لو صدقت الاخبار، ويا ليتها تكون صادقة، ان تقدماً جدياً حدث فيما يتصل بمشروع جزيرة غزة .

 

الخرائط المنشورة تشير الى أنها جزيرة أحلام لا ينقصها الا سفن "LOVE BOAT " لتقل أهل المواصي والبريج والشجاعية ، الى جميع انحاء العالم مع ملامسة المياة الاقليمية الاسرائيلية بطول خمسة كيلومترات فقط.

 

أقول يا ليت هذه الاخبار تصدق، لأنني على الصعيد الشخصي والوطني والاجتماعي، احب غزة كثيراً وارتبط بعلاقات وثيقة مع أهلها من مخاتير وعلماء وكتّاب ومواطنين ولاجئين، واتمنى ان أرى اجيال غزة وهي تعرف ما وراء ايريز ورفح، التي يتخيلونها بفعل الغيتو الذي حشروا فيه سنوات بل عقود ، وأتمنى كذلك ان تصبح غزة سينغافورة الشرق الاوسط، فهي تاريخياً كانت مدينة حضارة، ومن حقها وحق أهلها الفلسطينيين ان يستأنفوا مسيرتهم الحضارية بكل حرية وعزة واحترام .

 

انتهيت من حديث الامنيات لأنتقل الى حديث الواقع والحسابات، فما الذي يعنيه مشروع الجزيرة بالنسبة للقائمين عليه وبالنسبة لاسرائيل التي هي من يقرر ان يظل هذا المشروع حبرا على ورق، ام يتحقق بشروط اكثر صرامة من شروط مطار غزة المدمر، وشروط المعابر المحكمة الاغلاق.

 

اسرائيل كما يقول الوزير كاتس المسؤول عن الفكرة ، انها تعيد تجنيد اهل غزة لمصلحة التعايش والسلام بخلق مصالح لهم في الحفاظ على الهدوء وعدم انتاج قوىً تهدد امن اسرائيل ، وستسمح اسرائيل بالبدء بالتنفيذ حين تضمن مصالحها الامنية بصورة كاملة، وهذا يعني وبترجمة اكثر وضوحاً لأقوال كاتس، ان المسمار الاول في بناء الجزيرة يجب ان يترافق مع المسمار الاخير في فكرة المقاومة ، وان واقع غزة المسيطر عليها من قبل حماس يجب ان يكون في امر العلاقة مع اسرائيل شبيها بالعلاقة مع السلطة بالضفة إبّان شهر عسل التنسيق الامني، لذا فإن اسرائيل لا تمانع ببناء الجزيرة اذا ما ضمنت سيطرة مطلقة عليها ، خصوصا وانها ستقام في المياه الاقليمية الاسرائيلية وهذا تطور غير مسبوق في التاريخ حيث المعابر جميعا والمطار اقيمت على اراضٍ فلسطينية وليست اسرائيلية ، ولو حدث ان تم تذليل كل الصعوبات الادارية والامنية وبُدءَ باقامة هذه الجزيرة وقيض لها ان تعمل وفق ما هو مخطط لها فما الذي كان افضل بالنسبة لأهل غزة ولفلسطين عموماً ، الوضع قبل الانقلاب حين كان لنا مطاراً اسمه مطار ياسر عرفات، وكان لنا مشروع ميناء ، وكانت المعابر وخصوصا مع مصر مفتوحة ليلا نهاراً بلا مباحثات مضنية كي ت فتح للأسباب الانسانية لأربعة ايام في اقصى الحالات.

 

لغة الحسابات هذه تحبط مشاعر الامنيات ، ورغم كل المحاذير ورغم كل المفاضلات بين مزايا الوضع ما قبل الانقلاب، ورزاياه في الوقت الحاضر ، الا انني اقول من كل قلبي ، كان الله في عون اهل غزة ودعواتنا في هذا الشهر الفضيل ان تتغلب لغة الامنيات على لغة الحسابات .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد