حصة فلسطين من مياه نهر الأردن أسيرة لسيطرة الاحتلال
بروكسل / سوا / قال رئيس سلطة المياه مازن غنيم "إن لجنة المياه المشتركة (الفلسطينية– الإسرائيلية) تشكل أحد أهم العقبات التي تحول دون تطوير قطاع المياه في فلسطين، بسبب تعطل أعمالها نتيجة لربط الموافقة على المشاريع المقدمة من الجانب الفلسطيني بالموافقة على مشاريع تخص المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، في محاولة من إسرائيل لشرعنتها، وهو مرفوض جملة وتفصيلا".
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها أمام البرلمان الأوروبي، اليوم الخميس، تحت عنوان "الحياة في فلسطين.. المياه والطاقة".
وشدد على "أن تعطل أعمال هذه اللجنة يؤثر ويعطل فقط المشاريع الفلسطينية، ويزيد من معاناة شعبنا، بسبب عدم وصول خدمات المياه، والصرف الصحي إلى المناطق كافة، بينما الجانب الإسرائيلي كسلطة احتلال وأمر واقع يقوم بتنفيذ ما يريد من مشاريع، وهو ما يتعارض مع اتفاقية جنيف لعام 1948"، مشددا على أن هذا الواقع السياسي أدى إلى عدم سيطرتنا على مصادرنا المائية، وحرماننا من استغلالها، أو حتّى من الوصولِ إليها".
وبهذا الخصوص، قال: يسيطر الاحتلال على أكثر من 85% من هذه المصادر، إضافة الى عرقلته كافة الجهود الهادفة الى إعادة تأهيل البنية التحتية لشبكات المياه، والصرف الصِحيّ، وكافة المشاريع المتعلقة بهما، خصوصا في المناطق المصنفة (ج)، والتي تشكل ما نسبته 64% من الأرض الفلسطينية، الأمر الذي فرض على الفلسطينيين حصارا مائيا أدى الى الحد من قدرة الحكومة الفلسطينية على توفير الحد الأدنى من حصة الفرد من المياه يوميا، والبالغ 120 لترا - وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية.
وأضاف "تصل حصة الفرد الفلسطيني اليومية في الضفة الغربية 79 لترا، وإذا أخذ بعين الاعتبار التفاوت الكبير بين معدلات التزويد، مع احتساب معدلات الفاقد من المياه في الخطوط الناقلة والشبكات، فإن هذه الحصة لا تتجاوز 50 لترا في اليوم، أي أقلّ من نصف الحد الأدنى الموصى به، وفي قطاع غزة فإن حصة المواطن الفلسطيني من المياه الصالحة للشرب لا تتجاوز 15 لترا في اليوم، في الوقت الذي يصل فيه نصيب المستوطن الإسرائيلي الى سبعة أضعاف حصة المواطن الفلسطيني.
وتطرّق غنيم إلى المعاناة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني فيما يتعلق بالمياه في ظل السيطرة الإسرائيلية، وحرمان الفلسطينيين من مصادر المياه، موضحا أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يشكل أكبر أزماتنا، وأخطرها، حيث إنه يحرمنا من كافة حقوقنا الإنسانية، ويعرقل كافة المساعي الرامية إلى تمكيننا من تأمين متطلبات الحياة الأساسية لشعبنا، من خلال إحكام سيطرته على أكثر من 85% من الموارد المائية.
كما استعرض خلال كلمته أهمية الأمن المائي، وأن تحقيقه في فلسطين يواجه تحديات صعبة، أهمها: التحدي السياسي، وحشد التأييد الدولي لعدالة قضيتنا المائية، والتحدّي المؤسسي، والتحدي المادي، وتوفير الدعم الفني والمادي، لتطوير مستقبل قطاع المياه الفلسطيني، مشددا على ضرورة تكاتف الجهود المحلية والدولية، للتغلب عليها.
وقال الوزير، "أمام ما تُشير له الإحصائيات إلى أن حاجة الفلسطينيين لمياه الشرب فقط حتى العام 2026، ستصل إلى 260 مليون متر مكعب، وإذا بقي الحال على ما هو عليه اليوم، فلن نكون قادرين على تلبية أكثر من 50% من هذا الاحتياج، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي تكثيف الجهود على كافة الصُّعد لرفع الحصار المائي المفروض علينا".
وأشار إلى أن 98% من إمدادات القطاع من المياه الجوفية تواجه استخراجا مُفرطا يصل إلى 200 مليون م3، وهوما يتجاوز كمية التغذية السنوية للخزان بأربعة أضعاف، نتيجة النُّمو السكاني، وازدياد الطلب على المياه، الأمر الذي أدّى إلى انخفاضِ منسوب الخزان الجوفي، وبالتالي ازدياد نسبة الملوحة، نتيجة دخول مياه البحر والتلوُّث الحاصل من تسرّب مياه الصرف الصحي.
وتابع: 97% من مصادر المياه في غزة غير صالحة للاستخدام الآدمي، وفق معايير منظمة الصحة العالمية، ما يعرض حياة أهلنا في القطاع إلى مخاطر صحية وبيئية، وإذا استمرت معدلات الاستخراج الحالية من الخزان الجوفي دون إيجاد حلول، فإنه سيصبح غير قابل للاستخدام قريبا، وستُصبح إعادته مستحيلة بحلول عام 2020.
كما تطرّق إلى تداعيات ما خلّفه العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة في الأعوام 2009، 2012 و2014، والذي نجم عنه تدمير كبير للبنية التحتية، ولكافة المنشآت، والمرافق الحيوية، من طرق ومباني وشبكات كهرباء، ومحطات توليد بشكل عام، وما طال مرافق المياه من تدمير، سواء بالآبار، ومحطات ضخ وتحلية، وشبكات، وخزانات مياه، بالإضافة إلى كل ما يتعلق بالصرف الصحي، وكذلك تعطيل تنفيذ المشاريع الرئيسيةـ حيث فاقت الخسائر المباشرة فقط في قطاع المياه خلال عدوان عام 2014 ما يقارب 34 مليون دولار أميركي.
ودعا غنيم المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لتحييد منشآت المياه، والصرف الصحي، والخدمات الأساسية من الاستهداف المباشر وغير المباشر وقت الصراع، لأن شعبنا الفلسطيني لا يزال يعانى من هذه الاعتداءات المتكررة.
وأكد "أن خيار مشروع تحلية مياه البحر يعتبر خيارا استراتيجيا ومستداما لحل أزمة المياه في غزة، والذي نسعى لتنفيذه على نطاق واسع، ونعمل على تذليل العقبات التي تواجهه، وأهمها توفير التمويل اللازم الطاقة، حيث أن محطة التحلية المركزية المقترحة ستنتج 55 مليون متر مكعب سنويا كمرحلة أولى، تحتاج نحو نصف مليار يورو باحتساب المشاريع المكملة لها".
ونوه إلى أنه رغم وجود التزامات عربية ودولية لدعم المشروع، إلا أنه لا يزال يواجه عجزا في التمويل، الأمر الذي نعمل مع كافة الشركاء على توفيره، بما يسهم في تسريع خطط التنفيذ وفق الجداول الزمنية المتوقعة.
وحول انقطاع التيار الكهربائي المتواصل في قطاع غزة، قال غنيم "إن العجز الحادّ في تزويدِ الكهرباء حاليا في قطاع غزة يُشكّل التحدّي الأكبر أيضا لتشغيل مرافق المياه، والصرف الصحي، ويُهدّد إمكانية إنجازِ المشاريعِ الرّئيسية للتّحلية، ومُعالجةِ المياهِ العادمة، علما أن الاحتياجات الحالية للطاقة اللازمة لتشغيل هذه المرافق تقدر بنحو 29 ميغاوات، وسترتفع بحلول عام 2020 إلى 81.5 ميغاواط".
وتابع: لنكون قادرين على المُضي قدما في مشروع محطة التحلية المركزية، فلا بُد من توفير ما يقدر بنحو 25ميغاواط، الأمر الذي دفَعنا إلى البحث عن بدائل أخرى، منها: استخدام المُولّدات الكهربائية، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والتي نَعملُ عليها بالتشاور مع كافة الشركاء، وسلطة الطاقة الفلسطينية بشكل خاص، من أجل تحقيق الغايات المرجُوّة، وكخطوة أولى تم تخصيص 100 دونم، لإنتاج الطاقة الشمسية، وهو ما يُمثّل جزءا من احتياجات المحطة من الكهرباء".
وأشار إلى أنه لحين إنجاز هذا المشروع، جاري العمل حاليا على إنشاء ثلاث محطات تحلية محدودة الكمية، لغرض سد جزء بسيط من نقص المياه الصالحة للشرب لسكان القطاع، والعمل على معالجة التلوث الحاصل، من خلال إنشاء ثلاث محطات تنقية لمعالجة المياه العادمة، واعادة استخدامها للزراعة، الى جانب العمل على إنشاء ثلاث برك تجميع لمياه الأمطار، لإعادة ترشيحها للخزان.
كما تحدّث في كلمته عن الحقوق التاريخية لفلسطين في مياه نهر الأردن، مشيرا إلى "أن حصة فلسطين من مياه النهر والتي تصل إلى حوالي 250 م³سنويا حسب خطة جونستن، تبقى غير متاحة وأسيرة، لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي عليها بالكامل".
وتطرّق إلى احتياجات قطاع المياه خلال العشرين عاما المقبلة، مشيرا الى انه في ظلّ احتلال يقيد الحركة والحرّيات، ويسلب الحقوق، ويضع العراقيل أمام كافة الجهود المبذولة، لتنفيذ مشاريع تنموية، ويحد من التطور الاقتصادي الفلسطيني، فإن برامج تطوير خدمات المياه والصرف الصّحي تواجه تحديات مالية أيضا، منوها إلى أن الحاجة خلال السنوات المذكورة إلى 6.8 مليار دولار لتنمية قطاع المياه.
وشدّد على ضرورة تطبيق القانون الدولي الإنساني في فلسطين، وكافة الاتفاقيات والمعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان، لا سيّما تلك المتعلقة بإدارة مصادر المياه المشتركة، وتفعيل العمل والتعاون وفقا لمبادئ التوزيع العادل لمصادر المياه بين الشركاء الدوليين، وتطبيق معاهدة الأمم المتحدة الخاصة بالمجاري المائية العابرة للحدود1997 "UNWC"، وتوقيع معاهدة الاستخدامات غير الملاحية للمياه العابرة للحدود، لضمان حماية واسترداد حقوقنا المائية.