انعكاسات الهبة الجماهيرية على الاقتصادين الفلسطيني والاسرائيلي

فلسطيني يرشق الاحتلال بالحجارة

رام الله / اياد محمد /  تعدت تأثيرات الهبة الجماهيرية المشتعلة في القدس منذ نحو شهرين تقريبا ، الأمن الإسرائيلي والناحية السياسية، لتصيب اقتصاد الاحتلال في مقتل حيث قدرت خسائر مختلف المرافق الاقتصادية الإسرائيلية مليارات الشواكل، بسبب تراجع حركة السياحة والتجارة بالأسواق خاصة في مدينتي القدس وتل أبيب.

عمليات الطعن والدهس التي ينفذها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين زرعت حالة من الهوس والهستيريا في عقل المستوطن الإسرائيلي الأمر الذي جعله يلزم بيته وهذا ما أدى بالدرجة الأولى إلى إغلاق المحلات التجارية وانخفاض حركة الأسواق في المدن الإسرائيلية، كما تأثر الاقتصاد الفلسطيني ايضا بحالة من الركود بسبب الأوضاع التي تمر بها الأرض الفلسطينية.

عبير عودة وزير الاقتصاد الفلسطيني بينت  أن "الهبة الجماهيرية التي انطلقت قبل شهرين في مدن الضفة الغربية والقدس كان لها انعكاسات خطيرة  على الجوانب الاقتصادية في الضفة الغربية وان التقديرات الاولية لحجم الخسارة الاقتصادية الناتجة عن اجراءات الاحتلال القمعية وصلت الى اكثر من 5 مليار شيقل منذ بداية شهر اكتوبر الماضي، وان هذا الرقم في تصاعد مستمر في ظل الاجراءات والممارسات الاسرائيلية التي تستهدف القطاع الاقتصادي الفلسطيني".

وأضافت "إن الخسائر الاقتصادية شملت جميع محافظات الوطن وخاصة القدس وان 60٪ من المنشآت التجارية في تلك المناطق مهددة بالإغلاق كما ان بعضها اضطر لتسريح عدد كبير من العاملين نتيجة لهذا الركود الاقتصادي".

 جريس قميصة مدير دائرة الاعلام بوزارة السياحة الفلسطينية صرح بأن "موسم السياحة الفلسطينية لهذا العام شهد تراجعا واضحا نتيجة الهبة الجماهيرية الفلسطينية ولوحظ تراجعا في حجوزات الفنادق وأعداد السياح الوافدين الى مدن الضفة الغربية وخاصة القدس لتركز المواجهات فيها" مشيرا الي انه "من المتوقع ايضا حدوث ازمة في السياحة وتراجع في حجوزات الفنادق وأعداد السياح خلال الموسم القادم اذا استمرت الهبة الفلسطينية والاغلاقات المتكررة للمدن الفلسطينية في الضفة من قبل الاحتلال الاسرائيلي لان السياحة مرتبطة بالسياسة والأمن علي حد قوله  الا ان وزارته وبالتعاون مع شركات السياحة الخاصة وضعت خطة لتدارك الازمة من خلال طمأنة السياح بان المدن الفلسطينية والإقامة فيها امنه وان موسم السياحة لهذا العام لم يشهد أي اعتداء او اخلال بأمن السياح رغم الوضع الامني والسياسي المتدهور في مدن الضفة الغربية".

نصر عبد الكريم أستاذ الاقتصاد بالجامعة العربية الامريكية في الضفة الغربية أوضح أن "تأثير الهبة الجماهيرية علي الاقتصاد الفلسطيني أكبر من تأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي كون الثاني يعاني من هشاشة وتراجع منذ العام 2013 بسبب تراجع منسوب المساعدات الدولية وارتفاع معدلات البطالة وزيادة نسبة الفقر التي سبقت هذه الهبة أي ان الاقتصاد الفلسطيني غير مستعد لمواجهة هذه الهبة الجماهيرية وتبعياتها اضافة الي انه اقتصاد يعتمد على علاقاته مع الجانب الاسرائيلي وهذه التبعية جعلته رهينة للاقتصاد الاسرائيلي الذي دائما ما يستخدم اموال المقاصة الفلسطينية وهي أموال الضرائب التي تستقطعها اسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية عند دخول البضائع الي الجانب الفلسطيني عبر المعابر الاسرائيلية وحجزها كورقة ضغط علي السلطة الفلسطينية لابتزازها سياسيا وخوف العمال الفلسطينيين من الذهاب الى اماكن عملهم اما داخل المستوطنات او داخل المناطق الاسرائيلية بسبب القيود الاسرائيلية على حرية الحركة وخوفا على حياتهم مما يساهم بشكل كبير في تدهور الوضع الاقتصادي الفلسطيني" منوها الى أن  "الاقتصاد الاسرائيلي يدفع حاليا ثمنا لا يقل عن الثمن الذي دفعه في عدوانه الأخير على غزة وأن القطاع السياحي أكثر المتضررين ومن ثم التجاري فالخدماتي، وأن حجم الضرر في اقتصاد الاحتلال بلغ في الشهر الاول من الانتفاضة  5 مليار شيكل مرشح للزيادة لارتباطه بتطوّر الانتفاضة واستمراريتها".

وألمح كثير من عمال الضفة الغربية الذين يعملون داخل اسرائيل او في المستوطنات "أن جزءا كبيرا منهم توقف عن العمل  اما بسحب تصاريحهم وإما بسبب خوفهم من التعرض للاعتداء وهجمات المستوطنين".

وتشهد اسواق الضفة الغربية حالة من الركود نتيجة الهبة الجماهيرية التي تشهدها مدن الضفة الغربية بسبب السياسات الاسرائيلة والاغلاقات المتكررة للمدن والمداهمات وحالات الخوف التي تمنع المواطنين من التنقل وحرية الحركة وكذلك انقطاع حركة السياحة وجمودها.

زهير الجعبري صاحب محل لبيع التحف في مدينة الخليل قال "كل يوم اقوم ب فتح محلي في الصباح وأغلقه في المساء دون ان ابيع قطعة واحدة من المحل قياسا بالوضع قبل اندلاع الانتفاضة والهبة الجماهيرية والسبب يعود الي سوء الاوضاع السياسية والأمنية في الخليل وانشغال الناس بمتابعة الاحداث دون الاهتمام بالتسوق كالسابق وكذلك الامر بالنسبة للسائحين الذين يساهمون بشكل كبير في زيادة نسبة المبيعات لدينا و الذين لم نعد نراهم اليوم بسبب الاوضاع والاغلاقات التي ساهمت في تدهور التجارة لدينا وانعدام البيع".

محمود الغوانمة صاحب محل للفواكه في مدينة القدس بين أن "محله وهو مصدر رزقه الوحيد نادرا ما يفتح ابوابه بسبب وقوعه في بؤرة المواجهات المندلعة في مدينة القدس وهذ سبب له الكثير من الخسارة نتيجة عدم البيع وفساد البضاعة".

وخلال تصريحه لموقع سبوتيك بالعربي اشار الخبير الاقتصادي حسن الرضيع الى حجم الخسائر في اسرائيل تتراوح شهرياً بمعدل 11 مليار شيكل (2.8 مليار دولار)،  وفي حال استمرار الهبة الجماهيرية لشهور قادمة، فإن الاقتصاد الإسرائيلي مقبل على تحقيق معدل نمو سالب للعام 2015، وسيفقد من 15 إلى 20 مليار دولار أي أنه سيفقد قرابة 6% من نموه السنوي وسيكون هذا التراجع الأكبر منذ العام 2001، وعليه فإن تأثيرات تلك الهبة فاقت تأثيرات الأزمة المالية العالمية عام 2008، وكذلك حروب إسرائيل في غزة 2008-2014 حيث لم يرافق تلك الحروب في غزة ولبنان تحقيق إسرائيل لنمو سالب وبقي الاقتصاد محافظاً على نمو فاق الـ 3%، أي معدل نمو عالي قياساً بدول المركز الرأسمالي المتطور.

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد