المقاومة تحقق نتائج عسكرية وأمنية لم تكن تتوقعها

178-TRIAL-

غزة / سوا/ كتب عيسى سعد الله/ تعكس الأرقام والإحصاءات المتوفرة بعد الوقف المؤقت لإطلاق النار النجاح الذي حققته المقاومة خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة طيلة أيامه الثلاثين.

وبحسب مسؤولين عسكريين للمقاومة فإنهم لم يتوقعوا حتى في أفضل توقعاتها هذا النجاح، لاسيما أن المقاومة استطاعت تسيير المعركة في نفس النسق والقدرة حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت بدء سريات التهدئة المؤقتة والتي اختتمتها كتائب الشهيد عز الدين القسام، وهي رأس حربة المقاومة، بإطلاق اكثر من عشرة صواريخ دفعة واحدة على مدن تل أبيب و القدس وبئر السبع و"كريات غات".

ولم يتوقف نجاح المقاومة على هذا الجانب فقط، فقد تمكنت كتائب القسام من الحفاظ على قدرتها في مهاجمة الأهداف العسكرية الإسرائيلية البرية التي دخلت إلى القطاع، خصوصاً أرتال الدبابات والمدرعات وواصلت قصفها ودكها بقذائف الهاون وخاضت معها اشتباكات ضارية وألحقت بها خسائر بشرية فادحة باعتراف جيش الاحتلال، الذي اعلن عن إصابة نحو عشرين جندياً في اللحظات الأخيرة قبل بدء سريان التهدئة.

وفي تقييم ميداني لقدرات كتائب القسام، كونها تحملت العبء الأكبر من المعركة وباعتبارها القوة الرئيسية للمقاومة التي تمثل ما يقارب 90% منها، فلم تخسر إلا أعداداً محدودة جداً من قواتها البشرية، حيث اقتصرت الخسائر على استشهاد بضع عشرات من عناصرها وبما لا يتجاوز 150 مقاتلاً من أصل نحو 35 ألف مقاتل يعملون بشكل نظامي في صفوفها، وسقط جزء منهم وهم خارج إطار العمل العسكري فيما سقط جزء آخر في عمليات التصدي لقوات الاحتلال خلال توغلها البري.

والمفاجأة الكبيرة بالنسبة للمقاومة "التي أظهرت قوتها في مقابل عجز الجيش الإسرائيلي البري"، كما يقول احد القادة الميدانيين لكتائب القسام خلال حديث لـ"الأيام" هو العدد القليل جداً من الشهداء في صفوف الكتائب الذين سقطوا خلال العمليات الهجومية التي نفذوها وأوقعوا خلالها اكثر من 64 جنديا إسرائيليا قتيلا واكثر من 400 جريح، حسب مصادر رسمية إسرائيلية.

وقال المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن أعداد الذين سقطوا خلال تنفيذ العمليات الهجومية وعمليات الإنزال خلف خطوط الجيش الإسرائيلي وداخل الأراضي الإسرائيلية لا يزيد على عشرين مقاتلاً فقط وهو عدد لم يكونوا يتوقعونه قبل بداية الحرب.

واعتبر ذلك بالضربة الموجعة لقوات الاحتلال التي استسلم جنودها في كثير من العمليات وقتلوا عن مسافات قصيرة جداً.

واستطاعت الكتائب الحفاظ على حياة قادة مجلسها العسكري وقادة الألوية وقيادات الكتائب والفصائل والسرايا، ولم تفقد أي عنصر منهم، وحتى قوات الاحتلال لم تسجل لها محاولة اغتيال لواحد منهم ما يشكل هزيمة استخباراتية نكراء لجيش الاحتلال وجهاز مخابراته.

وحسب تقارير محايدة للأمم المتحدة فإن اكثر من 86% من الشهداء الـ 1900 هم مدنيون، أي أن 300 فقط هم إجمالي عدد العسكريين الذين قتلوا في المعركة، وهذا ما يدحض مزاعم الجيش الإسرائيلي بأنه قتل أكثر من 900 مقاوم.

وطبيعة غزة الديمغرافية وضيق مساحتها والترابط الاجتماعي لا تعطي الحرية والمرونة للفصائل لإخفاء شهدائها العسكريين وهذا ما يتلمسه المواطن في غزة بأن الغالبية العظمى من الشهداء هم من المدنيين وتحديداً الأطفال.

 

وفشلت اكثر من 300 طائرة استطلاع وتجسس تعاقبت على مراقبة سماء غزة بشكل مكثف ومتواصل طيلة أيام العدوان في الحد من قدرة أو خفض كمية ونوعية الصواريخ التي أطلقتها المقاومة على البلدات الإسرائيلية.

وحافظت المقاومة على قدرتها الصاروخية واستمرار إطلاقها بنفس الكمية والنوعية حتى اللحظة الأخيرة وحافظت على التواصل والاتصال بين مختلف الأذرع العسكرية والأمنية والسياسية على ارض الميدان وتمكنت استخبارات المقاومة من اكتشاف بعض العملاء والتعامل معهم وقتلهم بحسب ما أعلنت عنه مصادر في كتائب القسام.

وعكست التصريحات النارية والجدية لكتائب القسام وسرايا القدس خلال الساعات الأخيرة بعودتهما لاستئناف القتال وضرب المدن الإسرائيلية سلامة قواتهما وعدم تضررها.

ولوحظ انه وفي أصعب أيام المعركة تحركت قيادات ميدانية للمقاومة، خصوصاً لكتائب القسام بأريحية في الشوارع وبأسلحة خفيفة رغم التحليق المكثف للطائرات الحربية والتجسسية رغم محاولاتها الدؤوبة لاكتشاف عنصر منهم لقتله.

وقلل احد قادة "القسام" الميدانيين الذي قاد اجتماعاً سريعاً لمجموعته في احد الشوارع المكشوفة، من أهمية وجود الطائرات، وقال إنهم تمكنوا من فقء عيون هذه الطائرات على الأرض ولا تستطيع بدونهم عمل أي شيء.

وعلى عكس الحروب السابقة فقد فشلت إسرائيل ورغم استنفادها كل الوسائل العسكرية والأمنية والاستخباراتية في النيل من المستوى السياسي لقيادات المقاومة وسلمت القيادة السياسية لحركتي حماس والجهاد من التصفية الجسدية، ولم تتمكن إسرائيل رغم سعيها المميت من اجل الانقضاض عليهم من النيل منهم بخلاف حرب 2008 حينما تمكنت من قتل القياديين البارزين في حركة حماس سعيد صيام، والذي كان يشغل آنذاك وزير داخلية، ونزار ريان والذي كان يعتبر من القادة البارزين جداً للحركة وعضو مكتبها السياسي، كما تمكنت إسرائيل في بداية حرب 2012 من قتل القائد العسكري الأول لكتائب القسام أحمد الجعبري.

ويعكس هذا الفشل النجاح البارز للمقاومة على الصعيد الاستخباراتي والأمني والذي وضع حدا لحالة الاختراق الإسرائيلية التقليدية ضد فصائل المقاومة.

أما فيما يتعلق بقضية الأنفاق التي شكلت السلاح الرادع لقوات الاحتلال والتي كبدتها خسائر فادحة، فيسود اعتقاد في صفوف الجميع وعلى نطاق واسع، أن الأنفاق لم تتضرر كما تحدثت إسرائيل على لسان قادتها.

ويجزم مقاتلون بأن المقاومة قادرة على تنفيذ عمليات من خلال المزيد من الأنفاق في حال نسفت إسرائيل التهدئة، كما يقول أبو صهيب القيادي في ألوية الناصر صلاح الدين خلال حديث لـ"الأيام".

وقلل أبو صهيب من أهمية التقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن تعرض المقاومة لخسائر كبيرة، واصفاً هذه التقارير بالكاذبة ولا تستند إلى أي معلومات حقيقية.

وقال، إن الحقيقة الواضحة هي أن المقاومة تمكنت من تنفيذ عمليات عسكرية نوعية أسفرت عن إيقاع خسائر بشرية فادحة في صفوف قوات الاحتلال واكثر بكثير مما أعلنت عنه.

وأضاف أبو صهيب، إن المقاومة ما زالت تحتفظ بكامل قوتها البرية والصاروخية، وقادرة على مباغتة ومفاجأة قوات الاحتلال، وان كتب انهيار وقف إطلاق النار ستثبت كذب ادعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه اللذين ادعيا ان الجيش الإسرائيلي دمر الأنفاق.

وأشار الى فشل الاحتلال من النيل من قيادات الصف الأول والثاني من فصيله، مبيناً ان عدد الشهداء في فصيله قليل جداً مقارنة بالعمليات العسكرية التي نفذها او شارك بتنفيذها مع كتائب القسام وسرايا القدس.

وحافظت سرايا القدس، وهي الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي على بنيتها العسكرية وواصلت توجيه الضربات الصاروخية للمدن الإسرائيلية البعيدة عن حدود القطاع حتى آخر ساعة قبل سريان التهدئة.

وبقيت الخسائر البشرية في صفوفها محدودة رغم استشهاد عدد محدود من قادتها العسكريين الميدانيين.

وقال أبو صهيب، إن النجاح الوحيد الذي يحسب لإسرائيل هو قدرتها الخارقة على قتل المدنيين والأطفال وتدمير المنازل والمنشآت الصناعية والزراعية.

وقتلت قوات الاحتلال اكثر من 430 طفلاً و300 امرأة و90 مسناً من اصل 1900 مواطن استشهدوا خلال العدوان.

266
اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد