قبل أسبوع كان يوم التضامن مع الأسرى المرضى في 2 نيسان، وبالأمس كان يوم الصحة العالمي، والخطابات تتحدث عن احياء شكلي لهذه الأيام، دون الخوض في جوهر هذه المناسبة، وخاصة في انقاذ الشعوب من الأوبئة، وانقاذ المرضى منهم، وعندما نناضل في جزئية الأسرى المرضى،  فاننا نقول أن السجون هي بيئة للاعدام والقتل البطئ، وليست بيئة مناسبة لتحسين شروط ومعالجة، فمستشفى سجن الرملة مثلاً يعرف بالمسلخ كناية عن الاجرام الذي تعرضوا له فيه،

والجميع يعرف كيف تطورت قضية الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من قضية سياسية إلى مجموعة من القضايا الإنسانية التي يندى لها جبين العالم، ففي كل يوم داخل زنازين الموت يتعرضون لموت تدريجي، يبدأ من التعذيب، ثم العقوبات المعيشية، والأحكام القضائية التعسفية، والعزل والتجارب الطبية والإهمال الطبي القاتل للمرضى دون مراعاة لطبيعتهم منهم الأطفال والمسنين والنساء وذوي الاعاقة.

 

وهناك أيضاً أوضاع وظروف أخرى مؤلمة خافية على الإعلام، يقوم الاحتلال بالتكتم عليها، ونحن نعتبر السكوت عنها واستمرارها وصمة عار على المجتمع الدولي وعلى دعاة السلم العالمي والحريات الإنسانية. هذه الأوضاع المأساوية للأسرى، والتي تمثل مجزرة حقيقية  وصفعة لكل مضامين الإنسانية "قوانين وعهود وإعلانات وقيم".

 

إن هذا الاختبار الصعب، يفرض علينا كحركيين وكنشطاء وكإعلاميين وكمثقفين ...الخ، أن نطلق نداءنا الأخيرً، ليس نداء الرجاء والضعف، بل نداء صحوة الضمير الذاتي، نداء استنهاض المارد الوطني، ونداء استيقاظ القوى الثورية الصديقة لصالح قضية الأسرى، هذه القوى التي انتظرت منا خطاباً جديداً ونضالاً جدياً.

 

وحيث أن لغة الشجب والاستنكار غير واردة في قاموس العمل الثوري أصلاً، ولأنها استُهلكت كثيرا في خطابنا الوطني، دون أن تجدي نفعاً مع غطرسة الإحتلال بحق أسرنا، لذا فإننا كنشطاء وإعلاميين ومثقفين مدعوون لمضاعفة جهودنا، وتثوير خطابنا ليكون بمستوى الإجرام الإسرائيلي بحق أسرانا، كما أن كافة مؤسساتنا مدعوة أيضاً للتكاتف والالتقاء في برنامج وطني جاد، بحيث يستنهض كل قوى المجتمع الفلسطيني للدفاع عن قضية الأسرى.

 

إن قضية الأسرى المرضى وضعتنا في زاوية الاختبار، لأنها تمثل خلاصة الكرامة الوطنية لشعبنا، ولكي لا نستقبل المزيد من جثامين الشهداء الأسرى، علينا أن نعيد بناء ذاتنا قبل أن نطالب الآخرين بأي شئ. لذا، فقد آن الأوان لأن ننهي الانقسام ونتوحد لأجل أسرانا، لأن مواجهة الخطاب الصهيوني العالمي والعقلية الغربية المتعاطفة مع الاحتلال يحتاج لبرنامج واسع تساهم فيه كل التنظيمات الفلسطينية بكل توجهاتها الفكرية وقواها البشرية، ولأن التنظيمات السياسية هي الأقدر على استنفار الحشود الشعبية الفلسطينية.

 

كذلك آن الأوان لإيقاظ جالياتنا وسفاراتنا لتأخذ دورها في كل أنحاء العالم لصالح قضية الأسرى، وآن الأوان لتحريك كل المؤسسات الدولية والإقليمية للتدخل والضغط بقوة للإفراج عن هؤلاء المعتقلين، وخاصةً المرضى منهم، وأخيراً آن الأوان أن نعتبر المجتمع الدولي الصامت حيال هذه الجرائم، بأنه شريكاً في هذه الجرائم، وليس طرفاً محايداً، مما يترتب عليه إعادة خريطة علاقاتنا الدولية وفقاً لاعتبارات كرامتنا وإنسانيتنا.

 

هنا تأتي أهمية برنامج توسيع الحشد العالمي لدعم مطلب تحرير الأسرى وخاصةً المرضى منهم، وهنا نحتاج لخطوات تقفز عن الشجب والاستنكار، لأن صمت المجتمع الدولي قد جاء نتيجة ضعفنا، وغطرسة الاحتلال بحق أسرانا جاءت نتيجة انقسامنا، وهذا ما نحن ذاهبون اليه في ملتقى الأسرى المحررين لدعم جهود قيادتنا على هذه الصعيد الدولي الانساني.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد