219-TRIAL- الحرب المحرقة على قطاع غزة التي يشنها جيش العدو الاسرائيلي تدخل شهرها الثاني وقد حصدت أزيد من ألفي شهيد وعشرة آلاف جريح وتدمير آلاف المنازل والممتلكات العامة والخاصة وتحطيم وقصف عشرات المساجد ودور العبادة علاوة على المشافي والمراكز الصحية ولم تسلم من ذلك حتى مدارس الأمم المتحدة " الأونروا " التي احتضنت عشرات الالاف من النازحين المهجرين من المدنيين العزل الذين تتقاذفهم صواريخ وحمم المتفجرات الصهيونية الحاقدة على كل ما هو فلسطيني، ولم يقتصر هذا العدوان البربري على الأحياء وممتلكاتهم بل امتد الى الأموات في قبورهم حيث تم استهداف المقابر الاسلامية و المسيحية على السواء بل ان قذائف الغل الصهيوني مزقت و هشمت جثث و عظام الموتى تماما كما هو حال الشهداء سيما الاطفال منهم، و خلفت جيشاً من المعاقين و لا يزال هذا العدوان غير المسبوق على شعبنا مستمراً، و باختصار حرب شاملة بكل معاني الكلمة لم ترحم صغيرا أو كبيرا ولا مقاوما أو مدنيا ولا حجراً أو شجراً، حرباً تقطر غلاً دفيناً على شعب يسعى لفك حصاره  و تقرير مصيره و العيش بكرامة بعيدا عن اغلال الاحتلال و قهره ، و لعل ما فاجأ الاحتلال في هذه المحرقة الارادة الصلبة و العنيدة لشعبنا العصية على الانكسار والمصممة على انتزاع الحقوق طال الزمن أو قصر والمؤمنة يقيناً أن زمن الهزائم و الشعور بجبروت الاحتلال و سطوته و النقص امامه ولى و لن يعود إلى الأبد.
ان جردة حساب أولية لنتائج هذه الحرب الجهنمية تبرز بصورة لا تقبل التأويل حجم الخسارة البشرية و المادية المهولة التي لحقت بشعبنا والمرشحة للزيادة كل يوم وكل ساعة في ظل استبسال المقاومة في الدفاع عن شعبها ومواجهة العدو وجيشه - قدر امكاناتها المتاحة - وهو ما دفع بفئات عديدة من شعبنا لرفع الصوت عاليا لمحاسبة هذا العدو وجيشه على جرائمه ومؤازرة المقاومة واللجوء للعدالة الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال الإرهابيين في ظل صمت عربي واقليمي ودولي مريب و غير مسبوق .
ولعل اللجوء لمحكمة الجنايات الدولية – المؤسسة القضائية الجنائية على المستوى العالمي– كان الخيار الأبرز لقوى وفصائل شعبنا ومؤسساته لملاحقة العدو وقادته السياسيين والعسكريين ومحاكمتهم أمام القضاء الدولي لينالوا عقابهم العادل وحملهم على تعويض أبناء شعبنا على ما اقترفوه وكيانهم بحقهم من مخاسر وأضرار جسيمة .
نقاش عاصف وموقف مشتت
بيد أنه ما أن أصبح هذا المطلب يحظى بقبول لدى الرأي العام الفلسطيني والعديد من النخب السياسية والمجتمع المدني مع حذر من القيادة السياسية الفلسطينية الرسمية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس حتى بدأ تيار مضاد يحذر من هذه الخطوة وتبعاتها على المستوى الوطني ويرى فيها خطوة غير مجدية وقد ترتد سلباً على المقاومة وقيادتها من حيث وضعها في كفة واحدة مع الاحتلال و فتح الباب أمام مساءلتها مستقبلاً وحتى ملاحقتها .
ولم يتوقف الأمر عند هذا الجدل السياسي والقانوني فحسب بل امتد إلى لغط وتراشق إعلامي وطني وصل حد التخوين والتشكيك والاتهام بالتآمر والتحالف مع الأعداء، فقد تم التداول اعلامياً أن وزير العدل في حكومة التوافق الوطني الاستاذ سليم السقا قد تقدم برفقة النائب العام في غزة د.اسماعيل جبر بشكوى للمحكمة الجنائية الدولي عبر محام فرنسي فيما أفاد مصدر اعلامي اخر أن الرئيس قد قام بسحب هذه الشكوى دون تأكيد ذلك، فيما طار وزير الخارجية د. رياض المالكي إلى العاصمة الهولندية لاهاي حيث مقر المحكمة الجنائية الدولية و التقى المدعية العامة للمحكمة – الغامبية الأصل – فاتوا بن سودا حول القضية و لم يتم نشر ما رشح عن هذا الاجتماع فقط اطلعنا على بعض التفاصيل من الموقع الالكتروني للمحكمة الذي أفاد أنه طلب ايضاحات عامة حول الاطار القانوني لنظام روما الأساسي و الآليات المختلفة التي يمكن لدولة بمقتضاها أن تقبل اختصاص المحكمة ، و قد تضمن البيان الاعلامي الصادر عن مكتب المدعية العامة أن فلسطين كدولة مراقب في الأمم المتحدة ليست طرفا في النظام الأساسي للمحكمة و لم تستلم المدعية العامة طلب للتحقيق في أية جرائم مزعومة فيها و بالتالي المحكمة لا اختصاص لها على الجرائم المزعومة في الأراضي الفلسطينية ، ثم تبع ذلك تصريح لوزير الخارجية المالكي بعدم التقدم بشكوى للمحكمة الجنائية و قد أفاد النائب العام في غزة في لقاء حواري حول نتائج الحرب قبل أيام أن وزير العدل قد اتصل بالمستشار القانوني للرئيس محمود عباس الذي أحاله بدوره الى وزير الخارجية دون أي رد يذكر، فيما أفاد د. صائب عريقات من جهته أنه قد تم اعداد مذكرة حول الانضمام للمحكمة المذكورة و قد عرضت على الفصائل و اللجنة التنفيذية للمنظمة و أنه قد طار إلى الدوحة و قد سلم نسخة منها للسيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس لأخذ موافقته الخطية عليها لتحمل تبعات الانضمام لها و ستعرض لاحقا على حركة الجهاد الاسلامي دون أن يسمع الرأي العام من الطرفين شيئاً عن نتائج ذلك هذا على المستوى الرسمي، أما على المستوى الشعبي والمجتمعي فقد صرح سامي أبو زهري الناطق باسم حماس أن حركته تدعم بقوة خطوة اللجوء للمحكمة و ان التحذير من تبعاتها مماطلة و تسويف فيما اتهم الموقع الالكتروني للجهاد الاسلامي الرئيس ابو مازن بسحب الشكوى للمحكمة بالاضافة لتصريح مماثل للجبهة الشعبية ، فيما دعت منظمات حقوقية فلسطينية الى اهمية الاسراع في الانضمام للنظام الاساسي للمحكمة و ملاحقة المجرمين الاسرائيليين في الوقت الذي عارض فيه بعض النشطاء هذه الخطوة و وصفوها بغير المجدية  و أن النظام لا يسمح بملاحقة اسرائيل و صعوبة ذلك عمليا و بل أبعد من ذلك بارتدادها على المقاومة و فصائلها الذين قد يصبحون هدفا للقضاء الدولي و لا يزال هذا العصف قائما و مستعرا، هذا الجدل الاشتباكي المؤسف لا يخدم هدف القضية و يظهرنا امام العالم و هذا المنبر القضائي الجنائي الأهم  دوليا ككانتونات لتنقل حالة التشرذم و التشظي من المستوى الوطني إلى الدولي .
الحكمة الغائبة
وهكذا... وكالعادة في المحطات المفصلية لقضيتنا العادلة غاب صوت العقل و الحكمة و الرشاد و المصلحة الوطنية العليا و الرأي التوافقي الجامع ، وأستعر تنازع الشرعيات الديموقراطية و الوطنية و الثورية في مشهد مؤلم يعكس ما حذرنا منه دوما من أهمية ترتيب البيت الفلسطيني و اعادة صياغة مكونات مطبخ القرار الوطني بأنواعه بتوافق الكل الفلسطيني و مغادرة هذا المربع المرير الذي مللنا منه و أُتخم شعبنا و أصدقاؤنا منه مرارةً و احباطاً و ألماً ، فمن الطبيعي تعدد الاراء و تنوعها بيد أن الشاذ تشرذم الموقف و حالة الاشتباك الوطني غير المبرر التي لا يستفيد منها إلا أعداء الوطن و القضية .
ان الادهى في هذا المشهد اليوم ان كل من هب و دب يدلي بدلوه في هذا الموضوع القانوني و القضائي المتخصص بامتياز و ان بعض السياسين في بلادنا ينظر تأييدا أو معارضة لهذه الخطوة دون المام أو ادراك لماهية المحكمة و نشأتها و صلاحيتها و اجراءاتها و آلية انخراط فلسطين في منظومتها و الاستفادة من عملها و ملاحقة العدو  و قادته امامها علاوة على غياب مرجعية وطنية جامعة للبت في مثل هذه القضايا الهامة و تقدم بلسما شافيا للرأي العام الوطني و احترامه .
محكمة الجنايات ... النشأة والاختصاص
نشأت هذه المحكمة كثمرة لمؤتمر دبلوماسي نظمته الامم المتحدة للمفوضين فيها في العاصمة الايطالية روما بتاريخ 17/7 1998م و توج باقرار نظام روما الأساسي و يطلق عليه البعض ميثاق روما الناظم لعمل المحكمة  و يشكل مرجعيتها القانونية ، و هذه المحكمة دائمة و ليست مؤقتة لقضية معينة كمحكمة رفيق الحريري أو محكمة يوغسلافيا السابقة ، و هي و ان كانت مستقلة الا انها ذات علاقة بمنظومة الامم المتحدة سيما مجلس الامن الذي له بموجب الفصل السابع من ميثاق المنظمة الأممية و وفقا للمادة (13) من هذا النظام احالة القضايا عليها و هذه المحكمة كانت انبثاقا و ترجمة لضمير انساني متصاعد لمحاسبة مرتكبي الجرائم الخطيرة التي تثير قلق المجتمع الدولي و عدم افلات مرتكبيها من العقاب كما أن ولايتها مكملة للولاية القضائية الجنائية الوطنية للدول الأعضاء و غير نافية لها ، بيد أن هذا النظام الاساسي للمحكمة دخل حيز النفاذ عمليا بتاريخ 1/7/2002 م و لا يسري بأثر رجعي على الجرائم السابقة له كما أنه للمحكمة ان تمارس وظيفتها في اقليم أية دولة طرف فيها .
ووفقا للمادة الخامسة من نظامها تختص المحكمة في أربعة أنواع من الجرائم هي : جريمة الابادة الجماعية و الجرائم ضد الانسانية و جرائم الحرب و جريمة العدوان، ووفقا للمواد التالية المفصلة لها فجميعها تنطبق على جرائم العدو الاسرائيلي ضد شعبنا سيما مجازر غزة الاخيرة الى جانب جريمة الاستيطان التي يصنفها نظام المحكمة كجريمة حرب " النقل المباشر وغير المباشر لقوة الاحتلال لسكانها المدنيين الى الأراضي التي تحتلها ".
و يتميز نظام المحكمة  بالنص على المسؤولية الجنائية الفردية دون الاعتداد بالصفة الرسمية  للمجرمين أياً كانت سياسية او عسكرية و لا تسقط هذه الجرائم بالتقادم ، و تتكون اجهزة المحكمة من هيئة الرئاسة و التي تضم رئيس و نائبين له أول و ثاني إلى جانب جهاز الادعاء العام الذي تترأسه المدعية العامة بنسودا و التي تنتخب مباشرة من جمعية الدول الاطراف و قلم المحكمة ( جهاز تسجيل القضايا و ادارتها )، و تنقسم هيئات المحكمة فيها إلى ثلاثة مستويات: الشعبة التمهيدية وهي توازي قاضي التحقيق الجزائي في القضاء الجنائي الوطني و تضم هيئة  لا تقل عن (6) قضاة، و شعبة ابتدائية و هي محكمة درجة أولى وهيئتها ايضاً لا تقل عن (6) قضاة، وشعبة الاستئناف و هي محكمة درجة ثانية و نهائية و تضم الرئيس و 4 قضاة، و للمحكمة وفقا لنظامها قواعد اجرائية و اثبات عادية و هي تفصل في القضايا الجنائية باصدار عفويات جزائية و أيضا تنظر في دعاوى الحق المدني المرتبطة بها من خلال الحكم بالتعويض وجبر الأضرار و الخسائر من خلال صندوق استئماني تابع لها ، و تطبق المحكمة القانون الدولي سيما الانساني منه إلى جانب المعاهدات الدولية و المبادئ العامة للقانون، و للمحكمة لغات رسمية ست بينها العربية، و تنظرالمحكمة في الدعاوى بعد التحقيق فيها من قبل الادعاء العام الذي يباشرها بواحدة من ثلاثة طرق فإلى جانب اختصاص مجلس الأمن - كما اشرنا اليه سابقا - هنالك الاحالة الى المدعي العام من طرف الدولة العضو في النظام او المدعي العام من تلقاء نفسه على أساس جرائم تدخل في اختصاص المحكمة و لكن بعد اذن من الدائرة التمهيدية للمحكمة وفق معايير و أسس معينة و لا يعفي صدور أحكام قضائية من المحكمة من التطبيق الوطني للعقوبات والقوانين الوطنية للدول الاعضاء .
التحرك الفلسطيني للمحكمة
ان العدو الاسرائيلي قد وظف كل طاقاته العسكرية و السياسية و الدبلوماسية و الاقتصادية و الاعلامية  ... وغيرها ضد شعبنا بهدف تركيعه و كسر ارادته و بالتالي الرد الفلسطيني عليه ينبغي أن يكون شاملا ومماثلاً، و لا مناص في ظل هذه الجرائم التي تعتبر حرب ابادة حقيقية ضد شعبنا من اللجوء لمنبر القضاء الجنائي الدولي( المحكمة الجنائية الدولية ) لملاحقة قادة الاحتلال و فتح معركة قانونية قضائية بموازاة معركة الميدان و هي خطوة نضالية جريئة  و مهمة للتصدي للعدو في كافة الساحات و المحافل الدولية و ان نظام روما المؤسس للمحكمة يكفل لنا ذلك بشكل واضح و صريح لا يقبل التأويل كما أن آلية ذلك لابد - ووفق النظام دائما - أن يمر بشكوى إلى الادعاء العام ( النيابة العامة ) للمحكمة و ذلك باحدى الطريقتين المتاحتين: الأولى بشكوى من دولة فلسطين بعد الانضمام للنظام المحكمة و المصادقة عليه الى الادعاء العام للمحكمة كدولة عضو في المحكمة و الثانية من خلال شكوى مباشرة للمدعي العام للمحكمة التي من صلاحيتها إذا اقتنعت باختصاص المحكمة و توفر الادلة و البنيات و بعد موافقة الدائرة الاتهامية للمحكمة أن تباشر الدعوى القضائية أمام المحكمة، بيد أن الطريق الثانية صعبة ووعرة و شائكة لأسباب عديدة – قد لا يتسع المجال هنا للاسهاب فيها – ويكون فيها الادعاء العام عرضة لضغوط كبيرة، ويبقى الخيار الأيسر امامنا هو الانضمام السريع للمحكمة من خلال تقديم طلب للمصادقة على النظام الاساسي لها و هو مكفول لنا باعتبارنا دولة في منظومة الامم المتحدة بعد قرار الجمعية العامة في نوفمبر 2012 م وان كانت عضوية غير كاملة. 
و بالنسبة للتخوفات من دعوى اسرائيلية مماثلة أمام المحكمة ضد نشطاء المقاومة الفلسطينية فإن اسرائيل دولة غير طرف في نظام روما كما أن ربيبتها الولايات المتحدة غير عضو أيضا بعد أن وقعت النظام في عهد الرئيس كلينتون ثم عادت لسحبه في عهد بوش الابن هذا من جهة، و من جهة اخرى فلا خشية على المقاومة من أية تحقيقات فالحرب الأخيرة محل هذه الدعوى هي حرب دفاعية ضد العدوان الصهيوني و أن المقاومة في عمليات الاستهداف كانت ضد الجنود الصهاينة في الميدان جثث قتلت منهم العشرات وأصابت المئات و تدخل في اطار الدفاع المشروع عن النفس و أن الاستهداف غير المتعمد لبعض المدنيين داخل اسرائيل لا ترتقي قانوناً كأفعال إلى الجرائم الخطيرة التي نصت عليها أحكام النظام الأساسي فضلاً عن أن حق المقاومة مشروع للشعب الفلسطيني وفقاً للمواثيق و القوانين الدولية و بالتالي فهي أفعال غير مجرمة لدى المحكمة المذكورة  .
نحو موقف عملي و موحد
ان انجاز هذا الهدف الوطني الكبير ضد العدو و جرائمه و لانجاح هذه الخطوة لابد من سلسلة من الاجراءات و الخطوات العملية الهامة و التي يمكن انجازها فيما يلي : -
1.تشكيل لجنة قانونية وطنية عليا تسمى مثلاً ( اللجنة الوطنية لملاحقة جرائم الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية ) على أن يكون لها صفة التمثيل للكل الفلسطيني بحيث تضم ممثلين عن منظمة التحرير و المجلس التشريعي و الرئاسة ووزارة العدل ووزارة الخارجية عن الحكومة و الجهاز القضائي و النيابة العامة و الجهاز الشرطي و الأمني الفلسطيني ونقابة المحامين ومنظمات حقوق الانسان المحلية و أساتذة القانون في الجامعات و ممثلين عن الفصائل الفلسطينية سيما فصائل المقاومة حماس والجهاد الاسلامي .
2.تقوم هذه اللجنة المكلفة التمثيلية - خلال اطار زمني محدد - باعداد دراسة متكاملة حول انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات و النتائج المتوقعة و تداعياتها  وآثارها، و مناقشتها في ورش عمل و لقاءات عديدة يدعى لها الفصائل الفلسطينية المختلفة و مؤسسات المجتمع المدني الى جانب الجهات الرسمية و ممثلو الرأي العام الفلسطيني تمهيدا لاقرارها و اعتمادها .
3.يصادق المجلس التشريعي على النظام الأساسي للمحكمة كبرلمان للشعب الفلسطيني و من ثم الرئيس محمود عباس الذي يوجه كتابا للمحكمة بمصادقة دولة فلسطين على النظام الأساسي لها و لتصبح عضوا في جمعيتها العامة التي تضم الاطراف المصدقة عليها و من ثم ترشح فلسطين مفوضا لها لدى المحكمة من خبراء القانون المتميزين في بلادنا تكون اللجنة المذكورة مرجعيته الى جانب الجهات الرسمية.
4.تعكف اللجنة المذكورة مباشرة بعد ذلك بجرد جرائم وانتهاكات الاحتلال ضد شعبنا في المحرقة وتصنيفها وفهرستها وتوثيقها مدعمة بأدلة الاثبات المختلفة ضمن ملفات وبشكل مهني احترافي وفقا للمعايير الدولية ، وقد يكون من المناسب التنويه الى أن ذلك يتقاطع ويتكامل مع عمل لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مؤخرا مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة .
5.وبموازاة ذلك التقدم بالشكوى مباشرة إلى المدعية العامة للمحكمة تمهيدا للتحقيق فيها و من ثم رفع دعوى جنائية ضد قادة الاحتلال المتهمين وفي مقدمتهم رئيس وأعضاء حكومة العدو وقادة جيشه مع الحرص على المطالبة بالعقوبة للمجرمين والتعويض العادل للضحايا .
هذه الآلية هي الطريق السليم والصراط المستقيم لنيل حقوقنا وتحقيق أهدافنا وتلبية مطالب شعبنا وضحاياه المكلومين وهي آلية تعكس موقفا مهنيا وفق المعايير الدولية وموقفا وطنيا موحدا تجاه هذه الخطوة لملاحقة الاحتلال ومجرميه فلا يمكن مخاطبة العالم بألسنة عديدة ومواقف مشرذمة وفق معايير وأسس ثابتة, وسوى ذلك سنبقى في رحى الصراع الداخلي والتنافس المذموم الذي يشتت الطاقات ويضعف المواقف ويشمت الأعداء ولا نجني سوى الخسران والخيبة والفشل ولا نرتقي إلى دماء شهدائنا الخالدين وأنات جرحانا وحجم الدمار المهول الذي خلفه العدوان وننكر وصيتهم لنا بالثأر والقصاص من أعدائهم أعدائنا أعداء الشعب والأمة, فهل من معتبر ؟! 
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
296

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد