أرسل مراقب الدولة الإسرائيلية، يوسف شابيرا، النسخة الأولية للتقرير الخاص بإدارة حرب غزة الأخيرة «الجرف الصامد» للجهات المعنية؛ لتلقي الرد عليه، قبل نشره بشكله النهائي. يحدد التقرير مستوى الشفافية لهذه الحرب، بالنسبة للكابينت الأمني والسياسي الإسرائيلي.
تسربت النسخة الأولية، لهذا التقرير وقام موقع «هآرتس» بنشر انتقادات حادة، وتبادلاً للاتهامات بين أطياف الحكومة الإسرائيلية ومكتب المراقب وبعض جهات المعارضة، حول المسؤولية والهدف الكامن وراء تسريب هذه النسخة، غير المعدة للنشر رسمياً.
وتداولت بعض الأوساط الإعلامية الإسرائيلية، هذا الخبر، مشيرة بدورها، إلى أن النسخة الأولية، التي تم تسريبها، هي أكثر خطراً من تقرير لجنة «فينوغراد» الذي سبق وأن تطرق إلى الإخفاقات التي شهدتها حرب لبنان الثانية في العام ٢٠٠٦.
تضمن التقرير، غير الرسمي، جملة من الأخطاء التي ارتكبها المجلس الوزاري المصغر، ما أدى إلى إطالة أمد الحرب.
أشار التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي، اكتشف في اليوم الأول من الحرب، نفقاً هجومياً قرب معبر كرم أبو سالم، وحينها سارع رئيس الأركان، ليؤكد أمام الكابينت، عدم وجود نية أو قدرة لدى " حماس "، لتنفيذ مزيد من العمليات عبر الأنفاق، وبعد ساعات فقط من ذلك، شنت الفصائل الفلسطينية، وانطلاقاً من الأنفاق أربع هجمات.
الأوساط المقربة من رئيس الوزراء نتنياهو، ومن يعالون قالت: إن التقرير الصادر هو غير جدي، وصادر عن مراقب غير جدي، وإنهم يرفضونه جملة وتفصيلاً، وأكدوا أن التقرير ذهب بعيداً باتجاه اعتماد «حقائق» مبرمة لا أساس لها، وأن مجريات الحرب، جرت بشفافية غير مسبوقة، من حيث التعامل مع الكابينت الذي عقد عدداً غير مسبوق، من الجلسات أثناء الحرب، وأن رئيس الأركان «بني غانتس» تلقى أشد بل وأقسى الانتقادات إبان الحرب.
تأتي عملية التسريب تلك، وما تشهده الأوساط الإسرائيلية من حالة ترقب لنشر تقرير مراقب الدولة رسمياً، وسط ما تشهده غزة هذه الأيام، من إعطاء انطباع عام، للإسرائيليين، وهو أن الجيش الإسرائيلي يعمل على كشف الأنفاق، بل والتوغل في بعض المناطق الحدودية مع قطاع غزة ويأتي ذلك، في سياق إعطاء الانطباع العام للإسرائيليين، وهو أن حكومة نتنياهو، لا تزال تعمل في سياقات محاربة "حماس"، دون أي اعتبارات أخرى.
لعله من نافلة القول: إن حكومة نتنياهو، تعيش في حالة مأزق مركبة: مأزق داخلي عميق، وخطير في آن، على ضوء ما سيحمله نشر تقرير مراقب الدولة رسمياً، ومأزق خارجي جراء إعلان حكومة نتنياهو رفضها للمبادرة الفرنسية.
عبر هذا المأزق المركب، ليس غريباً أن تحاول حكومة نتنياهو، الهروب إلى الأمام عير التلويح بإمكانية ضم الضفة الغربية، أو الإيحاء وكأن حرباً قادمة على قطاع غزة، حرباً جدية واسعة النطاق.
ستعمل حكومة نتنياهو، على الإبقاء على الحدود مع قطاع غزة، ساخنة، عبر تبادل إطلاق النار مع "حماس"، واجتياح محدود للحدود مع القطاع، للقول للشارع الإسرائيلي: إن الحرب مع "حماس"، هي حرب سجال، وإن صفحة الحرب لم تطو بعد. لكن ذلك لن يحول، دون فتح ملف الحرب أو الحروب على غزة، ودون محاسبة المسؤولين عنها، خاصة أن إخفاء المعلومات حول حقيقة ما جرى فيها وإبانها، بات واضحاً للجميع في إسرائيل وغيرها، على حد سواء، علينا أن نتوقع، أنه وبعد نشر التقرير رسمياً، أن ثمة تفاعلات داخلية إسرائيلية جدية، ستشهدها الساحة السياسية الإسرائيلية، وسيأتي ذلك مترافقاً مع أزمة سياسية إسرائيلية، على المستوى الدولي، خاصة بعد تصريحات حكومة نتنياهو، بشأن رفض المبادرة الفرنسية.
هنالك جهود رسمية فلسطينية تبذل لتهدئة الأمور وتجنيب قطاع غزة المزيد من الدمار، وهنالك تفهم مصري دقيق ومعمق لما يحدث، وإن الهدوء المتكسر على حدود غزة، بات يشير، بما فيه الكفاية، إلى أن إسرائيل و"حماس"، لا تريدان حرباً، بل يبحثان عن حضور.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد