلفة (بسبب التزام غزة بعدم التوظيف الجديد وفقاً لاتفاق القاهرة)، وتم إجراء المسابقات وفق الأصول المتبعة في التوظيف، وبناء على نتائج المسابقات تم نقل حوالي (43) من الموظفين الذين يحملون المؤهلات من الوزارات المختلفة للعمل في جامعة الأقصى وهو جزء من الاحتياجات الحقيقية.
أثارت عملية التعيين حفيظة وزارة "الدفاع" في رام الله ورداً على ذلك وفي 16 أغسطس 2015 خاطب الوزير رئيس المجلس الاستشاري طالباً منه العمل على وقف التعيينات الجديدة ووقف كافة المعاملات الخاصة بالجامعة والموجهة للوزارة في رام الله ومنذ ذلك الوقت لا تستقبل الوزارة في رام الله أي معاملات للجامعة. وفي7 سبتمبر 2015 وجه الوكيل المساعد للتعليم العالي في رام الله رسالة لرئيس المجلس الاستشاري يمهله أسبوعاً لوقف إجراءات التعيين في الجامعة ومهدداً بإلغاء ترخيص الجامعة في حال عدم التنفيذ. وفي 3 نوفمبر 2015 قام الوكيل المساعد للتعليم العالي في رام الله بتوجيه رسالة تحريضية لأعضاء مجلس الجامعة بعدم الالتزام بجلسات المجلس وتهديد المخالفين بالعقوبات الإدارية والمالية بالإضافة إلى عدم اعتماد البرامج الجديدة والتلويح بإعفاء الطلبة من الرسوم. وفي اليوم التالي فوجئ عدد من العاملين في الجامعة (10 أكاديميين، 3 إداريين) بحجز رواتبهم بأوامر من وزارة "الشعب" في رام الله دون أي مبرر.
بناء على تهديد الوكيل المساعد في رام الله امتنع عدد من أعضاء مجلس الجامعة عن حضور جلسات مجلس الجامعة، وبعد تغيبهم ثلاث جلسات متتالية تم تنبيههم بمخالفتهم للقانون، وبعد الاستمرار في الغياب قامت الوزارة في غزة بإعفاء أربعة منهم من عضوية المجلس ولم يتم تكليف بدائل عنهم لإبقاء باب المفاوضات مفتوحاً لحل مشكلة الجامعة. وفي 30 ديسمبر 2015 أعلنت وزارة "الشعب" في رام الله إعفاء طلبة جامعة الأقصى من الرسوم الدراسية دون أن تدفع للجامعة أية مبالغ مالية مقابل ذلك، وكان الهدف تجفيف المصدر المالي الوحيد الذي تعتمد عليه الجامعة في موازنتها التشغيلية لإجبارها على غلق أبوابها أمام الطلبة، وبعد ذلك قامت وزارة رام الله بتحويل جميع أموال الجامعة المحجوزة في بنوك رام الله للموازنة العامة. وفي 23 مايو 2016 طالبت وزارة "الدفاع" في رام الله جميع الموظفين المنقولين للعمل في جامعة الأقصى (والذين نقلوا بناء على مسابقات وإجراءات رسمية مع ديوان الموظفين) بالعودة إلى أماكن عملهم السابقة مهددة غير الملتزمين بإجراءات مالية وإدارية. وفي 4 أغسطس 2016 وأثناء فتح عدة قنوات للحوار حول حل مشكلة الأقصى وظهور بعض البوادر للحل يفاجأ اثنان من الأكاديميين القدامى في الجامعة بحجز رواتبهم بناء على طلب من "أم الوزارات" في رام الله، الأمر الذي زاد العراقيل في طريق التوصل لحل مشكلة الجامعة. وفي 9 أغسطس 2016 دعت وزارة "الشعب" في رام الله الطلبة الجدد لعدم التسجيل في جامعة الأقصى والانتقال للتسجيل في جامعات أخرى مهددة بعدم اعترافها بشهاداتهم مع تأكيدها على عدم الاعتراف بشهادات الطلاب القدامى إلا بتوقيع رئيس مجلس "الأمناء" عليها. وفي نفس اليوم أصدرت "أم الوزارات" قراراً بتكليف رئيس المجلس الاستشاري القيام بمهام رئيس الجامعة لتجعله يجمع بين العمل التنفيذي والرقابي في نفس الوقت الأمر الذي يخالف الأنظمة والقوانين.
هذا أحد إنجازات وزارة "الشعب" أو "وزارة الدفاع" كما يحلو لصاحب المقالة تسميتها: مخالفات صريحة للقانون والنظام الخاص بالجامعات الحكومية. وقرارات ضد مصالح الطلبة "أبناء الشعب" وتهديد لمستقبلهم التعليمي في أكبر جامعة حكومية، وإصرار على عدم الاعتراف بشرعية موظفين جاؤوا من خلال إعلانات رسمية ومسابقات ومنافسات شريفة ووفق احتياجات حقيقية في حين الاعتراف بشرعية موظفين تم تعيينهم بدون إعلانات أو مسابقات، والسبب أن الفئة الأولى تم تعيينها من ديوان الموظفين بغزة والفئة الثانية من رام الله، مع إصرار عجيب على هدم أكبر جامعة حكومية، فهل يا ترى هناك وزارة تعليم تطلب من أبناء شعبها سحب تسجيلهم من جامعتها والانتقال للجامعات الخاصة وفي نفس الوقت تسمي نفسها "وزارة الشعب"؟
ما أود التأكيد عليه هو أن هذه الجامعة نشأت بقرار من الرئيس وحصلت على اعتماد برامجها من هيئة الاعتماد والجودة وفق الأصول، لذلك لا يمكن وقف اعتماد هذه البرامج من خلال المهاترات والمناكفات والدوس على الأنظمة والقوانين.
الذي يتحدث عن الإنجاز يا وزير "الشعب" يبني ولا يهدم، و"وزارة الشعب" يحب أن تبقي جامعاتها مفتوحة لأبناء الشعب لا أن تعمل على إغلاقها وتفريغها من طلبتها، و"وزارة الدفاع" يجب أن تدافع عن حقوق موظفيها لا أن توقف رواتبهم وتسلب حقوقهم وتحاصرهم في قوتهم وقوت أبنائهم، و"أم الوزارات" يجب أن تجمع شتات وزارتها أولاً فتوحد العمل بين شطريها لا أن تقصي ذلك الجزء الذي صمد في وجه العدوان وعانى سنوات من الحصار فتحرمه من الشرعية والموازنات وتضيق الحصار عليه وكأنها تقدم هدية مجانية للمحتل الغاشم الذي حاول كسر منظومة التعليم في غزة من خلال تدمير مؤسسات التعليم وهدم المدارس والجامعات لكنه فشل أمام صمود شعب غزة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية