غنيم: الحوض الجوفي الساحلي بغزة مهدد بالانهيار عام 2020
الأردن/سوا/ شاركت فلسطين في مؤتمر المانحين الخاص بمشروع التعاون الاقليمي لقناة البحرين المنعقد في العقبة، حيث ترأس رئيس سلطة المياه مازن غنيم وفد سلطة المياه المشارك في مؤتمر المعلومات الفنية للمانحين، والخاص بتنفيذ المرحلة الاولى من مشروع التعاون الاقليمي لقناة البحرين (البحر الأحمر– البحر الميت).
وتأتي المشاركة في المؤتمر استنادا الى مذكرة التفاهم بين الأطراف الثلاثة المستفيدة (فلسطين والأردن وإسرائيل)، والتي نصت على ابرام اتفاقيتين، الاولى أردنية- إسرائيلية بخصوص محطة التحلية المقترح اقامتها في العقبة بطاقة انتاجية تقدر بحوالي 80 مليون متر مكعب سنويا وبما يشمل كافة الجوانب الفنية المتعلقة، والاتفاقية الثانية فلسطينية- إسرائيلية التي تشمل كافة القضايا المتعلقة بتزويد الجانب الفلسطيني بحصته البالغة 30 مليون متر مكعب سنويا من خلال نظام التحلية الاسرائيلي في البحر الابيض المتوسط.
واشار غنيم في المؤتمر الى أن المرحلة الاولى من هذا المشروع جاءت بناءً على المخرجات التي توصلت اليها الدراسات الفنية للفكرة الرئيسية للمشروع والمتمثلة في نقل كميات من مياه البحر الاحمر الى البحر الميت، والتي تمت من خلال البنك الدولي وبالتنسيق مع الاطراف الثلاثة بهدف حماية البحر الميت من الانحسار والتدهور البيئي الحاصل به، بالاضافة الى توليد الطاقة من خلال الاستفادة من فرق المنسوب بين البحرين، وتوفير مياه للشرب بسعر مقبول للاطراف الثلاثة (تقدر بحوالي 850 مليون متر مكعب سنويا) الى جانب خلق نموذج للسلام والتعاون في الشرق الاوسط.
مضيفا ان هذا الامر يؤكد ضرورة وقوف الدول الثلاث المشاطئة للبحر الميت عند مسؤولياتها وواجباتها القانونية والتاريخية، من خلال مواصلة الجهود الرامية لتحقيق هذه الاهداف، باعتبار أن البحر الميت يشكل ارثا تاريخيا وحضاريا وذا بعد استراتيجي لهذه الدول، بما يضمن حق الوصول له والاستفادة من كافة ثرواته الطبيعية بشكل منصف وعادل.
واكد رئيس سلطة المياه انه في خضم ما تواجهه المنطقة العربية اليوم من قضايا وصراعات سياسية انعكست في مجملها إلى كوارث إنسانية صعبة باتت تؤرق المجتمع الدولي بأسره، إلا أن حقوق هذه الشعوب في الحصول على المياه كانت وما زالت إحدى القضايا الأساسية التي بحاجة إلى تكثيف الجهود على كافة الصعد المحلية والعربية والدولية، خصوصا في ظل الحاجة الماسة إلى تطوير مصادر بديلة قادرة على تغطية جزء من النقص الحاد في المياه، بالتزامن مع النمو السكاني، والتناقص المستمر في كميات المياه من الموارد المائية الأساسية بسبب العوامل الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية من جهة، وعوامل الاستهلاك والاستنزاف البشري من جهة أخرى.
واستطرد، ان منطقتنا تواجه شحا كبيرا في المياه أدى إلى تصنيف العديد منها ضمن قائمة أفقر الدول مائيا، فكيف الحال في فلسطين التي تواجه تحديات كبيرة وصعبة ذات طابع مختلف، تُعزى إلى ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، ما يجعلها تنفرد في حالتها عن باقي دول العالم، واذا ما اخذنا بعين الاعتبار أيضا أن المياه تشكل احدى الملفات الخمسة لمفاوضات الحل النهائي، كما انها لا تزال حتى يومنا هذا تخضع لإجراءات الاتفاقية المرحلية التي وضعت لتنظيم العلاقة بين الجانبين خلال الفترة الانتقالية التي كان من المفترض ان تكون لمدة خمس سنوات تنتهي في عام 1999. الأمر الذي أدى إلى عدم تمكننا من تحقيق ادارة متكاملة للمصادر المائية، هذا عدا عن انه لم تطرأ أي زيادة تذكر على كميات المياه المتاحه لنا منذ 20 عاما، بل على العكس تماما فإن هذه الكميات قد تآكلت بشكل كبير نتيجة تقادم الشبكات وازدياد نسبة الفاقد فيها، وكذلك النمو السكاني والتطور الحضري والتنموي الكبيران خلال هذه الفترة، كما أن محاولات اسرائيل لشرعنة الاستيطان في الاراضي الفلسطينية ادت الى تعطل أعمال اللجنة المشتركة منذ خمس سنوات، الامر الذي فاقم بشكل كبير من ازمة المياه نظرا لتزايد الاحتياجات الإنسانية والتنموية، حيث تشير الاحصائيات الى أن حاجة الفلسطينيين لمياه الشرب فقط حتى العام 2026 ستصل إلى 260 مليون متر مكعب، وإذا بقي الحال على ما هو عليه اليوم فلن نكون قادرين على تلبية أكثر من 50% من هذا الاحتياج.
كما تطرق غنيم في المؤتمر الى وضع قطاع غزة الكارثي وما يواجهه نتيجة انعدام المياه الصالحة للشرب، حيث ان 97% من مياه الحوض الجوفي الساحلي ملوثة وغير صالحة للاستخدام الآدمي. وبحسب التقارير الدولية فإن هذا الحوض مهدد بالانهيار في عام 2020 اذا لم يتم اتخاذ اي اجراءات بالخصوص. ما جعل سلطة المياه وبحسب خطتها الرامية لمعالجة هذا الوضع تسابق الزمن من خلال العمل على خطوات اساسية، يتمثل اولها في توفير التمويل اللازم والدعم الفني لانشاء محطة التحلية المركزية في قطاع غزة بقدرة 55 مليون متر مكعب سنويا، كحل استراتيجي ووحيد لتوفير مياه صالحة للشرب للسكان بتكلفة تقدر بأكثر من 500 مليون يورو. حيث توجد وعودات بأكثر من نصف المبلغ والعمل جار مع كافة الشركاء على عقد مؤتمر للمانحين بهذا الخصوص خلال هذا الصيف لتوفير المبلغ المتبقي. وسنقوم فور تحديد موعد ومكان انعقاده بعد الانتهاء من التحضيرات اللازمة بتوجيه الدعوات لكافة الجهات المانحة المعنية، فيما تتعلق الخطوة الثانية في العمل على معالجة التلوث الحاصل من خلال انشاء ثلاث محطات تنقية لمعالجة المياه العادمة واعادة استخدامها للزراعة، الى جانب العمل على انشاء ثلاث برك تجميع لمياه الامطار لاعادة ترشيحها للخزان الجوفي.
وفيما يتعلق بمشروع قناة البحرين فقد اوضح الوزير غنيم ان المشروع يأتي في اطار التعاون الإقليمي الهادف لإنقاذ البحر الميت من الجفاف، وقال: نؤكد مجددا استعدادنا لاتخاذ كافة الخطوات اللازمة للمضي قدما في هذا المشروع، علما أن الجانب الفلسطيني قام بوضع الإطار العام للوصول الى الاتفاقية الفلسطينية الاسرائيلية تنفيذا لما ورد في مذكرة التفاهم، وذلك في أغسطس 2015، كما تم إعداد قائمة مفصلة بمشاريع البنية التحتية المطلوبة للتمكن من استلام الحصة الفلسطينية من المشروع، بما يشمل الخطوط الناقلة والشبكات والخزانات ومحطات الضخ وما الى ذلك، والتي تم تقدير تكلفتها بحوالي 80 مليون دولار أميركي، كما قمنا أيضا بتشكيل اللجنة الفنية الفلسطينية والتي ستبدأ اجتماعاتها قريبا مع نظيرتها الاسرائيلية لوضع الترتيبات اللازمة للوصول الى الاتفاقية المذكورة بما يشمل الكمية، والنوعية، والأسعار، ومتطلبات البنية التحتية، ونقاط التزود، وغيرها من الأمور ذات العلاقة.
وفي هذا السياق اكد غنيم أهمية نجاح هذه المرحلة من المشروع لضمان استكمال مراحله اللاحقة التي لن تتحقق دون الالتزام بتنفيذ كافة البنود الواردة في مذكرة التفاهم 2013، وتجنب اية عقبات او اجراءات قد تعيق او تؤخر تنفيذ هذه المرحلة، وفي هذا الاطار فإن الجانب الاسرائيلي مطالب باتخاذ كافة الاجراءات اللازمة وبشكل عاجل للانتهاء من الاتفاقية مع الجانب الفلسطيني ضمن اطار ومفاهيم التعاون الاقليمي.
مشيرا الى انه في هذا الصدد لا بد لنا من أن نثمن دور الأردن الشقيق الذي عمل وما زال يعمل لتذليل العقبات التي تعترض التوصل لاتفاق بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وذلك للبدء الفوري في توفير كميات المياه المطلوبة للجانب الفلسطيني ادراكا منه بصعوبة الوضع الانساني والمعيشي نتيجة الازمة المائية التي تعيشها فلسطين من جهة، وحرصا منه على هذا المشروع بما يتوافق مع رؤية كافة الشركاء الدوليين من جهة أخرى.
وتوجه غنيم بالشكر الى كافة الشركاء والمانحين على دعمهم المتواصل لقضية المياه في المنطقة، انطلاقا من وعيهم التام بأن ندرة المياه تعتبر أحد أهم الأخطار التي تحدق في المنطقة في المستقبل غير البعيد، منوها الى ان أحد أهداف هذا المشروع هو خلق نموذج للسلام والتعاون في الشرق الاوسط، وهنا ادعوكم للعمل معا وسويا من أجل أن نجعل من الماء عاملا مساعدا لصنع السلام.. السلام القائم على العدالة والانسانية والشرعية الدولية لتنعم شعوبنا والاجيال القادمة بحياة أمنة ومستقرة كباقي شعوب العالم.
ومن الجدير ذكره ان مؤتمر المانحين الدوليين على المستوى الفني لمشروع ناقل البحرين قد عقد بمشاركة ممثلين لأكثر من 40 جهة دولية وعالمية، تمثل عددا كبيرا من الجهات الحكومية والرسمية والمؤسسات المالية المهتمة بتقديم الدعم المالي لمشروع ناقل البحرين.