منصور: عدم محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها يزيد من غطرستها

المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور

واشنطن / سوا / قال المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور إن عدم محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها من شأنه أن يزيد من غطرستها واحتقارها للقانون.

جاء ذلك في كلمته أمام مجلس الأمن، في جلسته المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط، بما فيها قضية فلسطين.

وذكر السفير منصور أن مجلس الأمن يجتمع على خلفية الوضع شديد التوتر في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، والجمود المستمر في الجهود المبذولة لخلق أفق سياسي لحل الصراع المدمر والمأساوي وعلى خلفية المبادرات الإقليمية والدولية الجارية الرامية إلى إنقاذ حل الدولتين واحتمالات السلام، و"لكن للأسف، لم تؤت تلك المبادرات ثمارها ولا تزال الإرادة السياسية غائبة للعمل بمسؤولية وجرأة، وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، من أجل تحقيق العدالة وحقوق الإنسان، ومن أجل السلام والأمن".

وأضاف أن الدول العربية تواصل مد أياديها للسلام، داعمة للحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما في ذلك تقرير المصير والاستقلال، في حين تسعى أيضا ل فتح عهد جديد من السلام والاستقرار والأمن في المنطقة.

 وتابع: "لأكثر من 14 عاما، وفرت مبادرة السلام العربية مسارا جريئا إلى الأمام ولا تزال إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، تقلل من أهمية هذه المبادرة وتعرقل إحياء أفق سياسي على أساسها، كما أن إسرائيل رفضت أيضا الجهد متعدد الأطراف من أجل السلام في إطار المبادرة الفرنسية لإنشاء فريق الدعم الدولي من أجل تحقيق السلام الفلسطيني-الإسرائيلي، ووضع الأسس لمؤتمر دولي للسلام يهدف إلى جمع الأطراف معا لإيجاد حل نهائي للصراع.

 

وتطرق السفير منصور إلى التقرير الأخير الصادر عن اللجنة الرباعية قائلا "إنه للأسف لم يرق إلى مستوى التوقعات، حيث فشل في التعاطي مع الاحتياجات العاجلة لهذه المرحلة الحرجة وفي الاعتراف بخطورة الاحتلال الأجنبي الإسرائيلي لأرضنا قرابة 50 عاماً وكونه المصدر الرئيس لعدم الاستقرار والعنف والانتهاكات التي نشهدها، وأثره على كل جوانب حياة الفلسطينيين جيلاً تلو الآخر وإجبارهم على العيش في حالة دائمة من القهر والبؤس وحرمانهم من كل حق من حقوق الإنسان". وأضاف "أنه لما يقرب من خمسين عاما من الاحتلال وأكثر من عشرين عاما من المفاوضات وما يقرب من سبعين عاما على جدول أعمال الأمم المتحدة، لا تزال قضية فلسطين دون حل، وكنا نتوقع هذه المرة أن ترتفع اللجنة الرباعية إلى مستوى مسؤولياتها وتقدم توصيات جريئة لمواجهة التحديات الرئيسة، بما في ذلك قضايا الوضع النهائي بهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية، وتحقيق الحل القائم على دولتين، دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة والمتواصلة جغرافيا والقابلة للحياة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن على أساس حدود ما قبل عام 1967، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أساس قرار الجمعية العامة 194 (III)، ولكن للأسف، لم يكن هذا هو الحال".

وأردف منصور أن القيادة الفلسطينية أعربت بوضوح عن خيبة أملها واستيائها العميق إزاء التقرير والطريقة التي تعامل بها مع القضايا الهامة والحساسة، وفشله الصارخ في التعامل بشكل صحيح مع الأفعال الجنائية والإجراءات غير القانونية والاستفزازات المستمرة التي ترتكبها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ضد شعبنا وأرضنا إلى جانب محاولات التقرير التماثل بين السلطة القائمة بالاحتلال والشعب المحتل والمساواة بين أعمال العنف الفردية والسياسات والممارسات المتعمدة من قبل السلطة القائمة بالاحتلال، التي هي مصدر هذا الصراع وكل العلل الناجمة عنه، وعلاوة على ذلك، يمثل التقرير محاولة أخرى لإدارة الصراع، بدلا من إعادة التأكيد على المبادئ والثوابت للتوصل إلى حل نهائي وعادل له وتحديد الوسائل للوصول إلى هذا الهدف في إطار زمني محدد وبدعم وضمانات دولية.

وقال إن التقرير يصف كل إجراء إسرائيلي على أنه "رد فعل" لعمل فلسطيني، بدلا من كونه جزءا من السياسات والممارسات الإسرائيلية المنهجية والمتعمدة لعقود طويلة، ومن بينها عمليات الاعتقال الإداري ضد الفلسطينيين، وهدم المنازل والإغلاقات والاستفزازات والاقتحامات للحرم الشريف وقتل قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدنيين الفلسطينيين، وكأن الأمن هو فقط حاجة وحق لإسرائيل، في حين يتجاهل التقرير حاجة وحق الشعب الفلسطيني في الحماية كشعب تحت الاحتلال.

وتابع أن تقرير اللجنة الرباعية لم يصف أعمال العنف المتواصل والتدمير والترويع والهمجية من قبل المستوطنين المتطرفين الإسرائيليين، بما في ذلك حرق أفراد عائلة وهم نيام في منزلهم على أنها إرهاب، في حين أن هذا ما يصف به الأعمال الفلسطينية، في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون بشدة من أعمال التحريض على العنف والكراهية الوحشية والتطرف العنصري من قبل المستوطنين الإسرائيليين والمتطرفين اليهود، وكذلك من قبل المسؤولين الإسرائيليين والزعماء الدينيين.

وذكر أنه مع اعتراف اللجنة الرباعية في تقريرها بالطبيعة المدمرة لبناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ومصادرة ممتلكات الفلسطينيين وهدم منازلهم، وبينما يخلص التقرير إلى أن كل هذه الإجراءات تقوض حل الدولتين، فإنه فشل في التأكيد على أن إسرائيل تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي من خلال تنفيذها لمخططاتها الاستيطانية والمستمرة والضم الفعلي للأرض الفلسطينية.

وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية في ردها على التقرير أعلنت موافقتها بشكل إستفزازي على بناء 800 وحدة إستيطانية جديدة في المستوطنات غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وحولها، و"هذا دليل آخر على أن عدم محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها من شأنه أن يزيد من غطرستها واحتقارها للقانون".

وتطرق السفير منصور إلى الوضع في قطاع غزة والحصار الإسرائيلي اللاإنساني وغير القانوني المفروض عليه، وذكر أن التقرير أهمل معالجة القضايا الأساسية والانتهاكات الصارخة التي ترتكبها السلطة القائمة بالاحتلال وفرضها العقاب الجماعي على ما يقرب من 2 مليون شخص وإرغامهم على العيش في أنقاض الحرب والحرمان الشامل.

واختتم السفير منصور كلمته بقراءة مقتطفات من رسالة وجهها رأفت بدران، والد الشهيد محمود بدران الذي قتلته قوات الاحتلال في الحادي والعشرين من حزيران الماضي، إلى المجتمع الدولي ذكر فيها: "نحن الفلسطينيين نريد العيش بسلام وحرية وعدالة ومساواة، نريد الكرامة الإنسانية الأساسية، بأن لا تنتهي حياتنا بشكل تعسفي، نريد أن نكون قادرين على معرفة أنه إذا ترك أطفالنا منزلهم، ليفعلوا ما يفعله غيرهم من الأطفال، كالذهاب إلى المدرسة، ولعب كرة القدم، والسباحة، أن حياتهم ليست معرضة للخطر. لقد فقد الكثير من الآباء والأمهات الفلسطينيين أطفالهم برصاص الإسرائيليين. أنا كأب حزين أكتب إليك اليوم أيها المجتمع الدولي الذي يسمح لإسرائيل بالإبقاء على احتلالها الوحشي لما يقرب من خمسين عاما، أنه بإمكانك أن تساعد في التأكيد على أن محمود هو من بين آخرين من فقدوا حياتهم، وأناشدك أن تطالب بمساءلة الحكومة الإسرائيلية والوقوف مع الدعوات من أجل الحرية والعدالة والسلام ".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد