قرأت شعارا مرفوعا، ومدعوما من جهةٍ ما، ومكتوبا في أهم مناطق غزة ، وأكثرها ازدحاما، ما بين شركة الاتصالات، ومركز رشاد الشوا.
راجعتُ نفسي وأنا أقرأ الشعارَ الذي لم يُثرْ أحدا، على الرغم مِن مرور عدة شهور على كتابته، ولم أعثر على فلسفةٍ في كتابة الشعار، سوى أنه ربما أثار إعجاب أحد جالبي الدعم المالي، فقرر أن يفرضه على غزة!
للعلم فقط، إنَّ جدران غزة المنكوبة تفتقر إلى مَن يحميها، جميع الغزيين، مشغولون بالسياسة والسياسيين، وحضور الندوات الفارهة، والمسيرات، والتظاهرات، وإحياء المناسبات بشرط أن تكونَ مرصودة بعدسات القنوات التلفزيونية، فالجدران الخارجية في كل شوارع غزة مشاعٌ، ومِستباحة لكل مَن يستطيع شراء علبة طلاء بدولارين فقط.
أرصفة الشوارع في غزة، مِلك خاص للمحلات، وما أكثر الدكاكين والمطاعم التي لا تكتفي باغتصاب الأرصفة، بل توسِّع مناطقَ نفوذها إلى الإسفلت تقتطع جزءا منه أيضا، وبعض مالكي المحلات يمنعون الماشين من استخدام الرصيف، ويحذرونهم بيافطة، تقول: 
الممر من هنا، أي بعيدا عن الرصيف، أي سيروا وسط الإسفلت، غير مأسوفٍ عليكم !! أي، اقتسموا الإسفلت مع السيارات، إلى مثواكم الأخير!!
أما السائرون على أقدامهم فيواجهون أحد أمرين، إما أن يتعرضوا لإهانات السائقين، ليس بأبواق السيارات فقط، بل بالشتائم، وهناك اشتباك دائم بين راكبي السيارات، ومَن يمشون على أقدامهم مثلي!
أما الشوارع العامة، فهي أماكن القمامة، فلا يكتفي السائرون برمي ما يحملونه في أيديهم من مخلفاتٍ، بل ينظفون أفواههم المملوءة بالمخاط، يمينا وشمالا، وفي كل اتجاه.
بالعودة إلى الشعار المدعوم المكتوب بخط جميل والشعار يقول:
(نحو مجتمع شمولي) !!
فإنني أدعوكم إلى بيان فلسفة الشعار، الذي أمضى كاتبوه وقتا طويلا في كتابته، وظلَّ مدة طويلة على الجدار!!
فهو لا يعني إلا السيطرة والسطوة، سواء من ديكتاتورية الدولة، أو مِن حزبٍ واحد، مع تبرير كلِّ ما يجري من قمعٍ وكبت للحريات الفردية، فالشعارُ ينفي ما يُنادي به العالمُ أجمعُ [حرية التعبير، عن الرأي]!!
أليس ذلك دليلا على قصور فهمنا؟ 
وعلامة على أننا ناقصو وعيٍ، وعاجزون عن إدراك معنى شعارٍ واحدٍ، بدون أن نُبديَ احتجاجنا وامتعاضنا؟
ألم نكن، نحن الفلسطينيين، منارة للفكر والوعي، نُصدِّر الثقافةَ إلى كل الوطن العربي، خلال عقود طويلة؟
فمن المستفيدُ من هذا التشويه، إنهم بالتأكيد المحتلون الغاصبون وأنصارُهم، ومَن يزوروننا، فهم سيقولون للعالم:
هل يستحقُّ أصحابُ هذه الشوارع القذرة، والشعارات الفاشستية المُضلِّلة أن يُنافسوا المحتلين(الحضاريين)؟!!!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد