137-TRIAL-


جرت العادة أن تقوم الحركات والتيارات والأحزاب السياسية بعمل مراجعات عند مفاصل تاريخية معينة، وذلك من باب التصويب وتصحيح المسار بما ينسجم مع إطلالة مراحل ومتغيرات جديد أو في حال عدم التمكن من بلوغ التطلعات والوعود التي حملتها الشعارات،وكانت أهم عناوين الحملات الانتخابية، ولكن – للأسف –تعثرت عملية الوصول لتلك الأهداف المرفوعة،ولمتتحقق بذلك الطموحات والأماني المنشودة.

إن هذا السلوك ليس فيه ما يعيب أي حزب أو حركة سياسية، بل يتم النظر إليه على أنه محاولة للاستدراكأو التكيف الذاتي(Self Adjustment) الذي يحفظ الحالة التنظيمية من الاستنزاف والترهل أو الترنح على شفير الانهيار.

وفي هذا المقام، الذي نحاول فيه قراءة واقع حركة حماس من خلال أدائها الحكومي، والذي مضى عليه قرابة ثمان سنوات، أحالتها سياسات دولة الاحتلال والحصار الظالم المفروض على قطاع غزة إلى "سنوات عجاف"، ولكن - وهذه حقيقة - لا بدَّ من التسليم بها، وهي أن مسيرتهاالتاريخية وصفحاتها خلال تلك الفترة كانت عامرة بالكثير من المآثر والأمجاد؛ فقد سطرت المقاومة ملاحم وبطولات مشهودة في التضحية والفداء في مواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدي له، وكانت مفاجآتها العسكرية في الميدان في ديسمبر 2008م (عملية الرصاص المصبوب -حرب الفرقان)، وكذلك في نوفمبر 2012م (عملية عمود السحاب – حرب حجارة السجّيل) أسطورية ومثار فخر واعتزاز، حيث تمكنت من ردَّ كيد المعتدي، وتوجيه ضربات موجعة، أصابت كبد عرينه في تل أبيب وتخوم مقراته في القدس المحتلة، برغم الفرق الهائل في القدرات العسكرية والإمكانيات اللوجستية بين دولة الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، وقد أعطت مواقف الصمود والثبات على الأرض هذه لأهل غزة نشوة الشعور بالانتصار، وهذا حق يجب أن لا ينكره أحد، حتى لو اختلفت أجندته السياسية مع حماس، وتباينت مساحة الرؤية الفكرية بينهما.

لا شك أن الحاجة لعملية المراجعات تسبقها بالعادة مؤشرات وهمهمات وإرهاصات لا تخطئها العين، وأن المكابرة وتعمد طمس البصر والبصيرةيورد صاحبه موارد الهلاك.. لذلك، فإن التعاطي الشجاع مع الوقائع وتحسس الخوف من المآلات يعين على تجاوز الأخطار وبلوغ الغايات.

ولعل هذا هو ما يدفعنا إلى محاولة إلقاء نظرة خاطفة على المسيرة منذ لحظة الإعلان عن الترشح للانتخابات التشريعية والدخول فيها، ثم الفوز بالأغلبية في يناير 2006م، حيث إننا – بعد اتفاق مخيم الشاطئ- سنأتي إلى استحقاق انتخابي جديد في نهاية هذا العام، وبالتالي فنحن بحاجة إلى هذه الالتفاتة للوراء لتصفح عريضة وبنود البرنامج السياسي الذي تقدمت به الحركة آنذاك، لأن حظوظنا في الكسب والخسارة ستنطلق من هناك؛ أي اثبات المصداقية، في جدلية الوعود والالتزامات، لحظة "الآن حصحص الحق".. لذا؛ فليعذرني إخواني على جُرأتي في طرح هذا الموضوع، وتذكيرهم بذاك الذي مضى.!!

في البدء كانت الكلمة..

توجه إلي أحد الشباب بالسؤال: هل سبق وأن قرأت البرنامج الانتخابي لكتلة التغيير والإصلاح؛ الذراع السياسي لحركة حماس، والذي فازت بموجبه الحركة بالأغلبية البرلمانية في يناير 2006م؟؟، وأردف الشاب: وهل لك - في ظل ما نعيشه اليوم - أنتشير إليَّ بشاهد على شيء تحقق منه.؟أم أن الإسلاميين كغيرهم من السياسيين يقولون ما لا يفعلون.؟!

فهم الشاب صمتي، فاستطرد متسائلاً: هل لديكم - فعلاً - في حماس مراجعات؟ واندفع بشاهده بالنفي على لسان أحد الوزراء في غزة.. ثم أمطرني بشواهده الأخرى: هل هناك بين قيادات الحركة/الحكومة من يُكلف نفسه أن يتخفى يوماً ويمشي في الأسواق، ويجوب أزقة المخيم ويعسَّ فيه،ليسمع همهمات الشارع وأوجاع الناس؟ وهل هناك في قيادة حماس أو وزرائها من حاول مرة أن يقترب من أماكن توزيع مساعدات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ( الأونروا ) ليشهد كيف يتدافع المواطنون – بذلة وانكسار- للحصول على كابونة أو كيس طحين، ويُصغي لما يتمتمون به؟ وهل هناك من تؤثر فيه زفرات الشباب الحائر وتمنياته الحزينة بالموت؛ لأن حياتهأضحت بلا طعم مع انعدام فرصة عمل للعيش الكريم،حيث إن توفرها هو طلبٌ للمستحيل، ورجاء بلا أمل أو دليل، كما أن مستقبله– واحسرتاه –وأدته السياسة، وأحالته إلى ضياع وبطالة دائمة؟وهل وهل..من سيمفونية الشكاوى والأوجاع التي لا تنتهي.

لا شك أن هذا السيل من التساؤلاتقد أثارني، وشدَّني لمعاودة النظر كرَّتين، ومراجعة كل ما ورد في البرنامج الانتخابي لكتلة التغيير والإصلاح، ولأتبين مدى صواب ومشروعية تلك التساؤلات أم أنها تأتي في سياق المناكفات السياسية التي ابتلينا بها منذ بضع سنين.

قراءة تأملية في البرنامج الانتخابي

عندفوز كتلة حركة حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006م،لم أكن قد اطلعت على تفاصيل البرنامج السياسي الذي دخلت به حماس الانتخابات، لأنني كنت خارج البلاد، ولم يتسن لي دراسته بتمعن حتى تلك اللحظة..حيث كانت عودتي إلى أرض الوطن لم يمض عليها وقت طويل، بعد غربة قصرية لأكثر من عقد ونصف العقد من الزمان.. لذا؛ وبنفسية العائد إلى الوطن، وجدته– بحق –محبوكاًفي صياغته؛ طموحاً في أهدافه وشعاراته، والتي - لو تحققت- لكانت ستأتي لنا بـ"المدينة الفاضلة"، التي تحدث عنها الفيلسوف الإغريقي أفلاطون،وتمنى وجودها أبو النصر الفارابي أو كنا سنعيش معها دولة المدينة المتألقة بأدائها الرسالي في عهد الخلفاء الراشدين، وسنوات المجد التي امتدت قروناً في قرطبة واستانبول، أو ما وصفه صفي الدين الحلي في قصيدته الشعرية الرائعة:"سَـلي الـرِماحَ الـعَوالي عَن مَعالينا"، حيث لخَّص مشهد تاريخنا العامر بالأمجاد في بيت واحد، حين قال: "بـيـضٌ صَـنائِعُنا سـودٌ وَقـائِعُنا... خُـضـرٌ مَـرابِعُنا حُـمرٌ مَـواضينا"، ولكن – للأسف – نحن اليوم بقايا أمة كانت عظيمة.!!

اليوم أجد نفسي بعد تلك الأسئلة التي يطرحها الشارع بحاجة للرجوع لقراءة جديدة، هي قراءة ابن البلد للبرنامج السياسي لانتخابات عام 2006م، وذلك لإلقاء نظرة متأنية عليه، وتفحص أين أصبنا، وأين جانبنا التوفيق فأخفقنا؟ وما هو مدى التزام حكومتنا الرشيدة، ومجلسنا التشريعي العتيد، وأجهزتنا الأمنية بما يمكن اعتباره ميثاق العهد(The Manifesto) أو العقد الاجتماعي الذي بايعنا الناس عليه.؟

البرنامج الانتخابي: نقاط وعلامات استفهام

تضمنت العناصر الرئيسة في البرنامج السياسي الانتخابي لكتلة التغيير والإصلاح (حركة حماس) النقاط التالية:الإسلام هو الحل، يدتبني.. ويد تقاوم، نعم لحماية برنامج المقاومة، نعم لحرية الأسرى، نعم لإعادة بناء ما خلفه الاحتلال، نعم للإصلاح.. نعم للتغيير.

كانت هذه الشعارات الرائعة هي عناوين وعودٍانتخابية لحركة لها سجل حافلبالإنجازات في الحقلينالدعوي والتربوي، ولها ملاحم بطولية في ميادين العمل الجهادي المسلح، ومشهود لها بطهارة اليد في مجال الأنشطة الإغاثية الواسعة..كانت هذه العطاءات والإشراقات والأفعال العظيمةهي التي منحت حركة حماس ثقة الجماهير الكبيرة بها، والتأييد العريض لأجندتها السياسية عندما جرت الانتخابات في 25 يناير 2006م.. ذلك المشهد العظيم، هو اليوم واقع ٌ برسم السؤال: ما الذي تغير وحال دون تحقق كل أو أكثر ما وعدت به حركة حماس، وخاصة ونحن - اليوم – قد شارف على وجودنا في الحكم قرابةثمانِ سنوات.؟!

سأحاول هنا عرض بعض ما ورد في البرنامج الانتخابي، ولن أعلق كثيراً على كل ما ورد فيه، ولكن يكفي استدعاء تلك النصوص ومحاولة اسقاطها على واقعنا المُشَاهد، لتتضح لناالأسباب خلف عملية التراجع في شعبية الحركة، والتي أظهرتها استطلاعات الرأي التي جرت مؤخراً، الأمر الذي يستدعي أن تكون هناك مراجعات جادة لحركة - هي في قناعتي - تجسد بحضورها الوطني ثقل الفعل المقاوم، كما أنها بعمقها العربي والإسلامي تمثل أمل الأمةباستعادة مقدساتها السليبة من أيدي الاحتلال الإسرائيلي البغيض.. لذلك، كانت - ولا زالت - المراجعات اليوم هي حاجة ماسة، ومطلب لا بدَّ من القيام به، قبل أن يقع – وخشيتاه - ما كان الأخ إسماعيل هنية (أبو العبد)؛ رئيس الحركة في قطاع غزة، ينفي إمكانية حدوثه، بالقول: "لن تسقط القلاع، ولن تُخترق الحصون، ولن ينتزعوا منا المواقف"، وعندحدوثه – لا سمح الله - لا ينفع ولاة حين مندم.

ما يهمني - هنا - على وجه الخصوص، هو إلقاء الضوء على بعض ما وردفي البرنامج السياسي الانتخابي من محاور تتعلق بما يمس حياة الناس ومستقبلهم، والتي عليها يُعطى عهد الالتزام أو يتبدل، وهي- كما جاء في البند الثاني حول السياسة الداخلية- التي تشكلنقاطها الأسس والأولويات في بناء منظومة سياسية محكمة، تضمن مستقبلاً واعداً يليق بجهاد شعبنا وتضحياته، سعياً نحو التحرر الشامل والإصلاح المنشود، وهي كالتالي:

1- المحافظة على الثوابت الوطنية الفلسطينية, ومقاومة التفريط بها أو التنازل عنها (إنهاء الاحتلال, إقامة الدولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس, حق عودة اللاجئين والنازحين, الإفراج عن الأسرى والمعتقلين..).

2- العمل على تحقيق الوحدة الوطنية على قاعدة الشراكة والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع.

3- تكريس احترام الحريات العامة (حرية التعبير عن الرأي, والإعلام, والتجمع, والتنقل, والعمل..).

4- الدم الفلسطيني من المحرمات في المجتمع الفلسطيني، والحوار فقط هو المنهج المقبول لحل الخلافات الفلسطينية الداخلية.

5- تحريم الاعتقال السياسي، ورفض مصادرة الرأي.

6- حماية مؤسسات المجتمع المدني, وتفعيل دورها في التنمية والرقابة.

7- تصويب وترشيد دور الأجهزة الأمنية في حماية أمن المواطن، والحفاظ على الممتلكات العامة، ووقف كل أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال.

8- حماية المقاومة, وتفعيل دورها في مقاومة الاحتلال، وإنجاز مهمة التحرير.

9- تفعيل مقاومة بناء جدار الفصل العنصري حتى إزالته, بكل السبل الممكنة بما فيها المؤسسات والمحاكم الدولية.

10- ضمان واحترام حقوق الأقليات في كافة المجالات على قاعدة المواطنة الكاملة.

11- الأموال العامة (بكافة أنواعها) حق لجميع الشعب الفلسطيني، ويجب أن تستخدم في تمويل التنمية الفلسطينية الشاملة، بصورة تحقق العدالة الجغرافية والعدالة الاجتماعية بعيداً عن سوء الاستغلال والهدر والغصب والفساد والاختلاس.

12- الأسرى والجرحى عنوان التضحية الفلسطينية،ورعايتهم وإطلاق سراح الأسرى أولوية على الأجندة الوطنية.

التعليق: الواقع والمثال

يكفي القول أن شعاراتنا حول تحريم الدم الفلسطيني، وتجريم الاعتقال السياسي، أضحت مجالاً للتندر والتشهير، وخاصة بعد الأحداث الدامية التي وقعت في يونيه 2007م، وما أعقبها – للأسف – من تغييب لسلطة القانون في الضفة الغربية وقطاع غزة، تحت دواعي ودوافع شتى، ربما كان من أهمها سياسة التعامل بالمثل؛ أي واحدة بواحدة (Tit for Tat).

أما حماية مشروع المقاومة وتشكيل الحكومة حاضنة لها، فهذه مسألة نشهد بتسجيل كسبٍ فيها، صحيحٌ أن هناك من يعمل على قطع الطريق أمام كل من يحاول ممارسة المقاومة خارج سياق الإجماع الوطني، ولكن هذا يمكن أن يتم اتخاذه مدخلاً للتشكيك بما قطعته حماس على نفسها من تعهدات، حول "حماية المقاومة وتفعيل دورها".

وفيما يتعلق بقضايا الأسرى والمعتقلين، فما أنجزته "صفقة وفاء الأحرار" هو كسب مشهود لحركة حماس، تستحق عليه كل التقدير والشكر.

وفيما يتعلق ببند"الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد"، والذي اشتمل على النقاط التالية:

1- محاربة الفساد بجميع أشكاله، واعتباره سبباً رئيساً في إضعاف الجبهة الداخلية الفلسطينية وتقويض أسس الوحدة الوطنية.

2- تعزيز الشفافية والرقابة والمساءلة والمحاسبة في التعاطي مع الموازنة العامة في كافة مراحلها (التخطيط والإعداد والنقاش والإقرار والتنفيذ).

3- تحديث التشريعات والنظم الإدارية بشكل يكفل زيادة فاعلية أجهزة الإدارة لتساهم في تقديم الخدمات بيسر وسهولة في كافة المستويات.

4- إعادة صياغة سياسة التوظيف العام، بما يضمن تكافؤ الفرص لكافة أبناء الشعب الفلسطيني على قاعدة الكفاءة، والحيلولة دون استخدام المنصب للمصلحة الخاصة.

5- محاربة المحسوبيات والوساطات والفئوية في التعيينات والترقيات في كافة المؤسسات العامة.

6- إعادة هيكلية الوزارات والمؤسسات العامة بما يتناسب مع حجم القطاع العام.؟!

7- ضمان حق المواطن في تقديم الشكاوى إلى الجهات المعنية دون المساس بالحقوقالخاصة أو العامة.

8- تبني سياسة واضحة تهتم بالعنصر البشري من خلال تنمية القوى البشرية العاملة، وتحقيق الأمن الوظيفي والاستقرار النفسي للعاملين.

9- تحديث تشريعات الإدارة المحلية لتحقيق مفهوم اللامركزية، والعمل على تفويض السلطة، والمشاركة في اتخاذ القرار.

بصراحة إن المتابع للشأن الحكومي، سيجد ما يدفعه لاستدعاء النص القرآني الشهير: "لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ"، حيث إن كثيراً من هذه النقاط ظلت مجرد شعارات وأمنيات، وأنالذي تحقق منها ليس بذات جدوى.

وفي البند الخاص بـ"السياسة التشريعية وإصلاح القضاء"، فقد وردت النقاط التالية:

1- جعل الشريعة الإسلامية "المصدر الرئيس للتشريع" في فلسطين.

2- تأكيد الفصل بين السلطات الثلاث؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية.

3- تفعيل دور المحكمة الدستورية.

4- العمل على سنِّ التشريعات التي تراعي خصوصية وقيم وتراث الشعب الفلسطيني.

5- إجراء إصلاحات دستورية جذرية تكون مدخلاً لإصلاحات وتنمية سياسية شاملة.

6- تعزيز مبدأ الشورى، وترسيخه في مختلف المجالات والمواقع، وتحقيق المشاركة الفعالة.

7- إعادة هيكله مهام الأجهزة الأمنية، والقضاء على الممارسات الخاطئة والتعسفية، وضمان حريات المواطنين، وحماية الممتلكات العامة.

8- الإصلاح الشامل للجهاز القضائي بحيث تتوفر له النزاهة والاستقلال والفاعلية والتطور.

أعتقد أن الكثير من هذه النقاط ما تزال هي في طور البحث والأمنيات، ولم يتحقق منها بلغة الحساب أكثر من 15–20 %، وهي - عملياً - نسبة لا تعكس طموحات ولا حماسة من صوتوا للحركة في انتخابات 2006م.

وفي بند"الحريات العامة وحقوق الإنسان"، وردت النقاط التالية:

1- تحقيق مبدأ تساوي المواطنين أمام القانون،وتساويهم في الحقوق والواجبات.

2- حماية وتوفير الأمن لكل مواطن، فلا يتعرض للاعتقال التعسفي أو التعذيب أو الانتقام.

3- حماية الحريات العامة للمواطنين، وضمان حق المواطن في التعبير.

4- تنفيذ مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين في التعيين والعمل والترقية.

5- وقف تدخلات الأجهزة الأمنية في منح رخص النشر، ومراكز البحوث، والمطبوعات، ومؤسسات قياس الرأي .

6- ترسيخ ثقافة الحوار، واحترام كل الآراء، بما لا يتناقض مع عقيدة الشعب وموروثة الحضاري، وبناء سياسة إعلامية قائمة على مبادئ حرية التفكير والتعبير والنزاهة، ومراعاة التنوع والتعدد وحق الاختيار.

7- التوسع في المؤسسات الحقوقية المتخصصة في المجالات المتعددة:( المرأة، الطفل، السجين....وغيرها).

8- رعاية المؤسسات الإعلامية، وضمان حق الصحفيين في الحصول على المعلومة ونشرها.

9- صون الحريات النقابية، والمحافظة على استقلال النقابات، والابتعاد بها عن كل أشكال الهيمنة.

10- الاعتراف بالقوى السياسية وتشجيعها والاستفادة من دورها، ودعم مؤسسات المجتمع المدني المختلفة.

في الحقيقة أن هذه النقاط جديرة بالاحترام والتقدير، لأن الالتزام بها معناه أننا بلغنا شأواً من الرقي الحضاري لم يبلغه قبلنا إنسٌ ولا جان..ولكنَّ الوقائع الصادمة، أن حالة الانقسام ووضعية الاستقطاب والاصطفاف الحزبي، جعلت كل نقطة تأتي بكل ما يدحضها من واقعنا المعاش.. كنا نقابة صحفيين واحدة فصرنا نقابتين.!! وكنا نقابات حزبية فاعلة فأصبحنا - غالباً - بلا حياة نقابية.!! وكنا في السابق نتمتع ببعض الحريات، فغدت مناشط التحرك والعمل مقيدة بالتراخيص التي قد تأتي أو لا تأتي.!! كنا نعاني - سابقاً - من تقارير "السلامة الأمنية" في مجالات التعيين، وأجبرتنا حالة الانقسام لتقارير "الولاء والبراء" الحزبية.!! كنا قبل يونيه 2007م نلعن الأمن الوقائي وممارساته بانتهاك كرامات الناس وحرياتهم، فجاءنا بديلاً نتذمر من بعض مسلكيات أفراده، ونشكوه – أحياناً - إلى الله .!!وكنا حكومة واحدة، ولكننا اليوم حكومتان لشعب بلا وطن.!! وكنا مجلساً تشريعياً واحداً يعمل من خلال مكانين، فتعطل - عملياً - العمل في الاثنين.!! وكنا وكان، وصرنا وصار.

بيت القصيد، أن همس الشارع، وأحاديث المجالس، ومراوحة واقع الحال البائس، هو كما جاء في الأمثال: "وكأنك يا "أبو زيد" ما غزيت".!!

وفي بند "السياسة الاجتماعية" وردت النقاط التالية:

1- الأسرة الفلسطينية وتماسكها الأساس المتين الذي يحافظ على قيمنا الاجتماعية ومثلنا الأخلاقية.

2- التكافل الاجتماعي ضمانة لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتعزيز مقومات الصمود.

3- الخدمات الاجتماعية (التعليم والصحة والضمان الاجتماعي) والخدمات العامة الأخرى حق للجميع دون تمييز أو محسوبية أو فئوية.

4- الحفاظ على النسيج الاجتماعي للشعب الفلسطيني والأخلاقيات العامة, وضمان عدم انتهاك الثوابت الاجتماعية، والحيلولة دون أي إجراءات أو تشريعات تمس بها.

5- دعم المؤسسات الاجتماعية التي ترعى الفئات (كالمرأة والطفل واليتيم والفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة).

6- إنشاء وتطوير المراكز والمؤسسات التعليمية والتدريبية والتأهيلية التي تعنى بالأسرى والمحررين وتعمل على دمجهم في المجتمع وإسهامهم في تنمية الوطن.

7- الرعاية الشاملة التعليمية والصحية لأسر الشهداء والمعتقلين والشرائح الضعيفة في المجتمع.

8- تفعيل وتنظيم وتطوير لجان الزكاة.

9- حماية الطفولة ورعايتها وحقها في التنشئة والتغذية والتربية النفسية والجسمية والتوجيه والتعليم.

10- محاربة الفقر، من خلال العمل على إقامة العدل وتوزيع الثروة، وتشجيع الجمعيات الخيرية، ورفع القيود عنها، وإفساح المجال لها للمساهمة في بناء المجتمع وتخفيف وطأة الفقر.

11- محاربة المخدرات والمسكرات والفساد بكل أشكاله بالثقافة والتوعية والتربية وتفعيل القانون.

12- تشجيع المشاريع التنموية واستثمار خبرات المجتمع ومراعاة احتياجاته.

13- دعم مؤسسات العناية بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وتطوير برامج اندماجهم في المجتمع.

14- تطوير أنظمة التأمينات الاجتماعية بما يضمن القضاء على الفقر، والمحافظة على الوئام الاجتماعي السائد في المجتمع الفلسطيني.

في الحقيقة، أن بعضاً من هذه النقاط تمَّ بذل الكثير من الجهد لأجل إنجازها، ولكن واقع الحصار حال دون ذلك، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة لنسب قد تتراوح بين 35 – 50%، كما أن نسبة من يعيشون تحت خط الفقر قد تزايدت نسبتهم لمؤشرات تبعث على الخوف والقلق. ويكفينا هنا الإشارة إلى ما أعلن عنه السيد روبرت تيرنر؛ مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في قطاعغزة، من حيث إن الوضع العام في القطاع "يزداد سوءاً"، وأنه لا توجد أي "مؤشرات إيجابية" على تحسن هذه الأوضاع الخاصة باللاجئين، في ظل النقص الكبير المتوقع لمشاريع المنظمة الدولية العام المقبل، وقال إن أنفاق التهريب أسفل الحدود معمصر كانت تشكل "شريان حياة ضروري" في ظل الإغلاق الإسرائيلي.. وأضاف قائلاً: إن هناك قلقاً كبيراً لدىوكالة (الأونروا) على الوضع العام في قطاع غزة، سواء الاقتصادي أو السياسي، وأن القلق يزاد لعدم معرفة ما سوف تؤول إليه الأمور في السنوات المقبلة.

ختاماً: تهانينا؛ والله يستر من اللي جاي

وفق تقرير للبنك الدولي صدر مؤخراً، فإن قطاع غزة يحتل المرتبة الثالثة على سلم الفقر العربي، وأن نسبة الفقر بين السكان وصلت إلى نسبة 38%.!!!!

إن الحقيقة التي أريد تجليتها من وراء هذا المقال، هو أن المرحلة القادمة سوف تشهد منافسات انتخابية شديدة، حيث ستتكشف أمام الناخب الفلسطيني سجلات عمل وإنجاز كل العناوين التي ستشارك في هذا العرس الديمقراطي، وبالتالي فإن المطلوب وضع كل الحقائق والأسباب وراءما أعتبره الشارع اخفاقات وعثرات، وعدم تبني سياسة الدفاع المستميت لتبرير الأخطاء، واستدعاء الظروف القاهرة للاحتلال والحصار،أو الاحتجاج بمناكفات "إخوة يوسف" وتضييقات الجار، فهذه في السياسية تعتبر أعذاراً واهية؛ لأن من يضع البرامج الانتخابية عليه أخذ الظروف بعين الاعتبار وطرح ما يمكن – واقعياً – الالتزام به وتحقيقه، خاصة ونحن نؤكد– دائماً – على عملية التداول السلمي للسلطة؛ أي أن هناك يوماً لك وآخر لغيرك، وصندوق الاقتراع هو الحكم لك أو عليك.

 

100

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد