أربعة قتلى وعدد ربما يكون أكثر من الضعف من الجرحى... وأخذاً في الاعتبار الزمان والمكان، سُجلت عملية الأربعاء في قلب تل أبيب كعملية نوعية أثارت مخاوف حقيقية في نفوس الإسرائيليين على كل المستويات.

عدد الضحايا كبير إذا ما قورن بعدد ضحايا الطعن والدهس، وفوقها بعض العمليات المتفرقة والمحدودة والمتباعدة، التي استخدمت فيها عبوات ناسفة وأسلحة نارية.

ولقد أشعلت هذه العملية ضوءاً أحمر امام كل المستويات في إسرائيل، عبر عنه المصطلح السائد الآن ..."متى تقع العملية التالية؟".

من حيث الزمان نظر للعملية في إسرائيل على أنها اتفقت مع تسلم ليبرمان وزارة الدفاع ، وهو الرجل المنوط به معالجة معضلة الأمن في إسرائيل ومنع العمليات المحتملة من الوقوع، حتى أن أهم المحللين السياسيين والعسكريين في إسرئيل، اعتبروا عملية الأربعاء بمثابة الاختبار الطازج لقدرات ليبرمان وفاعليته في أحد أهم المواقع القيادية في إسرائيل .

ومن حيث المكان بدا لافتاً قرب العلمية من وزارة الدفاع، أي في قلب قلب اسرائيل وتحت نوافذ غرف قادتها الأمنيين والعسكريين، وكذلك في أحد أهم الأماكن التي يرتادها الإسرائيليون بكثافة للتسوق والترفيه، ولو كان بحوزة منفذي العملية بنادق أكثر فاعلية من الكارلوستاف محلي الصنع، لكان الضحايا أضعافاً مضاعفة.

بعد العملية بدقائق أجاب وزير الدفاع الجديد عن السؤال الأول والاهم ، ووفق تقويم المراقبين الذين سلطوا الأضواء الكاشفة على أدائه، فقد حاز الرجل على مرتبة الصفر فكل الذي فعله أنه استعان بأرشيف أسلافه واختار منه الأقرب والأسهل والأقل نجاعة وهو إلغاء التصاريح التي كانت ممنوحة لعدد من المواطنين الغزيين للصلاة في الأقصى بمناسبة شهر رمضان ، ومحاصرة "يطا" البلدة التي خرج منها الفاعلون، وتسريع عمليات نسف البيوت، وكلها إجراءات فعلها غيره وبقبضة أشد وعلى مدى نصف قرن من الاحتلال لم تؤدي الى منع العملية التالية.
فشل ليبرمان ليس فشلا شخصياً، فقد سبقه من هم أكثر كفاءة منه وفشلوا، فهل ليبرمان مثلا اكثر كفاءة من الراحلين .. شارون ورابين الذين يعتبران ايقونات امنية في اسرائيل ... لقد فعل الاثنان اكثر مما فعل ، الا انهما على جبروتهما ومهنيتهما لم يفلحا في منع العملية التالية.

فشل ليبرمان ومن سبقوه ومعهم دائما الطبقة السياسية المهيمنة في اسرائيل، حدده عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في الهرم الرسمي والقيادي، فقبل عملية الاربعاء فاجئ نائب رئيس الاركان مواطني اسرائيل بأقسى قول قيل منذ تأسيس الدولة العبرية ، حين اعلن واسرائيل في ذروة احيائها لذكرى مذابح النازي" ان اسرائيل تفعل بالفلسطينيين اكثر مما فعله النازيون باليهود".

اما بعد عملية الاربعاء فقال رئيس بلدية تل أبيب التي وقعت العملية فيها ان الفلسطينيين الذين وزعوا الحلوى بمناسبة العملية انما فعلوا ذلك بسبب الاحتلال الذي يجثم على صدورهم نصف قرن من الزمن ، وهو الاحتلال الوحيد المستمر في هذا القرن" ، اما كتاب اسرائيل ومثقفوها فقالوا ان الامر صار بحاجة الى حل سياسي وليس الى اجراءات تلقائية تخاطب غرائز المتعطشين للانتقام ، والدعوة الى حل سياسي صارت الاكثر وضوحاً حتى في اوساط الجيش الذي سئم مطاردة طواحين الهواء والري وراء السراب، دون ان يحقق منع العملية التالية.

ان من يتابع لغة واداء نتنياهو وبنيت وليبرمان، وهم اصحاب القرار ويتابع تملقهم البائس لعشاق الانتقام لا يلمك الا ان يقول على من تقرأ مزاميرك يا داوود؟، واصحاب القرار حتى الان لا يسمعون ولا يفكرون ولا يتعظون.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد