193-TRIAL- انفلات إسرائيلي في ارتكاب مزيد من الجرائم في قطاع غزة على قاعدة الأرض المحروقة... بحيث أصبح كل ما يتحرك على الأرض الفلسطينية هدفاً مشروعاً لآلة الحرب الإسرائيلية. في كل مرة تقع فيها كارثة إنسانية مكشوفة... كانت القيادة الإسرائيلية تبدأ بإظهار التراجع للتخفيف من حدة الانتقادات الدولية. ولكن هذه المرة فإن سقوط عشرات الشهداء والجرحى في مدرسة تابعة لوكالة الغوث في بيت حانون لم يكن له أي أثر على التوجهات العدوانية للقيادة الإسرائيلية.
ولعلّ أخطر ما في هذه الحرب الإجرامية هو الصمت الدولي تجاه عمليات القتل التي تمارسها إسرائيل بالجملة، وخاصة في صفوف المدنيين. وبالنظر إلى ما يصدر عن الجانب الإسرائيلي، فإن هناك اعترافاً فعلياً بأن الضحايا في هذه الحرب أغلبهم من المدنيين سواء أكانوا أطفالاً أم نساءً أم شيوخاً، وهذا ما تؤكده المصادر الإسرائيلية العسكرية بطريقة غير مباشرة، عندما تتحدث قيادة الميدان العسكرية الإسرائيلية عن أنها تمكنت من قتل 250 مقاوماً فلسطينياً، أي أقل من 30% من عدد الشهداء الذين سقطوا خلال الأسابيع الماضية أو بمعنى آخر فإن 70% من الشهداء هم مدنيون. وبناءً على ذلك فإن عدد الجرحى والمصابين أكثر من ستة آلاف من المدنيين.
هذه الأرقام أصبحت دون معنى، لأن العالم يواصل العد الإحصائي المجرد والبعيد عن كل معنى إنساني. وأصبح مفهوم السلم العالمي أو حقوق الإنسان أو اتفاقيات جنيف المتعددة دون معنى بالمطلق... وأصبحت إسرائيل حالة خاصة في النظام الدولي غير قابلة للنقد، وكل جرائمها مسكوت عنها.
الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا تنظر إلى هذا العدوان من عين واحدة.. ولا ترى بالمطلق حجم الدم الفلسطيني؛ ما يثير حالة من الاشمئزاز في مفهوم العدالة الإنسانية.
للأسف، هذا الصمت لا يقتصر على أوروبا أو أميركا وإنما يمتد إلى كثير من دول العالم التي تمارس الصمت أو في أحسن الحالات الاستنكار الخجول، وإن فعلت ذلك فهي في الوقت نفسه تشير إلى الصواريخ الفلسطينية وكأن الضحايا الإسرائيليين بالمئات.
وهناك صمت أيضاً على الصعيد العربي.. وهذا الصمت أخذ مجموعة من الأشكال.. إما باعتبار أن لا شيء يحدث في فلسطين.. وبالتالي ردود الفعل الرسمية أو الجماهيرية غير حاضرة بالمطلق.. أو الاقتصار على تقديم قليل من المساعدات الغذائية.. مع بعض الفعاليات في عدد من العواصم العربية وهي دون الحد الأدنى القادر على إحداث تغيير في موقف النظام العربي الرسمي.
بل أخطر من ذلك لأول مرة، بدأنا نلاحظ كتّاباً وإعلاميين يحمّلون الجانب الفلسطيني مسؤولية الحرب، بل إن بعضهم أظهر إسرائيل كضحية.. مع كثير من السبّ والشتم بحق الشعب الفلسطيني.. وهذا يدل على مدى حالة الهوان والذل التي وصل إليها بعض العرب.
هؤلاء الكتّاب الذين تتم مكافأتهم من جمعيات ومؤسسات صهيونية هم أيضاً سبب آخر في مفهوم الصمت العربي.
السؤال المطروح: هل هذا الصمت هو سياسة جديدة على مستوى العالم.. وهل سيكون هناك صمت لو حدثت مثل هذه المجازر في دولة أوروبية أو حتى عربية موالية للغرب.. أم أن الدم الفلسطيني أصبح بلا ثمن.. لأننا لم نعد ذلك الرقم الصعب عربياً ودولياً.
صمت العالم هو الذي يعطي آلة الإجرام الإسرائيلية مزيداً من التدمير والقتل وسفك دماء الأبرياء.. وهذا النظام العالمي الذي أصبح دون ضمير.. بدأ يضفي على نفسه مزيداً من العنصرية والتفريق بين دم ودم.. إنسان وإنسان، والفلسطينيون هم الضحية؟!
abnajjarquds@gmail.com 9

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد