العثور على كنيسة أثرية وكنوز وسط غزة
غزة / سوا / كشفت أعمال الحفر التي تقوم بها وزارة الأوقاف في غزة لبناء مجمع تجاري في ساحة ميدان فلسطين عن وجود بعض القطع الحجرية الرخامية لكنيسة قديمة، بعد وصول عملية الحفر لعمق عدة أمتار.
وبعد المعاينة الميدانية، التي قامت بها طواقم الآثار لمكان الحفر، تبين أن القطع الحجرية التي تم العثور عليها هي "تاج عامود رخامي، على طراز (الورنثي)".
وذكرت طواقم الآثار أن تاج العمود الرخامي محفور عليه زخرفة من أوراق نبات الأكانثس (أوراق نبات الخرشوف)، وهي محفورة بواسطة الحفر الغائر، وتتخلل الأوراق التي تزين التاج فتحات.
وأوضحت أنه يبلغ قطر قاعدة التاج حوالي60 سم، ما يدلل على ضخامة التاج، وضخامة العامود الذي يعلوه التاج، وضخامة بناء المبنى الذي احتواه هذا التاج.
وتقول مديرة الدراسات والأبحاث في السياحة والآثار بغزة هيام البيطار: أثناء الحفر الذي تقوم به الأوقاف في وسط مدينة غزة بالصدفة وبشكل غير منظم تم الكشف عن مجموعة من الأعمدة وتيجانها وقواعدها، ومن خلال الملاحظة والمعاينة الميدانية لهذه القطع واضح بأن هذا المكان مبنى ديني كنسي يعود للعصر البيزنطي من خلال قواعد الأعمدة المحفور عليها شكل أو ما يسمى بعلم الآثار الصليب اليوناني ذي الأذرع المتساوية.
وأكدت البيطار في حديثها مع وكالة "وفا" الرسمية، أن الموقع يعود للعصر البيزنطي وتحديداً للقرن السادس الميلادي، من خلال ضخامة ومتانة الأعمدة وقواعد الأعمدة وجمال التيجان، التي هي على الطراز الكورنثي، مبينةً أن ضخامة الأعمدة وشكلها "يعطينا دلالة بأن المبنى الديني هنا كان كبيراً، وأجزم أنه لم يكن كنيسة صغيرة بل كان كنيسة كبرى أو كاتدرائية".
ولفتت إلى أنه شاع بتاريخ غزة خلال العصر البيزنطي بناء الكنائس الكبرى، خاصة في عهد الإمبراطور جستينيان، الذي اهتم ببناء الكنائس، مضيفةً "كنت أتوقع أن يكون في هذا المكان بحسب طبوغرافية البلدة القديمة لغزة كنيسة كبرى، والدلائل المادية الأولى أثبتت هذا الشيء، ونحن نفتخر به وأنه موجود في غزة دلالة تدلل على تاريخها خلال حقبة مهمة خلال العصر البيزنطي وقد تكون نهايات العصر الروماني وبدايات العصر البيزنطي".
ونوهت البيطار إلى أن "قطع الفخار الموجودة في المكان إضافةً إلى الزجاج وقطع من القرميد، الذي كان يغطي سطح الكنيسة يعطينا دلالة أنها لم تكن كنيسة عادية صغيرة بل كنيسة كبرى، دلالة موقعها من ناحية الطبوغرافية منطقة عليا في البلدة القديمة أو في أعلى منطقة إلى الغرب من البلدة القديمة بالقرب من محيط المباني الأثرية الهامة كالجامع العمري وكنيسة بيرفيريوس في منطقة واحدة، وهذه دلالة على أهمية المنطقة من الناحية التاريخية".
وعبرت عن أملها أن يتم معرفة تاريخ واسم هذه الكنيسة، منوهة إلى التواصل مع الأوقاف خاصة بعد هدم المبنى القديم في هذا المكان، مؤكدة أن "هذه الأعمدة ستنقل إلى حيازة وزارة السياحة والآثار لكي يتم تنظيفها وتنظيمها بالشكل المناسب وتوثيقها علمياً وعرضها في حديقة متحف قصر الباشا لكي تكون شاهداً على تاريخ المنطقة".
وتابعت: "نحن نمد أيدينا للجميع للتعاون في البحث في آثار غزة وتاريخها لأن غزة من أقدم المدن في العالم، وبالتالي هي مدينة أثرية فعلاً تحت الأرض وتحت أقدامنا يوجد كنوز".
ودعت إلى طي الخلافات والبحث عن الإرث التاريخي الذي تحتويه غزة، قائلةً: "يجب أن نتغاضى عن كل الخلافات السياسية والأمور التي تحد من التواصل الخارجي، يجب أن نتواصل لكي نظهر هذا التاريخ الإنساني الذي يعنى به كل مواطن فلسطيني وحتى الصديق للفلسطينيين".