ذُكِر في الأخبار نقلاً عن وكالة وفا الفلسطينية الرسمية خبر استقبال السيد الرئيس محمود عباس مساء السبت الماضي في مقر اقامته بالعاصمة الفرنسية باريس السيدة مريم رجوى رئيس ( المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ) في الخارج , وجاء في تفاصيل الخبر أن السيد الرئيس قد أطلعها على تطورات القضية الفلسطينية , واستمع منها إلى شرح حول مؤتمر المعارضة الإيرانية السنوي الذي عُقد مؤخراً في العاصمة الفرنسية باريس , ولم يوضح الخبر هل هذا اللقاء عُقد بطلب من السيد عباس أم السيدة رجوى ؟ وفي كل الأحوال فإن السؤال الأهم الذي يحتاج إلى إجابة هو : ماذا يريد السيد الرئيس من مريم رجوى ؟
فمن المعروف في مبادئ وقواعد السياسة الخارجية لأي كيان سياسي – دولة أو منظمة أو حركة تحرر – أن لقاءات مسؤوليها السياسيين مع الأطراف الأخرى تقع في إطار سياستها الخارجية , التي تُعتبر تلك اللقاءات إحدى أدواتها ووسائلها وفعالياتها لتحقيق أهدافها في المجتمع الدولي , وتخضع للإطار السياسي العام الذي يخدم الكيان السياسي الذي يمثله أولئك المسؤولون , لا سيما إن كان من يقوم بهذه اللقاءات المسؤول الأول في ذلك الكيان السياسي كالسيد الرئيس محمود عباس الذي يقف على رأس النظام السياسي الفلسطيني كرئيس للمنظمة و فتح والسلطة الفلسطينية .
وبناءً على ذلك أين نضع لقاء السيد الرئيس بالسيدة مريم رجوى بصفتها تقف على رأس أكبر إطار سياسي للمعارضة الإيرانية في الخارج وهو ( المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ) وهو ائتلاف واسع أهم مكوناته منظمة (مجاهدي خلق) التي كانت السيدة رجوى لسنوات طويلة زعيمتها , تلك المنظمة ذات الايديولوجية الخليط بين الإسلام والماركسية والتي تبنت ( الكفاح المسلح ) طريقاً لإسقاط نظام الحكم الإسلامي الثوري في إيران , هذا الكفاح الذي أدى إلى اغتيال الكثير من رموز الحكم في إيران والكثير من العلماء في المجال النووي الإيراني , وتدمير الكثير من المنشآت الاقتصادية الإيرانية , وقدمت معلومات استخبارية لأعداء إيران في الغرب أضرت بأمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية .
وفي المقابل فإن السيدة رجوى ومنظمتها المعارضة تعادي نظام حكم يقف منذ قيامه في العام 1979 في الخندق الداعم للقضية الفلسطينية , مهما اختلف معه الآخرون في قضايا آخري , ومهما اختلف المحللون في أسباب دعمه لفلسطين : القضية والشعب والمقاومة , فنحن نتحدث عن حقائق فعلية تختص بدعم الجمهورية الإسلامية في إيران للقضية الفلسطينية ، ولا نتحدث عن قضايا أخرى مُختلفٌ عليها أو تفسيرات وتحليلات مستنتجة مختلفة لهذا الدعم ترجع لاختلاف الإطار المرجعي السياسي والفكري الذي ينتمي إليه هؤلاء المفسرون والمحللون . وهذه الحقائق تؤكد وقوف إيران الثورة والدولة إلى جانب الحق الفلسطيني منذ انتصار الثورة وتأسيس الدولة ابتداءً من مؤسسها الإمام الخميني الذي أمر بإغلاق السفارة الاسرائيلية في طهران وتسليم مفاتيحها لزعيم الثورة الفلسطينية آنذاك الشهيد ياسر عرفات عندما استقبله كرئيس دولة في مقر اقامته بطهران , وحتى اليوم لا زالت تدعم المقاومة الفلسطينية بكافة وسائل الدعم المُتاحة بتأكيد قادة فصائل المقاومة الفلسطينية .
وبناءً على ذلك فأي مصلحة يُمكن تحقيقها لفلسطين – الشعب والقضية والمقاومة – من لقاء السيد الرئيس بزعيمه المعارضة الإيرانية , وأي منفعة تعود علينا من هذا اللقاء مع شخصية تقف على رأس منظمة شديدة العداء لدولة داعمة للقضية الفلسطينية وتُصنفّها كمنظمة إرهابية , أم أن السياسة الخارجية الفلسطينية الرسمية تُبنى على أسس أخرى لا نفهمها كغيرها من الأفعال والأقوال العديدة مؤخراً للمسؤولين الرسميين الفلسطينيين التي لم يعد أحدٌ يفهمها من عامة الشعب أمثالي ولا يفهمها إلاّ كبار الساسة وعليّة القوم وعباقرة التكتيك , وربما هي من أسرار الأمن القومي العُليا التي لا يعرفها إلا الرئيس وتُحجب عن غيره حتى أقرب المقربين إليه .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية