تقرير: سلطات الاحتلال تلتف على القانون للنيل من الأسرى
رام الله /سوا/ أكد مركز الأسرى للدراسات في تقرير نشره اليوم الخميس عن عشرات الانتهاكات التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق المعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية.
وشمل التقرير العديد من قضايا الاعتقال والتحقيق والتعذيب والمحاكم العسكرية الردعية غير القانونية، بتحريض من الحكومة والاعلام الاسرائيلي، وبالتغطية القانونية من جهاز القضاء والمحاكم الصورية، وبتنفيذ من إدارة مصلحة السجون الاسرائيلية.
وبيَن المركز أن سلطات الاحتلال استخدمت قانونها الداخلي وقضائها العسكري وغير العسكري لتبرير اعتقال الفلسطينيين، وقامت بإصدار العشرات من الأوامر العسكرية.
ونفذت عمليات الاعتقال استنادًا إلى الأمر العسكري رقم (378) الذي يجيز للاحتلال اعتقال وتوقيف الفلسطينيين دون إنذار أو حتى تقديم مبررات مقنعة.
وقد جرت عادة اسرائيل على إحالة جميع القضايا المتعلقة بمعتقلين أو موقوفين من الفلسطينيين إلى محاكم عسكرية، وأن يتم اعتقال واحتجاز الفلسطينيين في سجون ومعتقلات داخل إسرائيل وليس داخل الأراضي المحتلة .
وأضاف المركز أن المحققين انتهجوا سياسة تحقيق وتعذيب بطرق محرمة وممنوعة دولياً، وأصبح التعذيب قانونًا مشرعًا من قبل حكومة إسرائيل، رغم المكانة الشرعية والقانونية، وحق الأسرى المشروع بمقاومة الاحتلال وفق اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة وقرارات الأمم المتحدة.
وقال المركز أن دولة الاحتلال اعتمدت على سياسة التكييف القانوني لمصالحها السياسية والأمنية.
وسنَت الأوامر العسكرية لفرض السيطرة على حياة السكان الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال بدون الالتزام بقواعد القانون الدولي الانساني، التي كان من المفروض أن تشكل الإطار القانوني الأساسي لترتيب تعامل دولة الاحتلال مع السكان الفلسطينيين وواقع حياتهم تحت الاحتلال.
وعلى إثر ذلك صدر الأمر العسكري بنقل جميع الصلاحيات للسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية للحاكم العسكري، ومنذ أيلول (سبتمبر) 1967م فرضت المحاكم العسكرية الإسرائيلية سطوتها على كافة جوانب الحياة للفلسطينيين.
وبدأت سلطات الاحتلال تخضع إجراءات الاعتقال في المناطق المحتلة، وطريقة معاملتهم، لسلسلة من الأوامر العسكرية التي تصدر عن القادة العسكريين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة ، وترفض المحاكم العسكرية الإسرائيلية تطبيق تعليمات القانون الدولي ، بالرغم من مصادقة اسرائيل على اتفاقيات جنيف الأربعة وعلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وعلى اتفاقية مناهضة التعذيب 1984م.
ولم تعترف بالأسرى الفلسطينيين كأسرى حرب سواء قبل توقيع اتفاقيات أوسلو أو بعد ذلك ، وظلت معاملتها لهم تنطلق على أساس اعتبارهم "مجرمين وإرهابيين أو مقاتلين غير قانونيين".
وأكد مدير المركز الدكتور رأفت حمدونة أن هناك اجماع قانوني وقيمي وأخلاقي وانساني يتفق عليه الجميع في معاملة (الأسرى والمعتقلين في السجون) والتأكيد على حقوقهم الإنسانية والآدمية، وفقاً للمادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربع والتي تطالب بمعاملة إنسانية لجميع الأشخاص (الأسرى والمعتقلين) سواء، وعدم تعريضهم للأذى، وتحرم على الدولة الآسرة الإيذاء أو القتل، والتشويه، والتعذيب، والمعاملة القاسية، واللاإنسانية، والمهينة، واحتجاز الرهائن، والمحاكمة غير العادلة).
وشدد على مواد اتفاقيات جنيف الأربع على الحقوق الإنسانية والأساسية للأسرى في مكان الاعتقال وشروطه، في الغذاء والملبس، والشروط الصحية والرعاية الطبية، والدين والأنشطة الفكرية والبدنية، والملكية الشخصية والموارد المالية، والإدارة والنظام، والعلاقات مع الخارج، والعقوبات الجنائية، ونقل المعتقلين، والوفاة، والإفراج والإعادة إلى الوطن.
وأضاف حمدونة أن هناك حقوق إنسانية تضمنتها البروتوكولات والأخلاقيات المتمثلة في: المبادئ الأساسية المتعلقة بحقوق الأسرى، والمتمثلة بتوفير الطعام والشراب والكساء، وتوفير السكن المناسب لهم، وعدم تكليفهم بما لا يطيقون، وعدم إكراههم على تغيير معتقداتهم، وتوفير العناية الصحية والعلاجية اللازمة لهم، ومواساة أهل الأسير، وتوفير الاتصال الخارجي للأسير والمراسلات والزيارات بينه وبين أهله.
إضافة لعدم قتل الأسرى مع الحفاظ على حياتهم، وعدم تعذيبهم بدنيًا أو معنويًا، وحقهم في المعاملة الإنسانية، وفي احترام أشخاصهم وشرفهم في جميع الأحوال، وفي ممارسة الشعائر الدينية.
كما يحق لأسرى الحرب ممارسة نشاطهم الفكري والثقافي والرياضي ، ويسمح لهم بإرسال الرسائل والبطاقات واستلامها، ولقد اعتبرت اتفاقية جنيف لعام 1949م أسرى الحرب وديعة لدى الدولة الحاجزة وليسوا رهائن أو مجرمين.
ودعا حمدونة للضغط على دولة الاحتلال لوقف انتهاكاتها بحق الأسرى الفلسطينيين في ظل تصاعد سياسة إعدام الأسرى بعد الاعتقال بشكل ملحوظ، وتعدد وسائل وأساليب التعذيب الجسدي في زنازين الاحتلال.
وتتنوع الأساليب بدءاً بتغطية الرأس بكيس ملوث ، وعدم النوم ، وعدم العلاج ، واستخدام الجروح في التحقيق ، ووضع المعتقل في ثلاجة ، والوقوف لفترات طويلة ، وأسلوب العصافير وما ينتج عنه من تداعيات نفسية، واستخدام المربط البلاستيكي لليدين ، رش الماء البارد والساخن على الرأس ، وتعرية الأسرى ، واستخدام الضرب المبرح ، وربطهم من الخلف إما على كرسي صغير الحجم، او على بلاطة متحركة بهدف إرهاق العمود الفقري للأسير وإعيائه.
بالإضافة إلى استخدام القوة المبالغ فيها أثناء التحقيق والقمع ، والشبح لساعات طويلة بل لأيام ، إلى جانب استخدامها أساليب الهز العنيف للرأس الذي يؤدي إلى إصابة الأسير بالشلل او إصابته بعاهة مستديمة وقد يؤدي للوفاة ، و(الشبح) أنواع سواء ما تمثل في (الإجبار على الوقوف فترات طويلة)، أو (الوقوف رافعًا اليدين)،أو(ربط الأيدي بالأرجل من الخلف) .
وأكد حمدونة أن لكل أسير وأسيرة فلسطينية قصة مرعبة لأشكال وأساليب التحقيق وما مارسه المحققون في المسالخ والزنازين التي فاقت كل توقعات البشر والآدميين.
وأضاف أن أجهزة الأمن الإسرائيلي تتعامل مع الشعب الفلسطيني من منظور أمني وعدائي بحت، من خلال اطلاق العنان للمحقق والسجان والقاضي العسكري في تعنيف وإرهاب المعتقلين والانتقام منهم بشتى الوسائل، كالتعذيب والترهيب والاستهداف الأمني والأخلاقي والحرمان من الحقوق الإنسانية والأساسية، والتعامل بمنطق العداء والكراهية والقولبة الأمنية والسياسية السلبية والتحريض الاعلامي، والأحكام الردعية المستندة للمزاج العسكري.