تأميم يميني للإعلام الإسرائيلي

نتنياهو وزوجته

القدس / سوا / مما يشير إلى الحد الذي وصل إليه تغول نخب اليمين الديني والعلماني التي تحتكر الحكم على النخب اليسارية، قامت الدنيا في "إسرائيل" ولم تقعد بعد تشبيه رازي بركائي، مقدم أحد أهم البرنامج الحوارية في "إذاعة الجيش"، مشاعر ذوي جنود الاحتلال الذين قتلوا في عمليات المقاومة الفلسطينية بمشاعر عائلات الفلسطينيين الذين قتلوا بنيران جيش الاحتلال. 

وخلال حوار أجراه مطلع الأسبوع الماضي مع والد الجندي الإسرائيلي هدار غولدين، تساءل بركائي عن سبب تجاهل ذوي الجنود الإسرائيليين مشاعر عائلات الفلسطينيين الذين قتلهم جيش الاحتلال. وإلى جانب احتجاج والد هدار المباشر على المقارنة، صب وزراء ونواب من الائتلاف الحاكم جام غضبهم على بركائي مطالبين بطرده من الإذاعة العسكرية، على الرغم من أن بركائي، الذي خدم كضابط في وحدة مختارة خلال خدمته العسكرية الإجبارية، قد أمضى أكثر من 20 عاماً في العمل في هذه الإذاعة التي يقبل الجمهور الإسرائيلي على متابعتها. 

وكان من المفاجئ أن قائد إذاعة الجيش يرون ديكل، الذي يعد صديقاً شخصيا لبركائي، رفض الدفاع عنه، وأصدر بياناً اعتذر فيه لعائلات الجنود الإسرائيليين القتلى عن "جرأة بركائي على تشبيه مشاعر عائلات الشهداء الفلسطينيين بمشاعر هذه العائلات". 

وكان واضحاً من خلال ردة فعل ممثلي الحكومة والنخب اليمينية، أن الحكومة الحالية، والتي تعد الأكثر يمينية وتطرفاً في تاريخ إسرائيل، معنية بتأميم الجدل العام في إسرائيل بحيث لا يتناقض مع المنطلقات الأيدلوجية والخطاب الإعلامي لليمين. فلم يشفع لبركائي لدى نخب اليمين الحاكم دعوته، عند اندلاع انتفاضة الأقصى، إلى "استئصال الأعضاء التناسلية لمنفذي عمليات المقاومة". وبسبب ردة فعل وزراء الحكومة ونواب البرلمان، سارعت إدارة إذاعة الجيش إلى محاولة استرضاء النخب اليمينية من خلال قرار ديكل بتقليص البرنامج الإذاعي اليومي الذي يقدمه بركائي من ساعتين إلى ساعة واحدة، واستحداث برنامج إذاعي جديد على حسابه يقدمه الصحافي اليميني المتطرف أرئيل سيغل، المشهور بمواقفه اليمينية المتطرفة، والتي تصل إلى حد الهذيان. 

وفي افتتاحيتها الخميس الماضي، اعتبرت صحيفة "هارتس" أنّ تقليص برنامج بركائي واستقدام سيغل يمثل محاولةً من قبل "إذاعة الجيش" لضبط وتيرة واتجاهات البث بما يتوافق مع توجهات الائتلاف اليميني الديني الحاكم. ولفتت الصحيفة إلى أن ديكل الذي مضى على قيادته لإذاعة الجيش أربع سنوات يطمع بأن يمنحه وزير الحرب موشيه يعلون عاماً إضافياً في قيادة الإذاعة. وحسب الصحيفة، فإنّ ديكل معني باسترضاء يعلون لأن رئيس الوزراء  بنيامين نتنياهو  الذي يشغل أيضاً منصب وزير الاتصالات يرفض أن يتم التجديد لبركائي عاماً آخر. 

ومن أجل ضمان استرضاء نتنياهو وإقناعه بسحب اعتراضه على منحه عاماً إضافياً في قيادة الإذاعة، فقد أقدم ديكل على استيعاب السياسي الليكودي يعكوف بردوغو، لكي يشارك في تقديم برنامج حواري يقدمه الصحافي برون فيلينسكي. واللافت أن تقليص برنامج بركائي واستقدام 

سيغل وبردوغو يأتي في ظل هيمنة متصاعدة لإعلاميي اليمين على الإذاعة العسكرية، حيث أن خمسة برامج إذاعية مهمة يقدمها إعلاميون محسوبون على اليمين الديني، مثل عميت سيغل، ألون بن، وأمنون لورد. وهناك ميل واضح ومتزايد لدى وسائل الإعلام الإسرائيلية لاسترضاء نخب الحكم بسبب خشيته إمكانية توظيف هذه النخب صلاحياتها في المس بمصالح رجال الشركات الخاصة التي تملك وتدير هذه الوسائل. 

وتحاول بعض وسائل الإعلام استرضاء نتنياهو من خلال التزلف لزوجته سارة ذات التأثير الطاغي عليه، والتي أدانتها محكمة إسرائيل بتعمد الإساءة للموظفين الذي يعملون في منزل العائلة الرسمي. وأعلنت قناة التلفزة الثانية، التي تعد أكثر القنوات رواجاً في إسرائيل، أنها بصدد بث فيلم وثائقي عن والد سارة الأديب والكاتب شموئيل بن آرتسي. مع العلم أن موقع "واللا" الذي يعد أكثر المواقع الإخبارية انتشاراً في إسرائيل، يحرص مؤخراً على عرض تقارير إيجابية عن سارة.

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد