ما هي نتائج التقدير الاستخباراتي الاسرائيلي للعام 2016؟
القدس / سوا / رأى مركز أبحاث الأمن القوميّ، التابع لجامعة تل أبيب، في تقديره الإستراتيجيّ للعام 2016، أنّ الموضوع النووي الإيراني يُشكّل تهديدًا وجوديًا كامنًا على إسرائيل، وعلى إسرائيل أنْ تعمل على منع تسلح النظام المتطرف الذي يدعو إلى إبادتها بسلاح ذري. كما جاء في التقدير أنّه على إسرائيل المبادرة إلى اتفاقات موازية مع الولايات المتحدة، تسمح لهما بالتنسيق في الموضوع الإيراني. فإسرائيل ليست شريكة في الاتفاق، ومن الصائب أنْ تتوصل إلى تفاهمات واتفاقات مع واشنطن حول العديد من القضايا المهمة.
ومن المهم، تابع التقدير، التوصّل لاتفاقٍ على بلورة ردّ مشترك تجاه خرق إيراني للاتفاق، مع تعزيز المتابعة الاستخبارية في مقابل إيران، وتعزيز أسلوب مواجهة الأبعاد غير النووية للنشاطات الإيرانية في المنطقة، إضافة إلى رزمة تعزيز أمنيّ لإسرائيل والمحافظة على تفوقها النوعي.
وبرأي المركز، فإنّ سوريّة هي القناة الإيرانية في العالم العربي، وعبرها تحافظ على التواصل وتعزيز حزب الله وأيضًا تعزيز مجموعات فلسطينية متطرفة. وشدّدّ التقدير على أنّ إضعاف نظام الرئيس بشار الأسد واقتلاعه من الحكم، مصلحة إسرائيليّة واضحة.
لافتًا إلى أنّه عبر ذلك فقط، يمكن الإضرار بشكل قاسٍ بإيران وبحزب الله. وعلى إسرائيل أن تجد طريقًا لدعم مسارات تؤدي في نهاية المطاف إلى ألا يشكل نظام الأسد طرفًا مهيمنًا في سوريّة، وذلك في موازاة الامتناع عن تعزيز تيارات سنية متطرفة، في مقدمتها “داعش”. من ناحية إسرائيل، أوضح التقدير، أنّه بالإمكان معالجة هذه الجهات بالتدريج، مع تشخيص دائم للتقدم الصحيح، ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، على إسرائيل تطوير أدوات جديدة وإبداعية وأكثر فعالية، وذلك عبر التعاون مع حليفتها الولايات المتحدة وأيضًا دول أوروبا، ومع تركيا والمملكة السعودية، المعنيتين أيضاً باقتلاع إيران من سوريّة واستبدال نظام الأسد.
علاوة على ذلك، شدّدّ التقدير على أنّه يتحتّم على إسرائيل أنْ تضمن إضعاف جهات المحور الراديكاليّ قدر الإمكان في سوريّة المستقبلية، وإبعادها قدر الإمكان عن الجولان. ولفت إلى أنّه في حال تقسيم سوريّة، فإنّ الجهات السورية التي يمكن لإسرائيل أن تتعاون معها هي التنظيمات السنية المعتدلة والدول الداعمة لها، مثل السعودية ودول أخرى في الخليج، إضافة إلى الأردن وتركيا. وعلى إسرائيل أنْ تدرس دائمًا، أوضح التقدير، إذا ما كانت السعودية والأتراك يدعمون في الواقع الجهات السنية المعتدلة، أوْ أنّهم سيُكررون أخطاء الماضي في دعم الجهات المتطرفة التي ترتبط لاحقاً إما بـ”داعش” أو بـ”القاعدة”.
وجاء في البند الخامس أنّه يجب الاستعداد لمواجهة عسكرية شاملة مع حزب الله، ذلك أنّ التهديد النووي الإيراني تمّ تجميده لعدة سنوات، والجيوش النظاميّة على الحدود المحاذية لإسرائيل، إمّا تربطها بإسرائيل اتفاقات سلام، وإما تقوّضت قدراتها في حرب أهلية طويلة، وبناءً على ما تقدّم، فإنّ التهديد العسكريّ الأساسيّ الماثل أمام إسرائيل في هذا الزمن هو حزب الله، الذي يواصل مراكمة قدراته بأسلحة هجومية ودفاعية من إنتاج روسي وإيراني وسوري. وشدّدّ المركز على أنّ إسرائيل بكاملها باتت في مرمى الصواريخ التي يملكها حزب الله، وأنّ دقة إصابة هذه الصواريخ تتزايد باستمرار، والحزب يُطوّر قدرة هجومية يخطط بها للسيطرة على مناطق في إسرائيل.
وشدّدّ المركز في توصياته على أنّه يجب على إسرائيل التأكّد من وجود ردٍّ ملائمٍ هجوميّ ودفاعيّ وردعيّ حاسمٍ، في مقابل حزب الله، وأنّه يتحتّم على الدولة العبريّة التعامل مع حزب الله ولبنان ككيان سياسي واحد يُهاجم إسرائيل، واستهداف أهداف بنية تحتية قومية في لبنان، كجزء من المعركة الشاملة. أمّا فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينيّة، فقال تقدير المركز إنّه يجب على إسرائيل الانتقال إلى مسارات في هذه الساحة تتعلق بإجراء مفاوضات وسلسلة ترتيبات مرحلية، لكن هذه التوصيات دعت في خطٍ مقابلٍ إلى إعداد الجيش الإسرائيليّ لمواجهة عسكرية جديدة مع قطاع غزة ، وفق نتائج عملية “الجرف الصامد”، في صيف العام 2014. وبالمُقابل، أوصى المركز بضرورة تعميق التحالف مع الدول العربية التي وصفها بالبراغماتية، انطلاقًا من تساوق المصالح الذي لا سابق له، وتطوير منظومة علاقات مع ما أسماها بـ”الكتلة السنية”، بما يخدم مصلحة إسرائيل على المدى القصير والمدى الطويل، أمّا على المستوى الدولي، فدعت التوصيات صنّاع القرار في تل أبيب إلى تحسين علاقات إسرائيل مع حلفائها، وفي مقدّمتهم الولايات المتحدة والدول الأوروبيّة.
وخلُص المركز إلى القول إنّه في السنوات الخمس الأخيرة يتميّز الشرق الأوسط بحالةٍ من عدم الاستقرار، وبالتالي من أجل ضمان مُستقبلها، من الناحية الأمنيّة، ومن الناحية السياسيّة-الاقتصاديّة، يتحتّم على إسرائيل أنْ تخلق الفرص في محيطها القريب، ويجب أنْ يكون هذا العمل فعّالاً جدًا، وأنْ يأخذ بعين الاعتبار الأثمان التي ستدفعها تل أبيب من أجل توفير بيئة مُحيطة هادئة، بدون أنْ تتحمّل المخاطر الأمنيّة، وأنْ تقوم بالتخطيط لمُواجهة مخاطر محتملة، لأنّ هذه المخاطر لن تزول حتى إذا تمكّنت الدولة العبريّة من تحسين علاقاتها مع عدّة دولٍ، على حدّ قول المركز.