هنا فقط يمكن أن تقود المرأة السعودية السيارة
الرياض / سوا / في ظل القوانين الصارمة التي تفرضها السلطات السعودية بما يتعلق بمنع المرأة من قيادة السيارة تحت طائلة السجن فإنه ليس بإمكان المرأة في المملكة العربية السعودية قيادة السيارات سوى في الملاهي ومن خلال سيارات التصادم اللعبة، إذ تنتظر النساء بفارغ الصبر “أسبوع النساء” لقيادة سيارات التصادم في الملاهي، على الرغم من وجود بعض القوانين التي تحكم قيادتهن هناك أيضًا.
صحيفة “ذا استراليان” الأسترالية الناطقة بالإنجليزية، نشرت تقريرًا حول أسبوع النساء ومعاناة المرأة السعودية، استهلته بالقول “تتخلص النساء السعوديات من الحجاب في أسبوع السيدات في ملاهي الشلال الترفيهية في جدة، ويتخلصن من العباءات السوداء ويرتدين أحدث الصيحات من السراويل الممزقة وقصات شعر الثمانينات.. ولكن بالنسبة لهن ليست تلك الساعات من الحرية في الملابس هي المهمة بل الخمس دقائق التي يقضينها خلف مقود السيارة حتى ولو كانت سيارات التصادم الترفيهية، والتي لا تقدمها معظم مدن الملاهي للنساء، ما يفسر طول الصفوف أمام عربات التصادم في أسبوع النساء”.
إلا أنه وحتى في “أسبوع النساء”، هناك بعض القوانين التي تحكم عربات التصادم، فليس هناك مجال للتصادمات العنيفة والسريعة، بل المسموح به بعض الاصطدامات منخفضة السرعة والكثير من الدوار وعلى الرغم من ذلك، فهن سعيدات لمجرد الانزلاق على أرض ملساء، وأكبر مخاطرة قد يواجهنها هي التقاط سيلفي أثناء التصادم ببعضهن.
وباستثناء المناطق النائية من المملكة، حيث تجلس في بعض الأحيان النساء البدويات وراء عجلة القيادة –تقدم حدائق الملاهي بيئة خالية من المتاعب للنساء تسهل عليهن صقل مهارات القيادة، ويمكن أن يكون ذلك جزئيًا وراء الطابور الطويل للسيدات على سيارات التصادم.
ويقوم الكثير من الكتاب والسياسيين، بمحاولات لإقناع السلطات برفع الحظر عن النساء لقيادة السيارات ومن أقوى الحجج هى أن النساء حتى العاملات منهن لا يستطعن تحمل تكلفة سائق.
ومع ذلك، ما يزال الكثيرون في المجتمع السعودي المحافظ رافضًا لقيادة المرأة، معتبرين أن السماح للنساء بالتحرك بحرية أكبر دون محرم معها، سيعرضهن إلى مشاكل في الشارع ومتاعب شخصية.
ومن ضمن المعارضين لقيادة المرأة “محمد بايع”، رغم أنه عبّر عن سروره عن القيادة بجوار النساء في عربات التصادم في الليالي المسموح بها بتواجد الجنسين، ولكن بارتداء النساء للملابس التقليدية.
وأضاف بايع، من مواليد الرياض الذي كان في إجازة في جدة، قائلًا “لا يوجد ضرر من القيادة في الملاهي، أما العالم الواقعي فهو شعور مختلف”، واصفا نفسه بأنه “شاب لطيف ولا يعاكس النساء، أما باقي الرجال فهناك الكثير ممن يغازلوهن”.
وأوضحت الصحيفة، أن منع النساء من القيادة جعل الكثير من تطبيقات الهواتف لطلب السيارات تزدهر ومن ضمنها شركة uber التي أعلنت أنها تلقت 3.5 مليار دولار من الاستثمارات من صندوق الثروة السيادية في السعودية.
بينما النساء في السعودية في الملاهي، يعتبرن عربات التصادم مرآة للعالم الواقعي الذي يعايشونه، ويحاولن من خلالها الوصول لأقصى سرعة ممكنة مثل النساء في أي مكان في العالم، وكذلك يصطدمن ببعضهن كما يفعل الرجال.
وعندما يأتي الوقت لتقود النساء في أوقات تواجد الجنسين في الملاهي، بمدينة أبها، تُسدل ستارة سوداء لتحجب رؤية النساء في الحلبة عن باقي المتواجدين في الملاهي، وتظل السيارات تدور في دوائر وتكون الحلبة هادئة مرة أخرى.
وحين تخرق إحدى النساء قواعد القيادة للنساء في عربات التصادم، وتقرر مطاردة النساء وتطلق الصيحات مثل: لا تصدمنني!…أنا أحاول القيادة”، فإنها تنال مقابل ذلك وابلًا من الصيحات الغاضبة.
وقالت سيدة تدعى “أروى النعيمي” وهي فنانة من جدة، والتي جعلت هذه الظاهرة في 2014 جزءًا من مشروع فني يدعى “never never land”: “عندما ذهبت إلى الملاهي في مدينة أبها ذات مرة وقررت الاستمتاع بقيادة سيارات التصادم، ومطاردة سائقات أخريات في حلبة اللعبة، تعرضت مقابل ذلك للكثير من الانتقادات والصرخات الغاضبة”.
ويعتبر بعض النساء سيارات التصادم بمثابة لعبة، وأن قيادة السيارة ليست بمشكلة، كما قالت طالبة تدعى “دارين تويجري” بحالة من اللامبالاة”: “إنها مجرد لعبة..وليست بصفقة كبيرة أو مشكلة”.
في المقابل، كانت دارين عكس فتيات أخريات، يعتبرن إمضاء الوقت في سيارة ملونة مفتوحة السقف أمرًا مهمًا، ويجب أن يستمتعن به، فكما قالت سماء بنت محفوظ، قبل انتقالها إلى الخارج للدراسة في الجامعة، أنها يجب أن تذهب إلى جدة لقيادة عربات التصادم “نحن لم نحصل على تلك الفرصة في المملكة، وهذا هو المكان المناسب للقيام بذلك”.
وذكرت سماء، 20 عامًا، أن صديقاتها الأثرياء أقل اهتمامًا، فهن لديهن سائقون، وفي غنى عن القيام بذلك.
وفي دولة تصل نسبة النساء العاملات إلى 23% فقط، في أسبوع النساء يأخذ جميع الرجال عطلات رسمية، وتتولى النساء جميع الوظائف في الملاهي والمحلات التجارية حتى الحراس وبائعات الفشار من النساء.
وعلى الرغم من أن دور السينما مازالت ممنوعة حتى الآن في السعودية، إلا أن هناك اثنتين في ملاهي الشلال الترفيهية، ولا تتعدى مدة الفيلم فيها 5 دقائق، ويعتمد على تقنية 3D والمؤثرات الخاصة من المقاعد المهتزة وبخاخات الماء.
بالنسبة للكثير من النساء عامل الجذب الأكبر في أيام النساء، هو خلو العالم من الرجال، وتقول نادية شمسان (33 عاما) إنها تذهب كل أسبوع لكي تتجول مع بناتها المراهقات بحرية، ولكى تسترخي على الأريكة في الهواء الطلق مرتدية الجينز وقميصًا منقوشًا.
ولكن ينتهي هذا كله بمجرد الخروج من بوابة الحديقة ليصطدمن بالواقع، ويجدن زحامًا مروريًا وتكدسًا بسبب وصول الرجال ليقلهن.
اعترفت الكثير من النساء اللواتي يذهبن لقيادة سيارات التصادم أنهن يتمنين القيادة خارج الأسوار العالية للحديقة، وربما يفعلن ذلك سرًا، فقالت بكل فخر واعتزاز السيدة جودي العميري، ربة منزل (27 عاما) إنها قادت السيارة بالفعل في الصحراء إذ في منطقة البدو يسمح للنساء بقيادة السيارات خارج حدود جدة.