مركز حقوقي:إطلاق النار على سيارة الفتى بدران كان متعمّدًا

الشهيد محمد بدران

رام الله / سوا/ قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، "بتسيلم"، مساء الخميس: إن إطلاق النار على سيارة كان يستقلها الفتى محمد بدران كان متعمّدًا وغير مبرر وهو نتيجة مباشرة لسياسة جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف المركز في تقرير له، أنه يوم الثلاثاء، الموافق 21-6-16، فجرًا أطلق الجنود النار حتى الموت على محمود بدران، (15 عاما)، من بيت عور التحتا، مما أسفر عن إصابة أربعة من أصدقائه.

واستهدف إطلاق النار سيارة استقلّها سبعة أشخاص في طريق عودتهم من سهرة في مسبح. في البداية، وأعلن الجيش أن الجنود أصابوا "إرهابيين كانوا يلقون الحجارة والزجاجات الحارقة على سيارات إسرائيلية في شارع 443"، ولكن في وقت لاحق تغيرت روايته وقال "إن الفتى قتل عن طرق "الخطأ" وأنّ شرطة التحقيقات العسكرية فتحت تحقيقًا لفحص ملابسات في الحادث. ومن التحقيق الميدانيّ  الذي أجراه اياد حداد، محقق "بتسيلم" الميدانيّ، يتبيّن الجنود أطلقوا النار الكثيف على السيارة المسافرة، دون أن يكون هناك مبرر لذلك.

وبين المركز: زهاء الساعة 1:30 فجرًا عاد سبعة من سكّان قرية عور التحتا عائدين بعد قضاء سهرة في المتنزه والمسبح المائيّ "لين لاند"، في قرية بيت سيرا. قاد السيارة عاهد هلال البالغ من العمر (21 عامًا) وسافر معه ستة فتية، كلهم أبناء عمومة، تحت سنّ (16) وهم داود أبو حسن، (13 عاما)، وشقيقه أمير، (16 عامًا)؛ هادي بدران، (15 عامًا)؛ محمود رأفت بدران، (15 عامًا)؛ مجد، (16 عامًا)وماجد (13 عامًا). وعندما اقتربت السيارة من ممرّ ضيق للمركبات الفلسطينية والذي يمرّ من تحت شارع 443، فتح الجنود الذين وقفوا في الشارع الذي فوقه، النار بشكل مكثّف على السيارة، من مسافة بين 40 و- 50 مترًا. وأصيب معظم الركاب جراء إطلاق النار، بما في ذلك سائق السيارة، الذي فقد السيطرة على سيارته وارتطم بالجدار.
وتابع: أصيب سبعة من الركاب جراء إطلاق النار: قتل محمود بدران على الفور وأصيب أربعة: السائق عاهد وأمير أصيبا بجروح خطيرة، هادي وداود بجراح متوسطة. بدأ المصابون في الهروب من السيارة ووجدوا مأوى في النفق. في وقت لاحق تمّ نقل أمير بدران إلى مستشفى اسرائيلي.

وذكر المركز أن هادي بدران، الذي أصيب بجروح متوسطة جراء إطلاق النار في يده وفي صدره، قال في إفادته بأنّه لم يلاحظ أي نشاط على الشارع قبل إطلاق النار وقال: "كنت جالسا في المقعد الأوسط. اقتربنا من ممرّ تحت جسر 443. كان الوضع طبيعيًا ولم يكن هناك ما يثير الشّك. فجأة أطلقت النيران تجاهنا. نظرت باتجاه مصدر الرصاص ورأيت مركبة مدنيّة بيضاء.  كان هناك رجلان بملابس مدنية وهم من أطلقوا النار علينا. كان هناك رصاص كثير. أصاب الرصاص السيارة وهشّم زجاجها وأصبنا وبدأنا في الصراخ. خفضت رأسي بين المقاعد. بعدها مباشرةً ارتطم السائق في الجدار الداعم للممرّ".

ووصف داوود بدران في إفادته لحظات الخوف خلال إطلاق النار وبعده: "اخترق الرصاص السيارة عبر السقف ومن جهة السّائق. كان هناك صراخ وفوضى في الداخل كنت خائفا ووضعت يدي على رأسي وخفضت رأسي بين ساقيّ. على ما يبدو أصيب السائق، ولهذا انحرفت السيارة وارتطمت بالجدار. في البداية شعرت أنني أصبتُ في اليد اليُسرى. عندما توقفت السيارة خرجت وهربت. وقفت تحت الجسر ثم شعرت بإصابة أخرى في الساق اليمنى. نزل مجد معي من السيارة ولكنه هرب في اتجاه آخر. ثم نزل الجميع واحدا تلو الآخر، باستثناء محمود. أصيبَ عامر أصيب في بطنه وسقط على الفور. أصيب هادي في اليد وأصيب السائق عاهد في الرأس وفي الصدر. لم يخرج محمود من السيارة وعندما ذهب مجد لتفقده اكتشف أنه فارق الحياة. الوحيدون الّذين لم يصابوا هم ماجد وماجد. تحدثت الى عائلتي ورويت لهم ما حدث ليسعفونا" .

