أثار تعيينُ ليبرمان موجات إعلامية تسونامية في كل وسائل الإعلام، العربية، والدولية، لا سيما الإعلام الفلسطيني، وكأن ليبرمان هو سفاح الاحتلال الوحيد، وقاتل الأطفال الأول، ومشرد الأجيال، ومدمر البلدان، ومُهدِّد أمن العالم أجمع!
فهل هذه خطة إعلامية إسرائيلية، تودُّ الإشارة إلى الزعماء الإسرائيليين الأمنيين الآخرين، ممن يعارضون ليبرمان، سيخرجون من المقارنة زعماءَ للسلام، وأنصارا للديموقراطيات، وأعداءً للاحتلال؟!
مَن يعرف ليبرمان، بقراءة سيرته، فإنه يُصدَم من هذه الحملة. 
ليبرمان ليس شخصية كارزماتية قيادية، كما يبدو، بل إنه تابعٌ رائعٌ، وديماغوجيٌ مُضلِّل، وهو مُسخَّرٌ لتبييض بعض وجوه قادة الاحتلال العنصريين، فبالمقارنة بين ليبرمان ، وموشيه يعلون مثلا، يخرج الأخيرُ بطلا للسلام والديموقراطية والعدل!!
كما أن الكثيرين ينسون بسرعة أنَّ قادةَ السياسة الإسرائيليين، ليسوا مثل القادة السياسيين العرب، فساسةُ العربِ يصوغون سياسة الأوطان، وفقَ شخصياتهم، ويقولبونها بحيث تماثلُ آراءهم ونظرياتهم.
أما السياسة في إسرائيل فهي تسير وفق قواعد أخرى، وما شخصياتُ الحكومة، ورؤساء الوزارات، وحتى رئيس الدولة سوى أدواتٍ لتنفيذ سياسة المؤسسة الإسرائيلية.
مَن يتابع سير الأحداث في إسرائيل، فإنه سيرى ليبرمان مِن زاويةٍ أخرى، غير الزاوية المشهورة، إنه قمعيٌ ومتطرفٌ، يدعو تارة لهدم السد العالي، وطورا لإعدام الأسرى، والتخلص من قيادات السلطة و حماس وكل الفلسطينيين!
غير أن الصورة الأخرى التي تختفي وراء كل هذه الأحداث، هي صورة ليبرمان نجم الاستيطان، ليبرمان الساكن جنوب بيت لحم ، في مستوطنة صغيرة، لا يتجاوز عدد أفرادها ألفا وخمسمائة فرد، ليبرمان المستوطن في نيكوديم، هو اليوم المطلوبُ الأول لتنفيذ آخر عمليات الاستيطان، وإكمال ما قام به روَّاد الاستيطان الأوائل، ليبرمان اليوم، يحظى بدعمٍ كبير، ليس من حزبه، إسرائيل بيتنا فقط، بل إنِّ الدعمَ الأكبر يأتيه من كل المستوطنين!
ها هو، رئيس المجلس البلدي لكتلة الاستيطان الكبيرة، معالية أدوميم، بني كاشريل، يقول عن ليبرمان:
"إنه الوحيد الذي يلتزم بوعده، فقد قطع وعدا على نفسه بأن يبنيَ في معاليه أدوميم ألف مسكنٍ جديد، وكان هذا شرطا من شروطه غير المكتوبة لدخول حكومة نتنياهو"
ليبرمان، نجم الاستيطان، هو الذي اعتاد أن يزور الحرم الإبراهيمي في الخليل، ويقول للمستوطنين:
"أنتم المحافظون على أرض إسرائيل، ولا وجود لمناطق محظورة مثل منطقة E1"
كشفت صحيفة جورسلم بوست، يوم 26/5/2016 سرا من أسرار إقالة وزير الجيش السابق، موشية يعلون:
السر هو، أن المستوطنين هم الذين سعوا لإقالة موشيه يعلون، لأنه لم يمكِّن المستوطنين في الخليل من الاستيلاء على بيوت الفلسطينيين، وأوعز بإخلاء بعض البؤر الاستيطانية!! 
ليبرمان، بصفته الجديدة، وزيرا للجيش، فإنه سيشعل حربا أخرى فوق الأرض الفلسطينية أسمها، آخر معارك الاستيطان، بمصادرة واغتصاب الأملاك الفلسطينية، فهو لا يقيم وزنا، لمناطق إي، بي، سي، 
وهو بالتأكيد سيستخدم سلطةَ وزير الدفاع؛ باتخاذ قراراتٍ سريعةً لتسويغ المستوطنات غير المعترف بها رسميا، وكذلك سيوقِف عمليات الجيش ضد ما يُسمَّى، البؤر الاستيطانية!
لهذا فقد نجحت الدعاية الإسرائيلية في حرف الأنظار عن غايات تعيين ليبرمان وزيرا للجيش، في جعل الآخرين ينتظرون منه أن يُشعل حربا عسكرية، ومعارك مسلحة من أجل إبعاد شبح الحرب الاستيطانية، التي سيكون بطلُها الجديد، ليبرمان، فقد حان موعد اغتصاب ما بقي من أرضٍ فلسطينية في ظل هذا العماء، الفلسطيني والعربي، والدولي!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد