تحليلات إسرائيلية: رفع العقوبات يعزز دور إيران الإقليمي
القدس / سوا / لفت محللون إسرائيليون في الصحف الصادرة اليوم، الأحد، إلى أن رفع العقوبات عن إيران لن يحسن وضعها الاقتصادي بشكل كبير، على الرغم من أن عائدات مجمدة لمبيعات نفطها ستُضخ لخزينتها الآن، لكن انخفاض أسعار النفط إلى حوالي ثلاثين دولار للبرميل، وتوقع انخفاضه أكثر بعد زيادة إنتاج إيران للنفط، لن يكون عاملا إيجابيا في زيادة دخل إيران. ورغم ذلك، فإن التوقعات هي أن دور إيران سيتعاظم في المنطقة، خاصة بما يتعلق بالأزمة السورية والنزاع مع السعودية.
وكتب محلل الشؤون الإستراتيجية في صحيفة 'معاريف'، يوسي ميلمان، أن 'دخل إيران من النفط سيكون أقل بكثير مما توقعته إيران عندما بدأت المفاوضات على الاتفاق النووي. وهذا الدخل لن يكون كافيا لكافة الخطط الطموحة التي وضعتها الحكومة الإيرانية من أجل تحسين الاقتصاد ولكي يشعر المواطنون بذلك في جيوبهم وبيوتهم'.
ورأى ميلمان أن 'الحكومة الإيرانية ستضطر إلى اتخاذ قرارات حول سلم الأفضليات وستواجه صعوبة في تلبية توقعات ومطالب الجيش وحرس الثورة ومنظمات تعتمد عليها مثل حزب الله، لكي تخرج في حملة مشتريات عسكرية من أجل تحسين ترسانتها القديمة، وهو أمر يتخوفون في إسرائيل منه'.
ووفقا لميلمان، فإن قادة حرس الثورة الإيرانية، الذين وصفهم بأنهم يشكلون دولة داخل دولة ويسيطرون على 30% من الاقتصاد الإيراني على الأقل، 'يتخوفون من أن استثمارات غربية في إيران ستمس بتأثيرهم وقوتهم الاقتصادية ويعززوا القطاع الخاص'.
وأضاف أن 'حرس الثورة ورجال الدين المتطرفين وغيرهم من الأوساط المحافظة المتطرفة، يخشون كثيرا أيضا من أن يؤدي فتح السوق الإيراني للاستثمارات الغربية إلى دخول تأثيرات غربية تتمناها الطبقة الوسطى وخصوصا الجيل الشاب. وهم يخشون عمليا من أن يؤدي التغيير الاقتصادي والانفتاح إلى تغلغل أفكار مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان التي ستخيم على سيطرتهم على الدولة'.
لكن التحليلات الإسرائيلية لم تتوقف عند التأثيرات الاقتصادية لرفع العقوبات عن إيران، وإنما تجاوزتها لجهة التأثير الإيراني السياسي على منطقة الشرق الأوسط وأزماتها، خاصة في سوريا والنزاع الإيراني – السعودي.
وأشار محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة 'هآرتس'، تسفي بارئيل، إلى أن رفع العقوبات يسحب عن إيران صفة 'الدولة غير العقلانية' ويحولها إلى دولة شرعية، بإمكانها أن تطلب مكانا محترما في إدارة الأزمات الإقليمية.
ولفت بارئيل إلى تغريدة وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، في حسابه على موقع 'تويتر' حول رص صفوف الأمة الإسلامية من أجل طرد التطرف العنيف. ورأى المحلل أن 'التطرف العنيف' بالنسبة لإيران لا يشمل تنظيمي القاعدة و'داعش' فقط، وإنما التنظيمات الإسلامية الأخرى التي تحارب ضد النظام في سوريا، وبعضها يتعاون مع السعودية والولايات المتحدة.
وأضاف بارئيل أنه 'في مركز الاهتمام ستكون العلاقات المستقبلية بين الولايات المتحدة وإيران، وبين إيران والسعودية. وسيتعلق بهذا المثلث، بقدر كبير، احتمالات حل هذه الأزمات'.
ولفت بارئيل إلى أنه 'إلى جانب المصالح التاريخية والإستراتيجية الإيرانية في سوريا، فإنها قلقة أيضا من الاحتكار العسكري الروسي في سوريا ومن احتمال تقليص الحل السياسي من تأثيرها. ولذلك فإنه ليس مستبعدا أن تتطلع إيران إلى الإثبات للغرب أيضا أنها ليست في جيب أحد، وأن بإمكانها أن تكون شريكة ناجعة للولايات المتحدة أيضا طالما يتم الحفاظ على مصالحها'.
وفيما يتعلق بالعلاقات الإيرانية – السعودية، كتب بارئيل أن النزاع بين الدولتين يحرك نشاطا دبلوماسيا حثيثا، تحاول فيه دول إسلامية التوسط من أجل إعادة العلاقات بين الدولتين، على الأقل إلى ما كانت عليه قبل تفجر الأزمة في أعقاب إعدام رجل الدين السعودي الشيعي نمر النمر.
ووفقا لبارئيل، فإن العامل الزمني بالغ الأهمية في هذا السياق، لأن 'السعودية ستشهد تعيينات زلزالية'، حيث يتوقع أن يتنحى الملك سليمان عن الحكم وتعيين نجله، ولي ولي العهد الحالي، محمد، خلفا له. وأهمية خطوة كهذه تكمن في أن خلافة الحكم في السعودية لن تكون بين الإخوة وإنما من أب لابنه.
وتابع بارئيل أن 'التوافق بين إيران والسعودية هو شرط ضروري لاستمرار العملية السياسية في سوريا، كما أنها أساس لحل الحرب الأهلية في اليمن. ولكن إذا كانت الخصومات تتغذى حتى الآن من الخصومة بين المعسكرات، التي فيها الولايات المتحدة والسعودية من جهة قد وضعت نفسها ضد روسيا وإيران، فإن مكانة إيران الآن قد يمكنها من لعب دور ’كاسر التوازن’'.
وأضاف أن 'يوم تطبيق الاتفاق (النووي) تحول إلى يوم تدشين إستراتيجية جديدة في الشرق الأوسط. ورغم أن إيران ستبقى مراقبة من اللجنة الدولية للطاقة الذرية، لكن قوتها الحقيقية لن تخرج من أقبية المنشآت النووية، وإنما ستزدهر من المقرات الدولية لصناعة القرارات'.