وجاء في تقرير المركز انه من إفادات ركاب السيارة يتبيّن أنّ  جنودًا إضافيين وصلوا الى مكان الحادث بعد مدة وجيزة من إطلاق النار وقد حظروا على المواطنين الفلسطينيين وطاقم الإسعاف في سيارات الإسعاف الفلسطينيّة تقديم المساعدة للمصابين ولم يسمحوا أيضًا لطاقم الإسعاف الإسرائيليّ بالوصول إلى مكان الحادث لتقديم العلاج الطبي لمدة عشر دقائق. أحد قادة القوّة، اتّهم الأولاد المصابين برشق الحجارة، ولكنهم أروه ملابس السباحة والمناشف.

ويتبيّن من تحقيق المركز الحقوقي الاسرائيلي، أن إطلاق الجنود النار على السيارة المسافرة كان غير قانوني ويشكل انتهاكا لتعليمات إطلاق النار، والتي تسمح بإطلاق النار الفتّاك فقط في ظروف تشكّل خطرًا فعليًا وفوريًا على حياة أحد، وهي ظروف لم تكن في هذا الحادث.

وتشير تقارير إعلامية إلى أن الجنود الذين أطلقوا النار هم جنود وضباط الكتيبة "دوخيفات-الهدهد" للواء كفير، الذين مرّوا بالصدفة من المكان، ولم يتواجدوا في الخدمة العسكريّة. وقال مسؤولون عسكريون لوسائل الاعلام ان القوات فتحت النار على راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة، الذين سكبوا الزيت على الشارع، وأصابوا بشكل طفيف ركابًا في سيارة إسرائيليّة.

وقال المركز: في الواقع، أطلق الجنود النار على السيارة بطريقة تعسفية، دون أي إشارة إلى تورط الركاب برشق الحجارة أو الزجاجات الحارقة. واحتجز الجيش السيارة وجثة محمود بدران، وبالتالي لم يتسنّ لـ"بتسيلم" من فحصها، ولكن من أوصاف الشهود ومن حجم  الإصابات الموثقة يتبيّن أن إطلاق النار كان كثيفًا وتمّ توجيهه ناحية جسم السيارة نفسها، ومن الواضح أن الجنود مطلقي الرصاص عرفوا بأنّ الركاب المتواجدين داخل السيارة سوف يصابون. من الإفادات التي قدّمها ركّاب السيارة يتبيّن أن الجنود لم يتّخذوا كافّة الاحتياطات ولم يحاولوا تقليل إصابة الركاب.

وأكد المركز أن إطلاق النار من قبل جنود في هذه الحالة هو نتيجة مباشرة لسياسة الجيش، والتي تسمح، على الرغم من الحظر الرسمي في تعليمات إطلاق النار، بإطلاق النار الفتاك أيضًا في الحالات التي لا يكون فيها أيّ خطر على حياة أحد وحتى عندما يكون لدى الجنود وسائل أخرى، غير فتاكة.  هذه السياسة تلقى دعمًا عسكريًا من القيادات العسكريّة والسياسيّة العليا، والتي لا تفعل شيئا لتغييرها على الرغم من عواقبها الوخيمة.

وقال: على الرغم من أن جيش الاحتلال أعلن عن فتح  شرطة التحقيقات العسكرية باب التحقيق في ملابسات الحادث، لكن، وكما أوردت مركز "بتسيلم" في التقرير الذي نشرته في الشهر الماضي، يعمل جهاز تطبيق القانون العسكري أساسا كآلية تستّر وبالتالي لا يجب تعليق الآمال علي هذا التحقيق بأنّه سيؤدي إلى تغيير منهجيّ في سياسة الجيش وفي تحقيق العدالة.

هذا الاستنتاج الذي توصّل إليه مركز "بتسيلم" يتأسّس المعرفة المتراكمة جراء مئات الشكاوى المقدمة إلى جهاز تطبيق القانون العسكري على مدى سنوات عمله المنظمة، وعلى العشرات من ملفات شرطة التحقيقات العسكريّة التي درستها. وقد أدى كل هذا إلى إدراك لم يعد هناك أمل في تعزيز العدالة وحماية حقوق الإنسان من خلال جهاز يُقاس أداؤه من خلال قدرته على الاستمرار في التستر بنجاح على الخروقات القانونيّة وحماية المسؤولين.

ونظرًا لذلك، أعلنت منظّمة "بتسيلم" أنّها ستتوقف عن توجيه الشكاوى إلى جهاز تطبيق القانون العسكري. وكما أعلنت انها سوف تواصل التحقيق بدقة في أحداث من هذا النّوع، وإعلام الجمهور بها. وان نشر هذا التحقيق هو جزء من تجسيد هذه السياسة الجديدة.

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد