يتسابق المتنافسون للوصول للمجالس البلدية والمحلية ويعتقدون أن الطريق مفروش بالورد وأن بإمكانهم وضع حد لأزمات قطاع غزة الأبدية والمستعصية على الحل، وقد بدء البعض دعايته الإنتخابية مبكراً والحديث عن إنجازاته العظيمة، في حين أن قطاع غزة يعاني على جميع المستويات.

ومن باب التذكير أردت وضع معطيات وإحصاءات لملف حساس لم ينجز منه إلا القليل، ليس من أجل التقليل من شأن المتنافسين، وقدراتهم وإمكاناتهم المنتظرة، إنما ما سيقدمونه لحق الناس في السكن اللائق وإعادة الإعمار، وما زال عشرات الآلاف من المواطنين والأسر الذين دمرت منازلهم يعيشون بلا مأوى، يتكبدون أشد المعاناة في ممارسة حياتهم اليومية والتمتع بحقوقهم القانونية والإنسانية.

لمن لا يعلم فإن مساحة قطاع غزة 360 كم2، بطول 41كم، وعرض يتراوح بين 6 و12كم، وهو من أكثر الأماكن كثافة في العالم، وأغلب سكانه من اللاجئين الذين هجروا قسراً من أراضيهم في حرب 1948، ويسكنون في ثماني مخيمات، ويوجد في القطاع 44 تجمعاً سكانياً موزعة على خمس محافظات.

وحسب مركز الإحصاء الفلسطيني بلغ عدد سكان القطاع 1.85 مليون نسمة، وبلغ معدل النمو السكاني حتى نهاية العام 2015، 3.4% في القطاع من أصل 2.9% في فلسطين، وبلغت الكثافة السكانية في قطاع غزة 4,986 فرداً/كم2، مقابل 506 أفراد/كم2 في الضفة الغربية. في العام 2014 تعرض قطاع غزة لعدوان إسرائيلي قاسي وأدت الهجمات التي شنتها القوات الحربية الإسرائيلية خلال عدوانها على القطاع إلى تدمير (171000) وحدة سكنية بين دمار كلي وبليغ وجزئي، حيث بلغ عدد المنازل المدمرة كلياً أو التي لم تعد صالحة للسكن (23500) وحدة سكنية، (11) ألاف وحدة سكنية دمار كلي، و 6800 وحدة سكنية بشكل كبير وغير صالحة للسكن، و5700 وحدة سكنية جزئي بالغ، ونحو 18000 وحدة لا تصلح للسكن، وبلغ عدد الوحدات السكنية المتضررة، وقابلة للترميم (147500) ألف وحدة سكنية.

ووفقا للتقرير السنوي الواحد والعشرون للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان قدر عدد الوحدات السكنية القائمة في عام 2007 في قطاع غزة 245,623 وحدة سكنية.

ويمكن تقدير عدد الوحدات السكنية التي تم إنشاؤها في القطاع منذ ذلك التعداد بحوالي 15,000 وحدة سكنية، منها حوالي 5000 وحدة سكنية (إعادة إعمار) وقرابة 11,000 وحدة سكنية نفذت بواسطة القطاع الخاص في الفترة 2011 حتى مايو/ أيار 2013. وعليه فان عدد الوحدات السكنية الحالي في قطاع غزة يقدر بحوالي 261,000 وحدة سكنية.

ووفقا لتقديرات وزارة الإشغال العامة والإسكان والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فان احتياجات القطاع من الوحدات السكنية يقارب الـ (13) ألف وحدة سكنية سنويا. وهذا لا يشمل العجز الحاصل جراء ما دمره العدوان الإسرائيلي في العام 2014، ودورات العدوان الاسرائيلي السابق في الاعوام 2008، 2012، حيث أصبح العجز (71) ألف وحدة سكنية.

وحسب التقرير الصادر عن المكتب الإقليمي للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية بعنوان "غزة لن تكون مكاناً ملائماً للعيش في العام 2020"، قد تصل حاجة قطاع غزة للمساكن نحو الـ (100) ألف وحدة سكنية.

فيما تقدر جهات اخرى احتياجات القطاع من الوحدات السكنية بعد العدوان الإسرائيلي بـ (70000) وحدة سكنية، بالإضافة إلى نحو (23500) وحدة سكنية دمرها العدوان بشكل كامل، و4000 الاف وحدة سكنية جراء دورات العدوان السابقة لم يتم اعادة اعمارها ليصبح الاحتياج الكلي للوحدات السكنية نحو (94000) وحدة حتى نهاية العام 2016، و(5000) وحدة سنوياً نتيجة النمو الطبيعي لتصبح حاجة محافظات غزة بحاجة إلى (100000) وحدة سكنية. يقدر التمويل المطلوب لبرنامج إعادة الإعمار نحو (585) مليون دولار، منها (495.0) مليون دولار لإعادة إعمار الوحدات السكنية المهدمة جراء عدوان 2014.

ويتوفر تعهدات بحوالي (265) مليون دولار من خلال دولة قطر والكويت والسعودية والبنك الإسلامي للتنمية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية و دولة المانيا و غيرها، منها ما يقارب (87.3) مليون من خلال الأونروا و تختص بفئة اللاجئين فقط.

تم بدء تنفيذ أعمال إعادة إعمار نحو (3000) وحدة سكنية من أصل (7500) وحدة سكنية تم التعهد بإعادة بنائها، تمثل نحو (23.7%) من الوحدات السكنية التي هدمت جراء عدوان 2014 وما قبلها. يبلغ التمويل المتبقي المطلوب توفيره خلال (2016 و2017) نحو (287.5) مليون دولار.

عملية إعادة الإعمار تسير ببطء شديد ولم تبدأ بشكل حقيقي وما تم إنجازه يأتي في إطار المشاريع الإغاثية وإصلاح الأضرار الجزئية والبالغة، ولم تحقق إلية إعمار غزة هدفها كما ذكرت في تعريفها لإلية إعمار غزة وذكرت فيها "وإذا طبقت بنية حسنة فهذه الآلية تمثل خطوة مهمة باتجاه هدف رفع جميع الإغلاقات المتبقية، وإشارة أمل للمواطنين في غزة".

بعد هذا الإستعراض وفي ظل الحصار والإنقسام هل ما زال بارقة أمل؟ هل ستتضمن برامج المتنافسين الحق في السكن وإعادة الإعمار؟ ربما يقول البعض منا أن ملف الإعمار ليس من صلاحيات البلديات وهو في يد الحكومة، ربما صحيح، لكن البلديات شريك أساسي مع الحكومة، وإذا لم تستطع وضع حد لإزمة السكن وإعادة الإعمار، هل سيكون دورها جمع القمامة وجباية رسوم الترخيص للمباني وتنظيمها فقط؟

Mustafamm2001@yahoo.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد