خمسة شهور مضت، وانتفاضة القدس مستمرة، وما زال البعض الفلسطيني يصر على استخدام مصطلح هبّة، بينما الشباب الفلسطيني اتخذ القرار ولم يلتفت خلفه، بل عينه وقلبه ودمه نحو القدس، نحو التحرير، نحو الانتفاضة على الاحتلال وعلى الحواجز وعلى مليشيات المستوطنين، وعلى تهويد القدس والمقدسات، وليس كما يحاول البعض تصوير المنتفضين بأنهم شباب يائس ومحبط وغيره من الأمراض الاجتماعية، فمن يتفحص ويتأمل ويقرأ بالسير الذاتية لأبطال انتفاضة القدس من الشهداء والمعتقلين، يجد أنهم من الشباب المثقف المتعلم المؤمن بعدالة قضيته، وبعضهم من أصحاب الدخل الجيد، وعلى صعيد الفتيات فربما الحديث يطول ويدحض أي رواية تحاول أن تقزم من أفعالهن...
انتفاضة القدس مستمرة، وستبقى مستمرة، حتى تقر اسرائيل بالحقوق الفلسطينية وحتى تراجع القيادة الفلسطينية مسارها السياسي وتعيد تقييمه بما يدعم مسار الانتفاضة، فلا يعقل الاصرار على الفشل السياسي الراهن، فقد أفشل نتانياهو حل الدولتين، ولم يلتزم بالاتفاقيات الموقعة، فلماذا نلتزم نحن بتلك الاتفاقيات الهزيلة...؟ فقد تحدث الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة على عدم الالتزام بتلك الاتفاقيات التي لم تلتزم اسرائيل بها، وأقر المجلس المركزي قرارات ملزمة بوقف التنسيق الامني، ولكن للأسف الشديد وكأننا أمام أكثر من دويلة داخل الدولة الفلسطينية، ويبدو أن جماعات المصالح تلعب بهدوء بما يضمن مصلحتها ويضمن بقائها....
إن انتفاضة القدس هي حالة تمرد على الواقع الفلسطيني الذي كتبت أوسلو معالمه، وكان الانقسام هو الجنين المشوه الذي أنجبه، واستفادت اسرائيل منه بزيادة وتيرة استيطانها وتهويدها، وتخلصها من عبء الاحتلال وتكاليفه، فثار الشباب الفلسطيني على الاحتلال ليؤكدوا للجميع أن الثورة مستمرة، ثورة تصحيحية تعيد المسار الوطني الفلسطيني الداخلي إلى بوصلته الصحيحة، وثورة ضد الاحتلال الاسرائيلي لتزيد من فاتورة احتلاله للأرض والانسان الفلسطيني.
إن الرؤية الاستشرافية القادمة تتمثل في زيادة وتيرة الانتفاضة وقوة فعلها، ودخول مكونات جديدة إليها، وصولاً إلى تغيير قناعة بعض الفصائل الفلسطينية بضرورة تبنيها وحينها سيكون مطلوب من اسرائيل دفع كامل المستحقات اللازمة لاحتلالها ورفضها خيار حل الدولتين، وعلى المجتمع الدولي الذي يكيل بازدواجية معايير واضحة مع اسرائيل أن يتحمل كامل المسئولية عن السيناريوهات المحتملة والمتوقعة، وتداعياتها الكبيرة.
Hossam555@hotmail.com
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية