أبو شهلا: لدينا خطط تشغيلية لاستيعاب 50 ألف خريج خلال 3 أعوام

وزيرة العمل الفلسطيني

غزة /سوا/ أجمع مختصون اقتصاديون أن الحد من مشكلة البطالة في قطاع غزة، بحاجة إلى إعادة النظر في الموازنة العامة وطبيعة السياسات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية، والعمل على وضع خطة وطنية لاستيعاب جيش الخريجين.

وقال المختصون الاقتصاديون إن الخطة يجب أن تضمن إعادة النظر في سياسات التعليم، ونظام القبول في الجامعات والكليات، وتصحيح مسار الطلبة، وتوجيههم للمجالات التي تعاني من نقص في القوى العاملة، والتركيز على المهارات الأساسية وفق متطلبات سوق العمل الفلسطيني، وترشيد النفقات الحكومية مع مراعاة العدالة الاجتماعية في فرض الضرائب من خلال تطبيق نظام الضريبة التصاعدية على الشرائح الغنية وأرباح الشركات، وضرورة إعطاء الأولوية للقطاع العام المنتج.

جاء ذلك خلال المؤتمر الثاني لمنتدى الخريجين، الذي أفتتح بقاعة جمعية الهلال الأحمر بمدينة غزة بعنوان "نحو خطة وطنية لاستيعاب آلاف الخريجين .. الواقع وآفاق المستقبل"، بحضور المئات من الخريجين والخريجات والمثقفين والمهتمين بقضايا الخريجين من المراكز الشبابية والنسوية في قطاع غزة، وعدد من ممثلي وقادة الفصائل الوطنية بغزة.

وشارك في المؤتمر من متحدثين كلا من، مأمون أبو شهلا وزير العمل في حكومة الوفاق الوطني، وسمير أبو مدللة المحلل الاقتصادي والمحاضر في جامعة الأزهر، ومحسن أبو رمضان مدير المركز العربي للتطوير الزراعي، ومحمد زعيتر مدير الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية .

وأكد أبو شهلا أن المسبب الرئيسي لتفاقم أزمة الخريجين هو الاحتلال الإسرائيلي؛ جراء 10 أعوام من الحصار على غزة، إضافة إلى استمرار الانقسام، مشيراً إلى أن وزارة العمل من مهامها تنظيم حياة العاملين وعلاقة العمل بالحقوق والواجبات، وأنها جهة ترصد وتساعد ولا تمنح الوظائف.

وقال أبو إن حكومة الاحتلال في عدوانها على الفلسطينيين، تحاول خلق ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة على الأرض؛ لدفع القيادة الفلسطينية لتقديم المزيد من التنازلات السياسية .

وأوضح أن السلطة الفلسطينية وصلها 760 مليون دولار من الدول المانحة، لافتا إلى أن هذا يعد بمثابة مؤشر للضغط على السلطة الفلسطينية؛ لدفعها لتقديم تنازلات سياسية "وهذا لن يتحقق رغم سياسة الابتزاز المالي التي  تتعرض له بين الوقت والآخر" وفق أبو شهلا.

وبين أبو شهلا إلى أن وزارته وحكومة التوافق تسعيان بكل الوسائل للعمل على تحريك العجلة الاقتصادية، وخلق المزيد من فرص العمل دون الاعتماد على المساعدات الخارجية، منوها إلى أنه لا يمكن اعتبارها داعمة للحركة الاقتصادية، إنما هي مجرد عمليات إغاثة لمساعدة المتضررين والمنكوبين في قطاع غزة.

وعن أهمية صندوق التشغيل الفلسطيني الذي أنشئ عام 2003، أكد أبو شهلا أن هذا الصندوق لم يُفعل وأن وزارته عادت الآن للتحرك من جديد لعملية تفعيله والتي تسعى لأن يصل رأس ماله خلال عام إلى 100 مليون دولار.

وأضاف إن تفعيله سيؤدي إلى توفير قروض تصل إلى حد 20 ألف دولار وتسمح بسدادها بعد مرور عامين على استلامها وبشكل تدريجي، منوهاً أن هذه القروض ستعطى نتائج جيدة على صعيد القضاء على البطالة والفقر الحاصل في المجتمع الفلسطيني وزيادة الإنتاج والتقليل من عملية الاستيراد .

وتابع إن أزمة البطالة المتفاقمة في فلسطين، لا يمكن حلها إلا عبر المشاريع التشغيلية الصغيرة التي تعد مساهماً كبيراً في العملية الإنتاجية، مشيرا إلى أن وزارته تعكف على وضع بنك من المشاريع وإعداد خبراء من رجال الاقتصاد لدراستها وتوجيه الخريج ودفعه لاختيار المشروع المناسب له، إضافة إلى إعطائه طرق عديدة لكيفية الحصول على المعدات والموارد  اللازمة لمشروعة.

ووعد أبو شهلا، بتقديم أكثر من 50 ألف فرصة عمل الخريجين العاطلين عن العمل خلال السنوات الثلاثة القادمة.

وتحدث المحلل الاقتصادي سمير أبو مدللة في المحور الأول بعنوان "الخريجين...أرقام وحقائق ودلالات"، قال فيه:" إن عام 2015 هو من أصعب الأعوام على الشعب الفلسطيني فكل التقارير تتحدث عن استحالة العيش في غزة في عام 2020 في ظل تدهور وانعدام الحياة المعيشية".

ونوه إلى أن قطاع غزة لا يصلح الآن للمعيشة فالأرقام التي تعد وتحصى لا تبشر بالخير حيث أن 30 بالمئة من أبناء الشعب الفلسطيني تتلقى المساعدات الإنسانية من الخارج أما عن بطالة الخريجين  أبو مدللة إن تشكل كابوساً في الاقتصاد الفلسطيني حيث تشير التقارير الواردة من قطاع غزة أن هناك ارتفاعاً كبيراً وحاداً لأعدادهم حيث تعتبر الأعلى عالمياً وفقاً للتقارير الدولية .

وعن أبرز العراقيل التي تواجه سوق العمل الفلسطيني، قال أبو مدللة إن هناك تراجع لدور الحكومة في توفير فرص العمل فالقطاع الخاص يعد الأكثر استيعابا للعاملين بنسبة 61 % يليه القطاع الحكومي بنسبة 23 % والذي لا يستوعب سنوياً أكثر من 15 ألف عامل. مضيفاً ان إسرائيل تشغل من الفلسطينيين ما نسبته 11 % يليها المنظمات الأهلية. منوهاً إلى ان القطاع الخاص والذي يستوعب أعداداً كبيرة من العاملين لا يعني أن من يتلقون رواتبهم منه يعيشون في مستوى معيشي جيد بل الكثير منهم يعيش في ظروف قاسية لقلة الدخل المعيشي المقدم لهم .

وأكد أبو مدللة ان عدد الخريجين العاطلين عن العمل في قطاع غزة بلغ 100 ألف عاطل بلا عمل أما الجامعات الفلسطينية فتخرج سنوياً حوالي 30 ألف طالب.

وذكر أبو مدللة  أن تقرير البنك الدولي في أيلول 2015، أشار إلى أن هناك صعوبة في تحقيق النمو الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية دون تحقيق استدامة مالية، إذ أن نسبة الإيرادات إلى الناتج المحلي في الضفة الغربية وقطاع غزة بلغت 23.5%، وهي متدنية عن مستواها في الاقتصاديات المشابهة 28.6%، ويعود هذا أساسا إلى التدني الكبير فيما تجمعه البلديات والذي لا يزيد على 2% من الناتج المحلي، موضحاً أن التقرير دعا إلى توسيع القاعدة الضريبية.

وعن الاستثمار الدولي في الأراضي الفلسطينية،  أكد أبو مدللة أن تقارير سلطة النقد تشير إلى أن أرصدة استثمارات الاقتصاد الفلسطيني الموظفة خارج فلسطين حتى نهاية الربع الثاني من العام 2015، قد فاقت أرصدة الاستثمارات الخارجية الموظفة في الاقتصاد الفلسطيني (الأصول الخارجية- الالتزامات الأجنبية) بقيمة بلغت 1.2 مليار دولار، وقد استحوذت الإيداعات النقدية المحلية في البنوك الخارجية، إضافة إلى النقد الأجنبي الموجود في الاقتصاد الفلسطيني على النصيب الأكبر بما نسبته 64.1% من إجمالي الأصول الخارجية.

وأضاف، كما أشارت النتائج أن إجمالي أرصدة أصول الاقتصاد الفلسطيني المستثمرة في الخارج قد بلغت نحو 6 مليارات دولار، توزعت بين استثمارات أجنبية مباشرة بنسبة 5.9%، واستثمارات حافظة 19%، واستثمارات أخرى (أهمها العملة والودائع) 64.5%، وأصول احتياطية 10.6%.

ونوه أبو مدللة إلى أنه يغلب على الاقتصاد الفلسطيني سمة التبعية والاستهلاك، وهذا يتضح من خلال ارتفاع نسبة العجز التجاري والناجمة عن ارتفاع وتيرة الاستيراد على حساب التصدير والذي يعتبر شبه معدوم في قطاع غزة وخصوصا في السنوات الأخيرة، حيث بلغ إجمالي الواردات السلعية في الأراضي الفلسطينية للعام 2014، قرابة 5.7 مليار دولار، في حين بلغ إجمالي الصادرات لنفس العام 943.7 مليون دولار، أي وجود عجز تجاري لعام 2014 بحدود 4.7 مليار دولار.

وبيَّن أبو مدللة أن أبرز المشكلات التي واجهت قطاع غزة والتي تفاقمت في العام 2015، هي العدوان الإسرائيلي، والحصار المستمر حتى الوقت الراهن، إضافة للانقسام السياسي وتهميش السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، حيث أن مشكلة البطالة تعتبر الإشكالية والمعضلة الرئيسية التي يعاني منها الاقتصاد في قطاع غزة، كما تعتبر بطالة الخريجين الأعلى عربياً، إذ تبلغ نسبتها الـ 72%.

وأضاف أبو مدللة: كما أن العجز المستمر في الوحدات السكنية والتي تزايدت أكثر مع تدمير إسرائيل للآلاف من الوحدات السكنية، ناهيك عن انعدام الأمن الغذائي، إذ تزيد نسبة الأسر التي تعاني من نقص حاد في مستويات الأمن الغذائي عن 70%، في حين أن هناك 93% من الأسر في غزة لا تلبي احتياجاتها الضرورية من السلع والخدمات، موضحاً أنه تبين من خلال المؤشرات القائمة أن هناك تزايدا في الاعتماد على المنح والمساعدات الإغاثية لنسبة كبيرة من الأسر الفلسطينية في غزة، بحدود تزيد على 80%.

وشدد أبو مدللة على أهمية إعادة النظر في الموازنة العامة وضرورة وجود أبعاد اجتماعية- تنموية لبنود الأجور والرواتب والنفقات، والعمل على ترشيد النفقات الحكومية والتعقل في صرفها، ومنع التسرب المالي الذي تعانيه خزينة السلطة الفلسطينية وتحديداً المهربة عبر المستوطنات، مع ضرورة مراعاة مبدأ العدالة الاجتماعية عند فرض الضرائب من خلال تطبيق نظام الضرائب التصاعدية على الشرائح الغنية وعلى أرباح الشركات، وإعفاء أصحاب الدخول المنخفضة والأخذ بعين الاعتبار لحد الفقر عند فرض الضريبة.

ودعا أبو مدللة إلى وضع حد أدنى وأقصى للأجور والرواتب، وتقليص بعض الخدمات المقدمة لبعض الفئات من الموظفين العموميين والنثريات والزيادات المستمرة، وخفض رواتب كبار الموظفين والمدراء والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي، وإلى إعادة النظر في طبيعة السياسات الاقتصادية القائمة في الأراضي الفلسطينية، وضرورة التركيز أكثر وإعطاء أولوية للقطاع العام المنتج.

بدوره،  شدد أبو رمضان، في حديثه عن دور المؤسسات الأهلية في الحد من بطالة الخريجين وتطوير قدراتهم، على أهمية فتح الآفاق للخريجين الجدد؛ للعمل الوافد ببلدان الخليج وفق نظام الإعارة، وذلك لسنوات محدودة يعودوا بها إلى الوطن لخدمة أبناء شعبهم ضمن خبرة مكتسبة.

ودعا إلى ضرورة الاهتمام في دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر ذات البعد التنموي والإنتاجي؛ بهدف نقل الفئات الاجتماعية من مرحلة الإغاثة إلى التنمية، وخاصة في مجال المشاريع الزراعية والحرفية والتكنولوجية والصناعية.

وبين أبو رمضان أن علاقة التبعية والاستلاب عمقت حالة التخلف التنموي، الذي أصبح يعتمد على التعاقد من الباطن، داعياً إلى تعزيز دور القطاع الخاص بالمسؤولية الاجتماعية لدعم المشاريع الريادية والصغيرة والمبادرات المجتمعية.

وأوضح أبو رمضان أن السوق المحلي في قطاع غزة متعطش للمهنيين، وبحاجة كبيرة إلى التدريب المهني، في المقابل يعاني السوق من التضخم بزيادة أعداد الخريجين الأكاديميين العاطلين عن العمل.

وأشار إلى أن التدريب المهني هو أحد العوامل التي تساهم في تحقيق التنمية في المجتمعات ولاسيما في المجتمع الفلسطيني، وهناك عدد من الدراسات النظرية والعملية التي تشير إلى واقع التدريب المهني المحدود في السوق المحلي.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد