إجماع في اسرائيل: عمليات أمس أكدت ان الحل العسكري ليس موجوداً وفشل تل ابيب بات مدوياً

عملية اطلاق نار بالقدس

القدس / سوا / أجمع المُحللون للشؤون الأمنيّة والعسكريّة في الإعلام الاسرائيلي، على أنّ العمليات التي قام بتنفيذها الفلسطينيون أمس في كلّ من يافا وتل أبيب والقدس الشرقيّة تؤكّد بما لا يدعو مجالاً للشكّ بأنّ إسرائيل أفلست أمنيًا، ولم تتمكّن بعد مرور نصف سنة على اندلاع الانتفاضة الثالثة من وقفها أوْ من التخفيف من حدّتها، بل بالعكس، أكّد المحللون، على أنّ العمليات الفلسطينيّة من طرفي ما يُسّمى بالخط الأخضر في ارتفاعٍ مُستمرٍ، الأمر الذي أذهل الإسرائيليين، شعبًا وقيادةً، فيما زاد الشعور بعدم الأمن والآمان لدى جميع الإسرائيليين بسبب تكثيف العمليات. علاوة على ذلك، ما زالت المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة تؤكّد بمُناسبة أوْ بغيرها، على أنّ هذه الانتفاضة، خلافًا للانتفاضتين السابقتين، هي انتفاضة الرجل الواحد أوْ المرأة الواحدة، وأنّ التنظيمات الفلسطينيّة، على اختلافها، لا ناقة لها ولا بعير في الانتفاضة الحاليّة، الأمر الذي يجعل من محاولة وقفها أمرًا صعبًا، إنْ لم يكُن مُستحيلاً.

ورأى مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة اليوم الأربعاء، عاموس هارئيل، أنّ العمليات التي تمّ تنفيذها أمس لا تمت بصلةٍ إلى تنظيم (داعش)، بلْ إنّها متأثرة من الهجمات التي يشنها هذا التنظيم الإرهابيّ، مهما يكُن من أمرٍ، أضاف، فإنّ فقدان الشعور بالأمن والآمان لدى الإسرائيليين تلقّى أمس ضربةً قاصمةً، على حدّ قوله.

وبحسب كبير المُعلقين في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ناحوم بارنيع، فإنّ اليأس الإسرائيليّ اصطدم باليأس الفلسطينيّ من عدم التقدّم في أيّ أفقٍ سياسيّ، فكانت النتيجة تأجيج انتفاضة الأفراد، وتابع قائلاً إنّه لا يُعقل أنْ تستمّر وتيرة العمليات بهذا الشكل، وتُوقع الجرحى والقتلى، فيما تُواصل الحكومة الإسرائيليّة التباكي على الوضع. وتابع قائلاً: طفح الكيل، يتحتّم على حكومة بنيامين نتنياهو العزوف عن التصرّف كالناعمة، وأنْ تُخرج رٍأسها من الرمل، وتبدأ بالعمل، لافتًا إلى أنّ قمع الانتفاضة ليس بالأمر السهل، إنّه صعب جدًا، على حدّ تعبيره، ولكنّه ليس مستحيلاً، قال بارنيع. أمّا زميله، أليكس فيشمان، فكتب في نفس الصحيفة أنّ عمليات أمس أكّدت على أنّه طفح الكيل وباتت المياه تُغطّي الشوارع، لافتًا إلى أنّ أحداث أمس أثبتت بشكلٍ قاطعٍ وحازمٍ أنّ سيّد الأمن، نتنياهو، لا يحمل أيّ فكر عسكريّ، أوْ سياسيّ، ولا يوجد بجعبته دواء سحريّ لوقف الانتفاضة المُستمرّة بوتيرةٍ عاليةٍ جدًا منذ حوالي نصف عام، على حدّ تعبيره.

ولفت فيشمان، نقلاً عن مصادر أمنيّة وصفها بأنّها رفيعة المُستوى، لفت إلى أنّ المُهمّة الأساسيّة للمُستويين السياسيّ والأمنيّ في تل أبيب هي وقف الانحدار الخطير في شعور المُواطنين الإسرائيليين بالخوف والهلع والذعر، علاوة على وقف التدحرج الخطير جدًا في العلاقات بين اليهود والعرب في الضفّة الغربيّة المُحتلّة وفي مناطق الـ48، وتابع قائلاً إنّه يتحتّم على جهاز الأمن العّام (الشاباك الإسرائيليّ) والجيش والشرطة أنْ يقوموا بعملياتٍ نوعيّةٍ لوقف منحدر الهلع والذعر لدى الإسرائيليين، لأنّ غير ذلك سيؤدّي، شئنا أمْ أبينا، إلى فقدان الإسرائيليين الشعور بالأمن والآمان في دولتهم، على حدّ وصفه.

وأشار إلى أنّ كلّ محاولة لإيجاد عاملٍ مُشتركٍ بين العمليات الثلاث أمس مصيره الفشل، ذلك لأنّ الحديث يدور عن “إرهاب” فرديّ، ليس إلّا. وتناول الفكرة التي يقوم المستوى الأمنيّ بدراستها وهي فرض الحصار على الضفّة الغربيّة، ولكنّ المصادر الأمنيّة أكّدت بحسبه، على أنّ الإقدام على هذه الخطوة ستُشعل الضفّة بأكملها، وعندها سيكون الوضع أسوأ وأخطر بكثير ممّا عليه الآن.

وبرأيه، فإنّ الحكومة الإسرائيليّة أعجز وأوهن عن الإقرار بأنّ الدولة العبريّة تُواجه الآن مرضًا خبيثًا وعُضالاً، علاوة على كونه مُعديًا، مُوضحًا أنّ الأدوية التي تمّ ابتكارها بعد مرور نصف سنة على الانتفاضة الثالثة أثبتت فشلها كليًّا، بحسب قوله.

وأشار إلى أنّ أنّ تفاقم الوضع جعل من الأدوية التي اخترعتها الحكومة الإسرائيليّة أكثر تكلفةً، ولكنّها لا تعود بالفائدة بالمرّة على الداء الذي ينتشر كالنار في الهشيم، على حدّ وصفه، والآمال لدى صنّاع القرار في تل أبيب، أضاف، بأنْ يختفي المرض من تلقاء نفسه تبددّت نهائيًا. وقال أيضًا إنّه على الرغم من تواجد قوّات كبيرةٍ من الجيش الإسرائيليّ في الضفّة الغربيّة، فإنّ الفلسطينيين يتمكّنون من إخراج العمليات الفدائيّة إلى حيّز التنفيذ، ولكن ما يقُضّ مضاجع دوائر صنع القرار في تل أبيب أكثر هي العمليات داخل الخّط الأخضر، وتحديدًا في تل أبيب، فمقارنةً مع الضفّة لا تنتشر قوات الأمن بكثافةٍ كما في الضفّة، علاوة على ذلك، لفت إلى أنّ عملية في تل أبيب يكون لها الصدى الواسع لدى الفلسطينيين، الذين يعتبرونها بطوليّة، وتتحوّل إلى نموذج يُحتذي به، قال فيشمان.

تطرّق أيضًا إلى الزعم الإسرائيليّ بأنّ هناك علاقةً بين زيارة نائب الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، إلى إسرائيل وبين العمليات أمس، وقال إنّ العلاقة بينهما ضعيفة للغاية، ولا تؤخذ بالحسبان لدى الأجهزة الأمنيّة، على حدّ تعبيره.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد