تنقلْتُ بين معظمِ القنواتِ التلفزيونية الفلسطينية والعربية بعد تناولِ وجبةِ الإفطارِ لمشاهدةِ الإبداعِ الكوميدي الفلسطيني والعربي بأشكالِه المتعددةِ ومزجيته المتنوعة ، وحسب سياسةِ كلِّ قناةٍ تجد الكوميديا من خلالِ البرامج الخفيفة او الكاميرا الخفية وغيرِها ، فما أن تنتهي الحلقةُ عبرَ شاشةِ التلفزيون تبدأُ حلقةُ النقاشِ عبر مواقعِ التواصلِ الاجتماعي عن أهميةِ الحلقة وجدواها وهل هي تمثيلٌ أو متفقٌ مع الضيوفِ أم أنها حقيقيةٌ ، ويبدأُ سجالُ الفتاوى ينهالُ من كلِّ حدبٍ وصوبٍ " بحرمةِ تلك البرامجِ وأنها لا تراعي مشاعرَ المسلمين وأنها لا تتناسبُ مع حالةِ الفلسطينيين الذين يعيشون ظروفاً اقتصاديةً صعبةً ، وان هناك آلافَ الأسرِ المشردةِ في الكرفانات ولم يتمَّ إعادةُ الإعمارِ حتى الآن ، ولازال معبرُ رفح البري مغلقاً والاحتلالً الإسرائيليُّ لازالَ يفرضُ حصارا على قطاعِ غزة ،  بل يتعدى هذا الأمرُ إلي التلفظِ بألفاظٍ غيرِ مناسبةٍ على مقدمي وممثلي تلك البرامجِ وربما إلي حدِّ التشهير .

اعتقدُ أن صناعةَ الكوميديا وُجدتْ للترفيهِ عن الشعوبِ ولتخفيفِ  ضغوطاتِ الحياةِ اليوميةِعنها لا أن تزيدَها توترا جديدا وسجالاً جديداً بين نشطاءِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعي وقادةِ الرأي العامِ ، وكأن كلَّ القضايا حُلتْ ولم يتبقَّ لدينا إلا حلقاتُ رمضان الترفيهية والكوميدية لِنَجْلدَها من جديدٍ بسوطِ الترهيبِ والتخويفِ .

ليس غريبا أن يتمَّ نقدُ البرامج ولكنّ الغريبَ أن يتعدى هذا الأمرُ ويدخلَ إلي دورِ الإفتاءِ الشرعي ومطالبةُ أهلِ العلمِ والعلماءِ بالإفتاءِ وإعطاءِ رأيِهِم في صناعةِ هدفِها الترفيه والتخفيف عن كاهلِ الناسِ أعباءَ السياسةِ وإخفاقاتها وأعباءَ الحياةِ اليوميةِ المرهقة .

أقتبسُ من أحدِ المنشوراتِ على مواقعِ التواصل الاجتماعي الفيس بوك " والعلمُ عند الله. أنّ إرعابَ وتخويفَ الناسِ بما يسمى الكاميرا الخفية لا يجوزُ فلا يجوزُ الترفيهُ على النفسِ بإرهابِ وترويعِ الآخرين. حتى أصبحَ التمثيلُ بذبحِ الضحيةِ تحت عنوانِ الكاميرا الخفية. فالأصلُ على علماءِ المسلمين أن يكونَ لهم موقفٌ من ذلك واللهُ أعلم. " عزيزي المواطن ماذا تريدُ من التلفزيون ؟

هل تبحثُ عن برامجَ فكاهيةٍ وكوميديةٍ وترفيهيةٍ بالإمكان أْن تجِدَها هل تبحثُ عن برامجَ دينيةٍ وعلميةٍ وتربويةٍ أيضا بالإمكان أن تجٍدَها وبسهولةٍ أيضا لقد وضعكَ التلفازُ في البيتِ كي تختارَ ما يناسبُ ذوقَكَ وتفكيرَكَ وما يتناسبُ مع عقيدَتِكَ وأسلوبِكَ في الحياةِ ، والتنوعُ في برامجِ التلفزيون وجدَ من أجلِ تنوعِ الجمهورِ ، فماذا نريدُ نحن الفلسطينيين من التلفزيون في رمضان برامجَ دينيةً أم ترفيهيةً أم ثقافيةً أم تربويةً أم سياسيةً أم حربيةً بإمكانك الاختيارُ ولكني لمْ أشاهدْ نقادا لبرامجَ دينيةٍ أو سياسيةٍ أو تربويةٍ أو اقتصاديةٍ كما شاهدتُ للبرامجِ الكوميدية التي ترسمُ الابتسامةَ على وجوهِ الفقراءِ .

صناعةُ الابتسامةِ عبرَ وسائلِ الإعلامِ الفلسطينية خاصةً " التلفزيون " تعاني كثيرا من سطوةِ المجتمعِ الذي يريدُ أن يضحَكَ ويبتسمَ ولكنْ في غرفٍ مغلقةٍ ، وفي نفسِ الوقتِ لا يريدُ أن يروجَ هذه الفكرةَ حتى لا تهتزَ صورتُهُ في المجتمعِ الدولي ولا يقال أن الشعبَ الفلسطينيَّ يُحبُّ الضحكَ .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد