أن تعرض فتيات فلسطينيات من غزة "بشعورهن"، الشال التراثي للزي الشعبي الفلسطيني، يرافقه عرض لبعض الملبوسات التراثية التي نعتز بها،، أمرٌ لا يعد جريمة تُوجب كل هذه الضجة الغير مبررة، والمبالغ فيها بشكل تصادمي دار جداله داخل حدود "العالم الأزرق"، بين كثير من الشباب الذين اعتبروا الفيديو الذي تم نشره على الإنترنت، والذي صُوّر "بكميرا جوال" من قبل إحدى الحاضرات داخل مطعم الروتس على شاطئ بحر غزة، مادة دسمة تصلح لأن تكون صاروخاً موجهاً للرد فيه ع منتقدي فيديو "الملتقى الدعوي"، الذي صور في أحدى مدارس غزة، و الذي يعرض مشهداً لاستتابة أحد تلاميذ المدرسة أمام زملائه بين يدي أحد الدعاة والذي يتبعون في الأغلب لوزارة الأوقاف، بينما بدا المتحدثون في "فيديو المدرسة" كمن يقدمون "صك الغفران" للتلاميذ بعد توبتهم، الأمر الذي جعل "فيديو المدرسة" حديث الغزيين، ومثار جدل على صفحاتهم الاجتماعية شغلت حيزاً كبيراً، لينشر في ليلتها "فيدو الروتس" ويتم تداوله بشكل واسع كرد من مؤيدي "فيديو المدرسة"، والذين وجدوا في "عرض الروتس" مشهداً لا يمكن تقبله في مجتمع ومدينة غزة.

"ليس دفاعاً" عن عرض الروتس،، ولكن كما كان قد أشيع، فالعرض خاص فقط بالنساء، وقد تم عرضه مسبقاً أكثر من مرة، وتذكرة العرض تبلغ قيمتها 150 شيكلاً تذهب لصالح أطفال مرضى السرطان، بينما لم يكن اللباس أو الثوب الفلسطيني المعروف لدى الجميع يظهر أي عوراتهن كما ظهر في الفيديو، بخلاف ظهورهن بشعورهن.

"ليس دفاعا" عن عرض الروتس، الذي تجد فيه من يدفع 150 شيكلاً ليتابع عرض لأزياء تراثية في بلد سحق الفقر أهله، فيما لا يزال يتمتع أصحاب الطبقة البرجوازية، في جلسة في مطعم كالروتس قد يصل فيه سعر فنجان كوب الشاي 20 شيكلاً..

أما إذا كان الاعتراض ع الفتيات فقد كن مستورات، بخلاف ظهورهن بشعورهن وذلك قد لا يروق للكثير.. معتبراً ذلك مربط الفرس الذي لأجله أعلن غضبته،، لا يا سيدي، غزة بلا توضيح وبلا استفسار يوجد بها ما هو أكثر من ذلك، ولكن قد لا تفلح كميرا الجوال في التقاطه ونشره ع الإنترنت، ذلك أن غزة ليست فقط ل حماس وحدها، وحماس ليست لغزة، فيها من المسلم المتشدد.. للملحد، وفيها من كافة أطياف اللون السياسي الفلسطيني الذي يختلف في تفسيره للفرق فيما بين العيب والحرام، وهذا لا يعني أننا لا سمح الله نعيش واقعاً منحرفاً اجتماعياً وعقائدياً،، وحتى لا يُفهم كلامي بذلك، فلا زال ولله الحمد الطابع الإسلامي هو الغالب، ولا زالت عاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة هي مرجعنا، وإليها نحتكم بعد عقيدتنا الإسلامية ..

أغلب من سجل اعتراضه على "فيديو المدرسة"، لم يكن الاعتراض بالمطلق ع الغاية التي تهدف لأجلها هذه الملتقيات الدعوية، وإنما سجل الاعتراض ع الأسلوب الذي قد يصدم حداثة سن الذين يتم مخاطبتهم بهذه اللهجة، والحدة وكأن الواحد منهم بات على أعتاب جهنم، وأن طريقه للرشاد يبدأ من لحظة إعلان توبته هنا أمام زملاء مدرسته! هذا سخف مع احترامي لكل القائمين عليه ارحموا هذا الجيل ولا تقلقوا عليه،، فلا زال جيلنا وشبابنا بألف خير، مقارنة بأجيال قابلتهم مثلاً في أحد الدول العربية، فلا تستغرب إذا قلت لك بأن أبن الـ 15 ربيعاً يرتكب جرم الزنى مع بائعة هوى مقابل عيديته التي جمعها من والده و أقاربه، وأن أبن الـ 16-17 عاماً خبير في أنواع الحشيش والمخدرات، والكيف،،،! جيلنا بخير، كل ما يحتاجه هو أن توفر له مقومات الحياة فقط لا أكثر، .. جيلنا وشبابنا بخير، فالكل يعلم بأن من كان لهم بصمة مميزة خلال حرب غزة الأخيرة 2014، هم من بات يطلق عليهم أفراد "نخبة القسام" الذين اقتحموا ع الجنود الصهاينة المعتدين دباباتهم، وحصونهم، فلمن لا يعلم فإن أكبرهم سناً لا يتجاوز 22-23 عاماً.

مع الملتقيات الدعوية وأأيدها وأساندها، شرط أن تكون بأسلوب يدخل فيها باب الترغيب أكثر من باب الترهيب، مع ترك مساحة للنفس البشرية للانقياد نحو فطرتها التي لأجلها خلقت، ألا وهي عبادة الله وطاعته، وذلك لن يتحقق إلا إذا سدت كافة الفراغات والاحتياجات النفسية لهم، مع توفير مقومات الحياة ضمن الحد المسموح في وضع مجتمع كمجتمع غزة المحاصرة، والله الموفق.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد