هآرتس: مستقبل الجولة المقبلة من الحرب مرتبط بقرارات قيادة حماس
القدس / سوا / لا تنظر أجهزة الأمن الإسرائيليّة، إلى عمليّة تفجير الحافلة، أمس الإثنين، بمدينة القدس المحتلّة، على أنّها تغيير جوهريّ في نمط الهبّة الشّعبيّة الفلسطينيّة، في الوقت الذي من المؤكّد أنّ العمليّة ستؤثّر على قرار إعادة منح السّيطرة على مناطق A للسلطة الفلسطينيّة، على خلفيّة المحادثات الجارية مؤخّرًا بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين حول إعادة انتشار الجيش الإسرائيليّ بمدن الضّفّة الغربيّة.
وكان اكتشاف النّفق الهجوميّ الممتدّ من غزّة إلى داخل إسرائيل، السّبب وراء الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام، نهاية الأسبوع الماضي، بشأن التّوتّر الآخذ في الازدياد على الحدود الجنوبيّة.
ويقول عاموس هرئيل، في صحيفة هآرتس الصّادرة صباح اليوم الثّلاثاء إنّه من المتوقّع أن يكون تنظيم حماس يتقصّى ويراقب النّشاط العسكريّ الإسرائيليّ في البحث عن الأنفاق، لكن 'في هذه المرحلة، تبدو الاحتمالات ضئيلة، أن يؤدّي نجاح الجيش الإسرائيليّ إلى مواجهة عسكريّة أخرى في القطاع'.
وأضاف هرئيل أن 'نشاط الجيش الإسرائيليّ وجهاز الأمن العامّ في كافّة أنحاء الضّفّة الغربيّة، إلى جانب الاعتقالات المنهجيّة التي تنفّذها السّلطة الفلسطينيّة، خلافًا للانتفاضة السّابقة، في صفوف أعضاء الخلايا العسكريّة لحماس، تصّعبان على التّنظيم (حماس) من استعادة قدرته في الضّفّة الغربيّة'.
وأشار هرئيل إلى أنّ الجيش الإسرائيليّ، لم يعلن، وربّما لا يعرف، توقيت حفر النّفق الهجوميّ الذي أعلن عن اكتشافه بالأمس، فهل يتبع إلى أنفاق ما قبل العدوان الإسرائيليّ على غزّة، عام 2014؟ أم أنّه نفق حفرته حماس بعد العدوان؟ في كلا الحالتين، المعادلة ليست في صالح إسرائيل 'بشكل تناقضيّ، الإنجاز الاستخباراتيّ والتّكنولوجيّ الكامن باكتشاف النّفق، يعكسان بالذّات إشكاليّة إسرائيليّة'.
فإن كان السّيناريو الأوّل، أنّ النّفق محفور قبل عدوان 2014، فمعنى الأمر أنّ 'إعلان الحكومة عن اكتشاف وتدمير كافّة الأنفاق الهجوميّة مع انتهاء الحرب، كانت عارية من الصّحّة، وعكست بالأساس استجابة لتوقّعات الجماهير لإنهاء الحرب والإعلان عن إتمام مهمّة تدمير الأنفاق بنجاح'. أي أنّ الحكومة الإسرائيليّة روّجت أكاذيب للجمهور الإسرائيليّ من أجل طمأنته.
وإن كان السّيناريو الثّاني، أنّ النّفق حفر مؤخّرًا، أي بعد عدوان 2014، فمعنى الأمر أنّ حماس لم تتأثّر من عدوان 2014، بل تعاظمت قوّتها، وتزايد إصرارها على مواصلة الاستعداد للمواجهة العسكريّة القادمة، مع الاعتماد على الأنفاق، كما في حرب 2014، ركيزة أساسيّة من وسائل القتال.
ويشير هرئيل إلى أنّ عمليّة تفجير العبوّة النّاسفة بالحافلة في القدس المحتلّة، تحمل 'شحنة سياسيّة'، في سياق حديثه عن ظهور نتنياهو في الأسبوع الأخير بـ'عرضي انتصار، في ساحتين أمنيّتين أساسيّتين'. كان 'العرض' الأوّل، خلال جلسة الحكومة الأسبوعيّة، حينما فاخر بانخفاض عدد العمليّات الفلسطينيّة في الضّفّة الغربيّة وفي القدس الشّرقيّة، في الأسابيع الأخيرة، 'إذ نسب النّتائج لسياسة الحكومة ونجاعة الأذرع الأمنيّة'. وبعد هذا التّصريح بيوم واحد، صدّر نتنياهو عنوانًا آخر للصحف حينما أعلن عن عشرات الغارات الإسرائيليّة التي نفّذت لمنع وصول أسلحة متقدّمة لحزب الله اللبنانيّ.
ويحلّل هرئيل هذه التّصريحات على أنّها تأتي لـ'تعزيز صورته الأمنيّة'، وللردّ على من يتذمّرون من استمرار الهبّة الشّعبيّة الفلسطينيّة طويلًا. لكن ماذا بشأن الحدود مع غزّة، في الوقت الذي يفاخر فيه نتنياهو بسيطرته على الضّفّة الغربيّة والجولان المحتّلين، فهل هي 'تحت السّيطرة' بالفعل، كما تدّعي الحكومة الإسرائيليّة؟
ويضيف هرئيل أنّ نتنياهو ويعالون يتعاملون 'هذه المرّة'، أي بعد آخر مواجهتين عسكريّتين مع حماس، بجديّة مع التّهديدات القادمة من القطاع، بينما 'يفضّلون إرجاء الجولة القادمة، قدر الإمكان'، في إشارة للمواجهة القادمة، ويستدرك هرئيل بأنّ المستقبل، مرتبط إلى حدّ بعيد بقرارات قيادة حماس.
ووفق التّحليلات الإسرائيليّة، فإنّ القيادة السّياسيّة لحركة حماس، والمتمثّلة بخالد مشعل، غير معنيّة الآن بمواجهة عسكريّة ضدّ إسرائيل، إلّا أنّ 'التّهديد يكمن برؤساء الذّراع العسكريّة للتنظيم في غزّة، يحيى سنوار، محمّد ضيف ومروان عيسى، والمتواجدين بعلاقة متوتّرة مع القيادة السّياسيّة'. وبناءً على هذا التّحليل الإسرائيليّ، فإنّ القيادة العسكريّة لحماس، أرادت المواصلة في المواجهة العسكريّة خلال العدوان على غزّة عام 2014، من أجل 'إبراز المزيد من المفاجآت'، إلّا أنّ القيادة السّياسيّة حالت دون الأمر وكبحته.
ويقول هرئيل إن حركة حماس من شأنها أن تقدم على مواجهة عسكريّة في حال شعورها بنجاح التّكنولوجيا الإسرائيليّة الجديدة وتهديدها لكامل منظومة الأنفاق خاصّتها.