فرض حصار مؤقت على رام الله هو أقرب لحظر التجوال بعد عملية الشاب أمجد سكري ضد مقر الادارة الحقيقة للحكم العسكري والمدني في الضفة، وبعد مدة قصيرة على تفتيش بيت الرئيس محمود عباس يؤكد بوضوح أن مشروع حل الدولتين وصل لنهايته الطبيعية من الفشل والانهيار بعدما تبين أنه مشروع أقرب لأحلام اليقظة بالنظر لطبيعة الاحتلال والتداخل الجغرافي المتحرك لصالح اسرائيل بالاستيطان، والمتحرك بالديموغرافيا لصالح فلسطين.

مبرر وجود السلطة بدون سلطة كما يقول رئيسها الصوري، أو بشكل أوضح عبر عنه كبير المفاوضين صائب عريقات بأن رئيس السلطة الحقيقي هو منسق عمليات الحكومة الاسرائيلية في المناطق, الجنرال يواف مردخاي، مما يعني أن مشروع السلطة انتهى وهو أمام خيارات محددة أحدها نظري في عقل منظمة التحرير، والاخر عملي فعال بيد حكومة الاحتلال.

1- السلطة الفلسطينية تعول على العالم في الحفاظ على مشروعه للسلام، من خلال تمكين الدولة الفلسطينية، وأخر محاولة تتمثل في المؤتمر الدولي للتسوية بدعوة من فرنسا أو روسيا، وبالتأكيد مخرجات المؤتمر ستكون نصر معنوي جديد للفلسطينيين في أحسن الأحوال، أو فبركة لاستعادة مفاوضات يستغلها الاحتلال لاستكمال مشروعه، أو إضافة رقمية فقط في عدد "الندوات الدولية" لحل الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي لن تكون أفضل من مؤتمر أنابوليس، وفي نهاية المؤتمر سيعود العالم الى قضاياه الرئيسية في سوريا والعراق والنفط والغاز وبيع السلاح، ويعود أبو مازن و ماجد فرج وعريقات الى حاجز بيت أيل وجدول الحسابات البطيئة المرتبكة لرجال السلطة.

2- التصور الاسرائيلي النافذ الاحتلال مستمر في الاستيطان، وزيادة الاجراءات العسكرية والأمنية لعد أنفاس الفلسطينيين في الضفة، وعدد أسطوانات الغاز الفارغة في غزة ، وترى حكومة نتنياهو أن ما بعد الرئيس المسن وبرنامجه السياسي اليأس، يجب أن يحكم الضفة مجلس جنرالات يدير مقاطعات ادارية عزلها الاستيطان والحواجز العسكرية -وفق ترسيم "مقارب" أقرته الحكومة مؤخرا- يقضي بتشكيل أربع مقاطعات بإدارة 4 جنرالات في الضفة، وجنرال خامس أو شيخ في غزة، جميعهم يفاوضوا مردخاي بشكل منفصل على الخدمات والتصاريح وكمية المياه وجدول الكهرباء بدون برنامج سياسي مع حفظ الامتيازات لكل رئيس مقاطعة ورجاله بمقدار تحقيق الأمن، ولا مانع أن يقود الشيخ نايف الرجوب المعارضة ضد أخيه الحاكم اللواء جبريل في مقاطعة الخليل.

الخيار الكابوس
لا أحد يتوقع من هيكلية وعقلية السلطة الحالية، أن تقود عصيان مدني شعبي محمي بسياج أمني تقوم به أجهزة الأمن من خلال تنفيذ قرار سياسي يعلن "دولة فلسطين النسبية" على حدود الرابع من حزيران ويمنع رفاق الشهيدين الضابطين أمجد سكري، ومازن عريبه من رجال الأجهزة الأمنية قوات الاحتلال والمستوطنين من دخول أراضي الدولة الفلسطينية بقوة السلاح لفرض واقع جديد يضع اسرائيل والعالم في مأزق حقيقي، ويرسم بقوة الدم حدود الدولة التي أقر بها العالم ما عدا الفيتو الأمريكي، خيار قد ينقلنا لخيار ثاني يجبر اسرائيل على اعادة احتلال الضفة الفلسطينية، وحينها نطالب بانتخابات لندفع بالسيدة حنان عشراوي إلى جوار أحمد الطيبي ومحمد بركة في الكنيست .

حسابات مرتعشة
خيار اعادة الاحتلال للضفة وغزة الذي هدد به القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق سابقا قد يدفع الأيدي المرتعشة الى "الطنطنة" بخيار الاستقلال وانجاز مؤسسات الدولة الفلسطينية، وشهادات البنك الدولية الفخرية في حسابات عاطفية للحفاظ على امتيازات "سلطة وهمية" تصطدم بموازنة الحكومة الأخيرة التي تجبي من الفلسطينيين المحتلين في الضفة 70% من مواردها المقدرة بـ4.2 مليار دولار لتخصص للأمن أكثر من ربع الموازنة، فيما تعجز أجهزة المليار دولار احكام قبضتها عن عشرات الخارجين عن القانون في نابلس ، وفي الحقيقة يدرك كل مواطن في أراضي السلطة الشمالية والجنوبية أن خدمات الحكومة الصحية والتعليمية والاجتماعية يمكن وصفها بلغة مؤدبة أنها "متخلفة"، وبعد 20 عام لم تنتج السلطة الوطنية مستشفى يقينا شر التحويل للعلاج بالخارج، وتعليم جامعي يكدس الخريجين العاطلين عن العمل، ومدارس لم تقرر حتى الآن: هل الثانوية العامة تتم بضربة الامتحان الواحد، أو بنظام الفصلين؟، هذا في الخدمات، أما في الأمن الكل يدرك أن جمر الفلتان تحت الرماد في غزة والضفة، وفي الاقتصاد اتفاقية باريس حولتنا لتاجر فاسد وفاشل، وعلى المستوى السياسي يكفي امعان النظر في الشيب في رأس أبو مازن وعريقات والأحمد وفرج وهنية أو الزهار. 
ويضاف إلى كل ذلك فشلنا المدوي في اختبار الديمقراطية الشكلي وتداول السلطة، في المقابل يحقق أهلنا في الداخل أرقى درجات النضال داخل الكنيسيت سواء بمقارعة عتاة المتطرفين من الصهاينة أو من خلال تشكيلهم القائمة الموحدة ما لم ننجزه رغم عشرات الجلسات والاتفاقيات بين الكذابين.

استعادة الاحتلال ضرورة وطنية
على مجلسي الشيوخ في اللجنة التنفيذية ومركزية فتح اتخاذ قرار تاريخي بإرسال سلاح السلطة الرسمي في شاحنات إلى مقر الحاكم العسكري في مستوطنة "بيت الرب"، والمطالبة بإعادة الانتخابات في كل ربوع فلسطين المحتلة لتشمل كل الفلسطينيين، ومن لن ينال موقعه تحت قبة الكنيست يمكن أن يلتحق بالأسير مروان البرغوثي حتى يحضر قادة العالم الى مخيم الدهيشة.
وفي غزة فان القاء سلاح جربناه في ثلاثة حروب داخل البحر والتوجه السلمي نحو الجدار العازل سيكون قرار تاريخي لإعادة الحياة للقطاع قبل الانقراض البشري عام 2020.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد