قصة نجاح: الطبيبة الأسترالية التي اقتحمت عالم التجارة والأعمال

سيدني/سوا/ الطبيبة غيني مانسبيرغ وهي تجلس بجانب طاولة مكتب صغير، وتكتب على لوحة مفاتيح كمبيوتر في مكتبها ذي الألوان الزاهية في سيدني.

وبينما تتفحص جدول أعمالها على شاشة الكمبيوتر، أرتني مانسبيرغ بالتفصيل كيف تقسم دقائق وساعات يومها في ذلك الجدول في صورة مربعات يُرمز إليها بألوان معينة.

تقول "لدي العديد من الالتزامات والأنشطة التي أشارك فيها".

بالإضافة لكونها طبيبة مشهورة على شاشات التلفزيون، تدير غيني عيادة طبية مزدحمة، وتدير شركتها الخاصة في مجال التجميل أيضاً. كما أنها عضوة في الكثير من مجالس الإدارة، وتحاضر في الجامعة، وتعمل كمستشارة لدى العديد الشركات الكبرى وتكتب مقالات بانتظام في إحدى المجلات.

وفوق كل ما ذُكر، فهي أمٌ لستة أطفال. لذا فأنا أصدقها عندما تقول إنها نادراً ما تسنح لها الفرصة لتناول وجبة الغداء، أو حتى الحصول على فترة راحة للاستحمام خلال يوم العمل.

الحظ

وقالت مانسبيرغ، بين أوقات معاينتها لمرضاها، عن تفاصيل تحولها إلى طبيبة مشهورة.

فهي أولاً تقول إنها لم تصل إلى ما هي عليه اليوم عن طريق تخطيط بالغ الدقة. ولكن مسيرتها المهنية تشكلت أساساً نتيجة الاحتياجات المتغيرة لعائلتها، بالإضافة إلى كثير من الحظ، حسبما تقول.

وبعد الحصول على شهادتها الجامعية في أواخر التسعينيات، وضعت مانسبيرغ أول أطفالها.

وتقول "كنت في الرابعة والعشرين من عمري ولدي طفل، وكنت سعيدة بذلك. وكان البقاء في البيت مفيدا بالنسبة لي في ذلك الوقت، لما يقرب من ستة أشهر، ثم تغيّر الحال بعدها".

لذا كان على مانسبيرغ أن تؤسس عيادتها، وتواظب على العمل فيها حتى بعدما وضعت طفلين آخرين. غير أنها لاقت صعوبة في ضبط أمورها العائلية والعمل لساعات طويلة، وخاصة أن تلك العيادة تتطلب جهداً كبيراً.

وحينها، وجدت مانسبيرغ نفسها مضطرة لإجراء تغيير آخر في حياتها، حسبما أخبرتني.

فقد عادت إلى مقاعد الدراسة مرة أخرى، ولكن في هذه المرة لتدرس الصحافة. وكان هدفها من ذلك هو استخدام معرفتها الطبية بطريقة أخرى، ومحاولة العمل من البيت.

تقول مانسبيرغ إنها بدأت أعمالاً متواضعة، من خلال كتابة تقارير خبرية طبية.

كما عملت في عيادة للعلاج من الإدمان خلال عطلة نهاية الأسبوع، وذلك لمساعدة صديق لها من الأطباء في تلك العيادة، وكذلك زيادة دخلها.

كانت الأمور تسير على ما يرام، أسهل مما كانت عليه في السابق عندما كانت تعمل بنظام اليوم الكامل، حسبما تقول. لكن حياتها الشخصية اتخذت مَنْحىً آخر إلى الأسوأ.

عثرات على الطريق

تقول مانسبيرغ "طُلّقت، وآلمني ذلك كثيراً على جميع المستويات".

وتضيف "إحدى الأمور الكبيرة غير المتوقعة هي أني كنت بحاجة لكسب كثير من المال، ولم أكن أقدر على ذلك لو واصلت ما كنت أقوم به".

وتتابع "رأيت إعلاناً في جريدة يطلب شخصاً لديه خبرات طبية وإعلامية، ليعمل مع جو هوكي (وزير الصحة والعناية بالشيخوخة في حكومة الظل في بلادها في ذلك الوقت)".

وعندما اتصلت هاتفياً لتستفسر أكثر، أخبروها أن الوظيفة لا تناسب في الحقيقة أماً، لأنها (الوظيفة) تتطلب جهداً كثيراً.

وبرغم ذلك قدمت مانسبيرغ أوراقها، وانتقلت مباشرة إلى العمل في ذلك المنصب المرتبط بمجال السياسة.

السياسة ووسائل الإعلام

عملت مانسبيرغ كمستشارة سياسية للسيد هوكي لمدة سنة قبل الانتقال سريعاً إلى عالم النشر.

وقد بيعت ثلاث نسخ تقريباً من أول كتاب لها بعنوان "لِمَ أنا متعبة إلى هذا الحد؟".

وقد آل مصير كتاب من تلك النسخ إلى مكتب رئيسة تحرير مجلة "صحة النساء"، في نفس الوقت الذي كانت رئيسة التحرير تبحث عن طبيبة لتنضم إلى طاقم العاملين في المجلة.

وبعد توقيعها للعمل لدى مجلة "صحة النساء"، اشترت شبكة إعلام "القناة الاسترالية السابعة" تلك المجلة، وتبث شبكة الإعلام هذه برنامجا إخباريا يحظى بشعبية واسعة، ويحمل اسم "إفطار الشروق".

وبدأت مانسبيرغ بعدها في تلقي طلبات للظهور في ذلك البرنامج للتحدث عموماً عن مواضيع تهمّ المرأة. وبمرور الوقت، رسّخت دورها باعتبارها طبيبة موثوقة على شاشة التلفزيون، ويستطيع عامة الاستراليين أن يرجعوا إليها.

ولكن، مع كل تلك الخبرة المتنوعة في جعبتها، تقول إنها لم تؤمن حقاً بأنها تشكل جهة معتمدة من الناحية التجارية، وذلك هو المجال الذي اعتقدت أنها ربما تريد الدخول فيه في وقت لاحق.

وتقول مانسبيرغ "عندما كنت صبية وامرأة شابة، كنت سأقول لك إنه لم تكن لدي أية فكرة عن المال، ولا أدنى فكرة عن مجال التجارة والأعمال. ولكن تبيّن أنني جيدة تماماً في التجارة والأعمال. في الحقيقة، لدي مهارات لم أدرك أنني أملكها".

إلى التجارة والأعمال

وبالتالي، توظّف مانسبيرغ اليوم جميع مهاراتها هذه في أعمالها المختلفة. وقد بدأت قبل أربع سنوات، مع زوجها الحالي دانيال روبنشتاين، في إنشاء "مركز أورورا للعناية"، وهو مركز أهلي يقدم خدماته في مجال العناية بالبشرة لمكافحة الشيخوخة.

وقد خطرت لها تلك الفكرة أثناء تناول وجبة من البيتزا مع النبيذ، حسبما تقول. أما تحويل الفكرة إلى شركة كاملة تستوفي كل الشروط، فقد مر بمنعطفات حادة.

وتوضّح قائلة "رأيت كثيراً من المشاريع والشركات الصغيرة التي استبقت الأمور ولم تستعد بشكل صحيح؛ وقد جاء أصحابها بأفكار عظيمة ولكنهم ضيعوا كل سيولتهم النقدية".

وتتابع "ولكننا كنا معتدلين في حساباتنا، وحذرين جداً، وتمكنّا من المحافظة على كل جوانب علامتنا التجارية عن طريق ضمان عدم استنزاف سيولتنا النقدية".

ويبدو أن تلك الاستراتيجية في مجال التجارة والأعمال قد نجحت. في هذه السنة، أطلقت مانسبيرغ وزوجها موقعا على الانترنت للبيع بالتجزئة، ودخلت تجارتهما السوق الصينية.

تقول مانسبيرغ "تشهد شركتنا اليوم نجاحاً وازدهاراً منقطع النظير، وهو ما يجعلني أكثر تحمساً لها".

وبينما كنا على وشك الانتهاء من حديثنا معها، سألتُ مانسبيرغ عن وصفتها للنجاح والتوفيق. فأخبرتني أن المسألة بسيطة، وقالت "أعتقد أنك تحتاج إلى الإيمان حقاً بما تقوم به".

وأضافت "إذا أحببت ما تقوم به، والأهم من ذلك، إذا أبقيت على أخلاقياتك وحافظت على كرامتك ومبادئك، واستطعت أن تبقي رأسك مرفوعاً، فإن حياتك ستكون أكثر سلاسة".

 

 

 

 

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد