تبادل تصريحات مسمومة بين نتنياهو بينت ويعلون
القدس / سوا / اجمعت الصحف الإسرائيلية في عناوينها الرئيسية على وقعت مواجهة شديدة ومشبعة بالغرائز والتهجم الشخصي، امس، بين وزير التعليم نفتالي بينت، من جهة، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن موشيه يعلون، من جهة أخرى، على خلفية الانتقاد الشديد الذي وجهه بينت لسياسة الوضع الراهن التي يقودها نتنياهو ويعلون في المسائل السياسية والأمنية الرئيسية المطروحة امام اسرائيل. وردا على ذلك قال يعلون ان تصريحات بينت تلحق الضرر بأمن الدولة وتمثل "ثقافة سلطوية غير مسؤولة وصبيانية". وقال مقربون من نتنياهو ان بينت يقوم مرة أخرى بأخذ امور طرحت في المجلس الوزاري المصغر ونسبها لنفسه.
وكان بينت قد ادعى في خطابه امام معهد دراسات الأمن القومي في تل ابيب، امس، ان سياسة نتنياهو ويعلون تمس بأمن الدولة. وقال: "التهديد المركزي لأمن اسرائيل، لا يصل من الشمال ولا الجنوب، وليس من صواريخ حماس وحزب الله ولا من ايران، وليس من الجمود السياسي وانما من الجمود الفكري".
وأضاف: "لم يكن القتلة هم الذين ادخلوا الكتل الخرسانية الى قلب القدس، وانما مفاهيمنا الخرسانية. فبدلا من أن نبلور مستقبلنا بأيدينا، يجري جر اسرائيل وراء الواقع القائم. هذا هو بالنسبة لي اكبر خطر على أمننا".
وحرص بينت في خطابه على التمييز بين الجيش وقادته، الذين اثنى عليهم، وبين نتنياهو ويعلون، مدعيا انهما يقودان استراتيجية خاطئة. وادعى انه في الوقت الذي يتطور فيه اعداء إسرائيل طوال الوقت من ناحية المفاهيم، فقد بقيت إسرائيل في المؤخرة وتعرض سياسة قديمة. وقال: "خلال الجرف الصامد ثبت لي مرة اخرى في اجتماعات المجلس الوزاري المصغر، وجود فجوة بين جودة القادة والمحاربين وبين جودة النظرية الاستراتيجية التي عملوا داخلها. فأمام بطولة المحاربين واصرارهم، برزت التوجيهات والمخططات الباهتة التي اصدرناها لهم من الأعلى".
وقال بينت ان على القيادة السياسية "التفكير بمسار جديد" وفحص التوجيهات الأساسية على كل الجبهات. وعرض سلسلة من المسائل المطلوب توفير حسم لها من قبل القيادة السياسية، ومنها: هل في حال اندلاع مواجهة مع حزب الله يجب على اسرائيل مهاجمة ايران التي يدعي انها العدو الحقيقي.
ودعا بينت الى اعادة فحص ميزانية الدولة وما اذا كانت تعكس جدول الاولويات. كما دعا الى تحويل ميزانيات من شراء العتاد الحربي الى الاستعداد على الجبهة القضائية والاعلامية والرأي العام. كما اقترح اعادة فحص سياسة الحصار على غزة ، سائلا: "اليس من المفضل التسليم بالواقع وقطع مسؤوليتنا عن مليوني غزي و فتح افاق حياة لهم مع مراقبة امنية مناسبة؟".
وقال بينت ان الافتراض بأن اسرائيل تملك افضل جيش في العالم لا تجعل استراتيجية قادة السياسة الامنية صحيحة. كل طائرات الـ F35، الباهظة الثمن، لن تساعد امام خمسين محارب كوماندوس يحفرون الطريق الى نتيف هعسراه.. علينا خلق مفهوم امني جديد، خلاق وواضح".
وانضم الى بينت لاحقا، عدد من السياسيين الآخرين، من بينهم رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ، ورئيس "يوجد مستقبل" يئير لبيد، ووزير الداخلية السابق غدعون ساعر. وقد ادعى الثلاثة ان سياسة الوضع الراهن التي يقودها نتنياهو تضر بالمصالح السياسية والأمنية لإسرائيل. ودعا كل منهم الى اطلاق مبادرة سياسية. ودعا هرتسوغ الى الانفصال عن القرى الفلسطينية في القدس الشرقية، بينما دعا ساعر الى اطلاق عملية سياسية اقليمية مع مصر والأردن، والعمل في المقابل لضمان غالبية يهودية في القدس. ودعا لبيد الى ترميم وزارة الخارجية كخطوة نحو ترميم علاقات اسرائيل مع الولايات المتحدة والدول الغربية.
ولم يتأخر رد نتنياهو ويعلون على تهجم بينت عليهما. وقال مقربون من نتنياهو: "لقد ضحكنا بعد سماع كلمات بينت. مرة أخرى يكرر طابع عمله المعروف. يسمع الافكار التي تطرح في منتديات مختلفة لدى رئيس الحكومة، ثم يستخدمها كأنها أفكاره".
وقالوا ان فكرة عدم منح الحصانة لإيران في حال اندلاع حرب مع حزب الله في لبنان، طرحت في المجلس الوزاري، وكذلك امكانية تغيير سياسة الحصار في غزة. هذه كلها أمور قيلت في المجلس الوزاري والآن يعرضها بينت كأفكار له. هذا هوس.
والقى يعلون خطابا في مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي، بعد عدة ساعات من خطاب بينت، ورد على الاتهامات الموجهة اليه والى رئيس الحكومة، وقال ان تصريحات بينت تفتقد الى المسؤولية وصبيانية وتمس بأمن الدولة. وقال يعلون: "هناك وزراء يسمعون الافكار في المجلس الوزاري وينسبونها الى انفسهم ويخرجون مع شعارات وانتقادات للحكومة. هذا استمرار لظاهرة شهدناها في الجرف الصامد. يصوتون في الغرفة على شيء، ويديرون في الخارج حملة على شيء آخر".
ومن دون ان يذكر اسم بينت بشكل واضح، اتهمه يعلون بسياسة الشعارات. "هذه ثقافة سلطوية سيئة، غير مسؤولة، صبيانية ومن المفضل ان تتوقف. هذا يمس بأمن الدولة على المدى البعيد لصالح مكاسب سياسية قصيرة المدى. انها محاولة لنيل عنوان في الصحيفة او عدة علامات اعجاب في الفيسبوك".
وفي وقت لاحق اصدر مكتب بينت بيانا هاجم فيه يعلون وقال: "من اجل أمن مواطني إسرائيل، سيواصل بينت قول ما يؤمن به، حتى وان كان هناك من لا يحب هذه الأمور. هكذا كان في "الجرف الصامد"، وهكذا سيكون في المستقبل".