على أثر مرور 15 عاماً على صدور القرار 1325 الخاص بحالة النساء في دول الصراع المسلح، يقف مجلس الأمن الدولي أمام التقدم المحرز في تطبيق القرار، ولم يكن متفاجئاً بالنتائج الكارثية للصراع الدامي على النساء، فليس حكماً أن أن يتحول القرار إلى مصباح علاء الدين السحري، صانع المعجزات الذي يحقق الأمنيات.
يقرر مجلس الأمن في نهاية الاجتماع التقييمي لفعالية القرار في حماية المرأة، إصدار القرار 2242 الذي يُعتبر قراراً استكمالياً للقرار 1325، هدف الى سد الثغرات ونواقص القرار 1325 الذي يُعتبر حجر الأساس ونقطة تحول في وجهة وتوجه القرارات الدولية التي تخاطب واقع المرأة ضمن مستجدات انفجار الصراعات المسلحة.
القرار الجديد يعبِّر عن تجديد التزام الهيئة الدولية بقضايا النساء في ظروف الصراع المسلح، وإقرارها بالملاحظات النقدية وبالمآخذ المسجَّلة على القرار 1325، التي قُدِّمت من النساء حول العالم. ولم تتوانَ النساء الفلسطينيات عن تقديم ملاحظاتها، وخاصة تلك المآخذ المتعلقة بتناول حالة النساء تحت الاحتلال بوضوح، وكذلك حول خلو القرار من الجداول الزمنية، حيث تم تقديمها لأصحاب الشأن في الأمم المتحدة وأبرزهم منسقا عملية السلام في الشرق الأوسط: «روبرت سيري ونيكولاي مالادينوف».
لا بد من الإقرار باهتمام هيئة الأمم المتحدة للمرأة على صعيد تعبئة فراغات 1325، حيث قام مجلس الأمن بإصدار سبعة قرارات بعد القرار 1325 تستوعب المستجدات، ويتميز القرار 2242 عن باقي القرارات أنه جاء بناءً على نتائج ومخرجات الدراسة المعدّة من قبل هيئة المرأة ومشاركة المقررتين الخاصتين المعنيتين بالعنف ضد المرأة وبشؤون الأطفال في دول الصراع، تحت عنوان، «منع الصراعات، تحويل العدل، وتأمين السلام».
وعليه، يتميز القرار 2242 بتبنيه إجراءات تفعيل تنفيذ القرار 1325، ووضعه الإجراءات الضامنة للتنفيذ وتضييق الفجوة بين القرار والواقع، وهي أحد أبرز النواقص المسجلة على القرار 1325، والمختبرة على أرض واقع الصراعات الداخلية في الدول العربية، بما ساهم في إعاقة تنفيذ البرامج المتعلقة بأمن المرأة، وهي الإجراءات التي تركز على مشاركة المرأة وإدماج رؤيتها اثناء عمليات تحقيق السلام، إنْ كان ثمة سلام حقيقي يُصنع في مكان ما.
فلسفة الدراسة التي استندت على التقييم الدولي تستند على افتراضات منطقية قائمة على أن مشاركة النساء في عمليات السلام تؤدي إلى إطالته واستدامته. فالمرأة تحمل معها إلى موائد الحوار والمفاوضات أجندة الحماية، ووجودها يقوي من رهافة الإحساس بأهمية توفير الحماية والوقاية لها، لكون النساء الأكثر تهديدا في ظروف الصراع المسلح، بسبب تحويلهن على أيدي المتحاربين إلى أدوات صراع ومواضيع الثأر والانتقام، خاصة في المجتمعات القبلية.
ومشاركة المرأة وإدماجها تؤدي إلى وضع الإغاثة والمساعدات الإنسانية بقوة على موائد الحوار والحلول، كون النساء يتمتعن بالعملانية من جهة، ويتميزن من جهة أُخرى بإمعان النظر في التفاصيل التي تدعم صمود العائلة وقدرتها على الاستمرار، وهو ما أثبته مفهوم إدماج النساء في عمل «مجموعات الحماية» المشكلة من قبل «الأوتشا».
الفراغات التي عبأها القرار 2242 تناسب حالة النساء العربيات في الصراع الداخلي مع التيارات الأصولية، وهو أمر هام جدا نظراً لطبيعة ما تتعرض له النساء العربيات من عنف ممنهج يعيدها إلى عصر العبودية والاستلاب. بينما لم يقدم القرار 2242 الكثير في حالة المرأة الفلسطينية الخاصة تحت الاحتلال، للأسباب السياسية المعروفة وقدرة الأمم المتحدة على التدخل المستقل في الحالة الفلسطينية.
فالقرار 2242 لم يستحضر حالة المرأة الفلسطينية بالوضوح المنشود سوى بالنص العام حول ضرورة وضع إجراءات تنفيذ وتطبيق القرار 1325 وتقديم تقارير لمجلس الأمن عن التقدم المحرز، وحول تعزيز فرص النساء في الوصول للعدالة واللجوء للقضاء، وكذلك عبر الدعوة العامة إلى إجراء الدراسات والبحوث حول العوامل التي تدفع إلى التطرف والإرهاب، وهي قضية عامة تمس النساء عموماً في المنطقة العربية المتشابهة على صعيد ما يُسمى بخصوصية المرأة العربية.
في النهاية، لا بد من النظر إيجاباً إلى معاني صدور القرار 2242، إلا أنه لا بد من ملاحظة التزاماتنا ومسؤولياتنا المترتبة تجاه الإفادة من القرار الجديد وتوظيفه في خدمة توفير مساحة للاشتباك مع سياسات الاحتلال، والتوجه نحو وضع مفهومنا الفلسطيني لطبيعة الإجراءات المطلوب النص عليها لشق الطريق نحو تطبيق 1325.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية