فروانة: الاعتقالات أداة لإذلال الفلسطينيين ووسيلة لقمع مقاومتهم

اعتقال

غزة / سوا /  قال عبد الناصر فروانة، رئيس وحدة الدراسات والتوثيق، في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، وعضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤونها في قطاع غزة، ان الاحتلال الاسرائيلي انتهج الاعتقالات سياسة، واعتمدها منهجا ثابتاً وسلوكا يومياً ، وأداة لإذلال الفلسطينيين والانتقام منهم والضغط عليهم وبث الرعب والخوف في نفوسهم، ووسيلة قمعية لإخماد المقاومة الفلسطينية المشروعة للاحتلال بمكوناته المختلفة.

وأضاف لقد غالت دولة الاحتلال في انتهاجها لسياسة الاعتقال منذ احتلالها لباقي الأراضي الفلسطينية في الخامس من حزيران/يونيو عام 1967، وشكلت تلك الاعتقالات جزءاً اساسياً من سياستها في تعاملها مع الفلسطينيين منذ بدايات احتلالها، واضحت ظاهرة مقلقة،وتؤرق الكل الفلسطيني، حيث لا يكاد يمر يوم واحد إلا ويسجل فيه حالات اعتقال. وفي أحيان كثيرة استخدمت بعض المعتقلين كدروع بشرية.

وتابع  يقُدر عدد من تعرضوا من الفلسطينيين للاعتقال منذ حزيران/يونيو عام 1967 وحتى يومنا هذا بنحو (850) ألف مواطن فلسطيني. يشكلون أكثر من (20%) من مجموع المواطنين الفلسطينيين القاطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتُعتبر نسبة الاعتقالات هذه هي الأكبر في العالم.   

ولفت فروانة الى أن اتساع نطاق الاعتقالات جعل من سجون الورثة البريطانية غير كافية، مما دفع الاحتلال الى افتتاح عشرات السجون والمعتقلات والأقسام الجديدة  بمواصفاته الخاصة الأكثر قمعية والأشد قسوة وحراسة كسجن بئر السبع الذي يعتبر السجن الأول الذي تم تشييده وبناؤه من قبل اسرائيل، وسجن نفحة الصحراوي وريمون وجلبوع وهداريم وجنيد ومعتقلات النقب وعوفر ومجدو.. وغيرها.

جاء ذلك في تقرير أصدره فروانة بمناسبة الذكرى الـ49 لهزيمة عام 1967 والتي وصفت بـ "النكسة"، وما نتج عنها من احتلال اسرائيل لباقي الأراضي الفلسطينية وبعض الأجزاء من أراضي عربية.

وأكد فروانة في تقريره: أن الاحتلال لا يراعي فرقاً، في يوم من الأيام، بين الرجال والنساء، أوبين راشد و قاصر، وبين معافى أو مريض، وإنما طالت الاعتقالات كافة فئات وشرائح الشعب الفلسطيني، ذكوراً وإناثاً، أطفالاً ورجالاً، شبانا وشيبة، فتيات وأمهات وزوجات، مرضى ومعاقين وعمال وأكاديميين ورياضيين، وقيادات سياسية ونقابية ومهنية وطلبة جامعات ومدارس وادباء وكتاب وفنانين. بالإضافة الى نواب في المجلس التشريعي ووزراء سابقين.

وأوضح فروانة وهو اسير لأربع مرات: أن حجم الاعتقالات وفظاعتها وتبعاتها جعلت من مفردات (الاعتقال والسجن والأسر) من أبجديات الحياة الفلسطينية، ودفع الذاكرة الفلسطينية لأن تفرد لها مساحات واسعة، خاصة وأن كل العائلات والأسر الفلسطينية قد ذاقت مرارة الاعتقال والسجن، ولم تعد هناك عائلة فلسطينية واحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا وقـد ذاق أفرادها مرارة الاعتقال. وفي حالات كثيرة تعرضت العائلة بكامل أفرادها، ذكورا وإناثاً، للاعتقال. فيما هناك الآلاف من الفلسطينيين قد تعرضوا للاعتقال لأكثر من مرة، بل وأن بعضهم اعتقل لما يزيد عن عشرة مرات.

وأعرب فروانة عن قلقه الشديد من خطورة الأرقام وفظاعتها ووجود هذا التلازم المقيت والقاسي، بين الاعتقالات والتعذيب، حيث أن جميع من مروا بتجربة الاعتقال، من الفلسطينيين، قد تعرضوا - على الأقل - إلى واحد من أحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والمعاملة القاسية،  مما يلحق الضرر بالفرد والجماعة، ويعيق من تطور الإنسان والمجتمع. إذ أصبحت الوسيلة الأكثر قمعاً وخرابا للمجتمع الفلسطيني.

وأوضح أن (207) أسيرا قد استشهدوا بعد الاعتقال منذ العام 1967،. ومن هؤلاء الشهداء (71 معتقلاً) استشهدوا نتيجة التعذيب، و(55 معتقلاً) نتيجة الإهمال الطبي، و(74 معتقلاً) نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة بعد الاعتقال، و(7) أسرى استشهدوا نتيجة إطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس وهم داخل السجون.

هذا بالإضافة الى عشرات آخرين استشهدوا بعد خروجهم بفترات وجيزة نتيجة امراض ورثوها من السجون أمثال هايل أبو زيد، مراد أبو ساكوت، اشرف أبو ذريع وزكريا عيسى وسيطان الولي وزهير لبادة وحسن الترابي وجعفر عوض وغيرهم. إذ تعمد سلطات الاحتلال على اطلاق سراحهم بعد تدهور حالتهم الصحية لدرجة ميؤوس منها، ليتوفوا خارج السجون في محاولة منها للتنصل من مسؤولياتها. فيما تصاعدت عمليات الاعدام الميداني والتصفية الجسدية منذ اندلاع "انتفاضة القدس " في الأول من تشرين أول/أكتوبر2015.

وشدد فروانة على أن مجمل الاعتقالات، وما يصاحبها ويرافقها ويتبعها من إجراءات وتعذيب وسوء ظروف التوقيف والاحتجاز، وطبيعة السجون والمعتقلات وأماكن تواجدها، تشكل انتهاكا جسيما لقواعد القانون الدولي وتتنافى وبشكل فاضح مع أبسط القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية.

وطالب فروانة المجتمع الدولي الى توفير الحماية الدولية للأسرى والمعتقلين وإيقاف مسلسل الاعتقال اليومي، ووضع حد لما يتعرض له المواطنين الأبرياء من اعتقالات تعسفية، وكذلك لما يتعرض له الأسرى والمعتقلين من انتهاكات فظة وجسيمة وجرائم عديدة تتنافى وبشكل فاضح مع أبسط قواعد القانون الدولي. مؤكدا على أن استمرار الاعتقالات وبقاء الآلاف في سجون الاحتلال لن تقود إلى تخلي الشعب الفلسطيني عن حقوقه ولن توقف مسيرته في الوصول لأهدافه المشروعة، ولن تقود إلى أي نوع من السلام، إذ لا يمكن فصل السلام عن الحرية.

وتبع فروانة في تقريره أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يعتقل في سجونه ومعتقلاته نحو (7000) أسير فلسطيني، موزعين على نحو (22) سجنا ومعتقلا ومركز توقيف، بينهم أكثر من (400) طفل، و(70) اسيرة أقدمهن الأسيرة لينا الجربوني المعتقلة منذ نيسان/ابريل 2002، و(750) معتقلا اداريا دون تهمة أو محاكمة، ، و(6) نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني، بالإضافة الى وزيرين سابقين، وما يزيد عن (1600) أسير يعانون من أمراض مختلفة، و(41) اسيرا مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاما، واقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ كانون الثاني/يناير عام 1983.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد