[سيرة].. كاميرون الرجل الذي اطلق عملية خروج بلاده من الاتحاد الاوروبي

ديفيد كاميرون

 لندن / سوا / سيسجل اسم المحافظ ديفيد كاميرون في التاريخ باعتباره رئيس الوزراء البريطاني الذي أطلق عملية خروج بلاده من الاتحاد الاوروبي، مع انه كان يسعى الى عكس ذلك تماما.

وما حصل مع كاميرون هو انقلاب السحر على الساحر. وكان قد أعلن عام 2013 استعدادا للانتخابات التشريعية لعام 2015، عزمه على تنظيم استفتاء حول بقاء بريطانيا او خروجها من الاتحاد الاوروبي، مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر وما يثيره من انقسام داخل حزبه.

وبالنتيجة خسر كاميرون حزبه ومصداقيته ومنصب رئيس الوزراء.

وازاء نتيجة الاستفتاء المعاكسة لما أراد، لم يكن امام كاميرون الا اعلان استقالته غداة يوم الاستفتاء الذي نظم في 23 حزيران/يونيو.

وتصبح الاستقالة نافذة الاربعاء حين يقدمها الى الملكة اليزابيث الثانية ليترك المكان لوزيرة داخليته تيريزا ماي.

وكانت مفارقة كاميرون انه عمل لاشهر كرئيس وزراء على الدفاع عن بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي، متوقعا الاسوأ في حال خرجت من الاتحاد. مع ان كاميرون في الاصل من المشككين في الفكرة الاوروبية.

- تحديث الحزب القديم-

وكاميرون (49 عاما) سليل الاسرة الثرية والاب لثلاثة اطفال، لم ينجح أبدا في اثارة شغف الجمهور سواء داخل حزبه او بين الناخبين.

ولخص شارلز مور الصحافي وكاتب السير شخصية كاميرون بقوله "انه متعلم لكنه ليس مثقفا، يبدي تصميما من دون ميول هيمنة، صاحب كياسة من دون ان يتعالى(..) انه مؤمن لكن ليس كثيرا. ولهذه الشريحة من البشر حدودها، فهي تتصف بغياب التميز وغياب الشغف والنزوع الى الرضى عن الذات، لكنها مع ذلك سيطرت في الماضي على العالم".

وتلقى كاميرون تعليمه في ثانوية ايتون الراقية التي درس فيها ايضا خصمه بوريس جونسون الذي كان في تلك الفترة يبدو اكثر اشعاعا وتميزا، بحسب كاتب سيرته مايكل اشكروفت.

ثم درس في اكسفورد ودخل عالم السياسة.

وكان مساره مثل افراد النخب البريطانية بلا مشاكل وصعد نجمه سريعا حتى تولى منصب رئيس حزبه قبل 11 عاما.

وكان يريد حينها تحديث الحزب القديم واضفاء مسحة معاصرة على الفكرة المحافظة. كما كان يأمل ان ينهي الانقسام بشأن اوروبا التي كانت سبب تصفيات حسابات دامية ادت خصوصا الى الاطاحة بـ "السيدة الحديدية" مارغريت تاتشر.

وولدت فكرة الاستفتاء في اوج صعود حزب الاستقلال (يوكيب) الشعبوي والمناهض للفكرة الاوروبية اثناء الانتخابات الاوروبية في 2014 مع عين على الانتخابات التشريعية لعام 2015.

- النزول الى الجحيم-

ونجح كاميرون في تحقيق فوز حزبه في تلك الانتخابات بل انه تمكن من نيل الاغلبية المطلقة تاركا جانبا حليفه حزب الاحرار الديموقراطيين.

كما نجح في اختبار استفتاء آخر هو استفتاء استقلال اسكتلندا في 2014 التي اختار ناخبوها البقاء ضمن بريطانيا.

وتوقفت دائرة النجاح تماما مع الاستفتاء الاخير بشأن الاتحاد الاوروبي.

ويمكن ان يفخر كاميرون بانه ترك اقتصادا نشطا مع نسبة نمو ايجابية ونسبة بطالة ضعيفة نسبيا.

لكن سياسة التقشف التي طبقها بضراوة مضاعفة اثر انتهاء حلفه مع الاحرار الديموقراطيين، أدت الى تنامي الفقر والهشاشة الاجتماعية. واثارت معاملة الفئات الهشة صدمة حتى داخل مجلس اللوردات وداخل حزبه ما اضطره الى تخفيف بعض الاجراءات.

وتحت قيادة كاميرون قبل حزب المحافظين زواج المثليين في 2014 وهو تطور يشير اليه بفخر.

ومن الصدف ان تزامن سقوط كاميرون مع نشر لجنة برلمانية تقريرها الذي ادان طريقة دفع رئيس الوزراء العمالي الاسبق توني بلير، ببلاده لخوض حرب العراق.

وتقاطع بذلك مصير نجمين من نجوم السياسة البريطانية انتهت مسيرتيهما بوصمة عار.

لكن بخلاف بلير فان كاميرون لم يتشبث أبدا بالحكم، وكان اعلن انه لن يترشح للانتخابات القادمة في 2020 حتى قبل الاستفتاء الاخير، مشيرا الى ان لديه اشياء اخرى مهمة في الحياة وخصوصا اسرته.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد