تل ابيب: الانتفاضة كشفت أنّ عمق إسرائيل هي البطن الضعيفة

فلسطيني برشق الاحتلال بالحجارة

القدس / سوا / تناول مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيليّة، أليكس فيشمان، عمليات الطعن الأخيرة في الأراضي المحتلة، في أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، التي لطالما تخوفّ منها فيشمان وحذّر، حيث قال في وقتٍ سابقٍ إنّ الظروف اللازمة لاندلاع انتفاضة جديدة في الضفة الغربية قد نضجت، وكلّ ما تبقّى هو الشرارة التي ستُشعلها.

وتابع قائلاً إنّ السكاكين التي طعنت الإسرائيليين منذ 4 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، نجحت في الكشف عن الحقيقة المؤلمة أمام الأجهزة الإسرائيلية وهي البطن الضعيفة لدولة إسرائيل، على حدّ قوله. ولفت إلى أنّ الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة قابلة للإصابة أكثر ممّا اعتقدنا، فالحديث لا يدور فقط عن الخوف الذي تسببت به السكاكين للإسرائيليين بشكلٍ كاملٍ، وتأثير هذا على مجريات الحياة ومعنوياتهم وحسب، بل أيضًا الخوف الذي عكسه رؤساء الأجهزة الأمنية من انكشاف نقاط الضعف في الجاهزيّة الإسرائيلية للجبهة الداخلية.

وانتقد فيشمان القدرات الإسرائيلية في الجبهة الداخلية، حيث إنّه يرى أنّه يجب على المسؤولين تقويتها، كي يستطيعوا إلى جانب القوات الإسرائيلية قمع المقاومين الفلسطينيين. ولفت فيشمان إلى أن هذه الانتفاضة لم تولد في هذا الشهر، بل ظهرت شرارتها في الحربين الأخيرتين على غزة ، “عملية الجرف الصامد” و”عمود السحاب”، وفق المُسّمى الإسرائيليّ.

وأوضح أنّ انتفاضة الشباب الحالية تتمثل في إغلاق الشباب الشوارع وتصادماتهم مع القوات الإسرائيلية، متخوفًا من أنه في حالات الطوارئ، حيث يفترض أن يتم نقل وسائل عسكرية ثقيلة بسرعة إلى منطقة الشمال أو إلى غزة، ستعلق ساعات طويلة في الشوارع بسبب إغلاقها من الفلسطينيين، وهذه وفق فيشمان مشكلة إستراتيجيّة. بعد حوالي ثلاثة أشهر ونيّف على اندلاع الانتفاضة، ما زالت الصورة بالنسبة لفيشمان غير واضحة، والأجهزة الأمنية لا تعرف كيف تسمي هذه الموجة الحالية. فهي لا تشبه الانتفاضة الأولى أو الثانية، لهذا لم تتم تسميتها بعد، حسبما ذكر.

ونقل عن مصدر رفيع المستوى اعتقاده بأنّه إذا لم يدخل عنصر جديد إلى المعادلة في الأيام المقبلة، مثل عملية كبيرة أو خطأ إسرائيلي ضدّ الفلسطينيين، فإنّ تراجع العنف سيستمر، ولكنّه استدرك قائلاً: هذا شيء تكتيكي ومؤقت، ومن شأنه أنْ يتغير خلال يوم أو شهر أو نصف عام. حتى وإنْ تراجعت الموجة، فإنّ المسألة مسألة وقت إلى أن تندلع الأحداث القادمة. كم من الوقت؟

المجربون والخبراء لا يتجرؤون على التنبؤ. ووصف فيشمان الإجراءات الإسرائيلية بالعمياء، لأنّ إسرائيل لا تريد أن تواجه فعليًا أسباب موجة العنف الحالية، فهي لا تستطيع تقدير الاتجاهات وإعطاء جدول زمني. إلّا أنّ الحل الذي لديها فقط هو حل القوة بجميع الوسائل التي تملكها. الأحداث الحالية، تابع، وفق مصدر إسرائيليّ عسكريّ رفيع المستوى نقل عنه فيشمان، لها كوابح، لافتًا إلى أنّه في غزة حماس تكبح، والضفة تقوم بذلك السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، حيث أنّ التنظيم لا يشجع العنف. وبحسب المصدر عينه، فإنّ حماس والسلطة يريدان تأجيج الوضع لكن ليس في مناطقهم، لأنّهم غير مستعدين لدفع ثمن فقدان السيطرة على جمهورهم، لهذا فإنّ من المريح لهم أنْ يتركز العنف في القدس المحتلة، وحول موضوع الحرم. وبحسبه، فإنّ عباس يخشى الانتفاضة الثالثة، وذلك لأنّه يخشى من أنّ الشارع الفلسطينيّ إذا لم يخرج ضدّ إسرائيل فسيخرج ضدّه. وهو ما كان النتيجة التي خرج بها فيشمان من خطاب عباس وهي: التضامن علنًا مع المتظاهرين إلى جانب تعليمات واضحة للأجهزة الأمنية لكبح العنف.

وقال فيشمان إنّ حماس وعباس يتعرضون في الآونة الأخيرة لضغوط من المصريين والأردنيين لوقف الانتفاضة.

وقد كان للقيادة الإسرائيلية دور كبير في هذا الأمر، بحسبه.

وزعم أنّ لإسرائيل قنوات اتصال مستقلة مع حماس بوساطة القطريين وغيرهم، ونقاش التهدئة يدور في هذه القنوات أيضًا، بحسب تعبيره.  وبحسب فيشمان، فإنّه حينما يقرر شخص أوْ مجموعة فعل شيء دون تحضيرات سابقة لوجستية أوْ غطاء من تنظيم معين ممأسس، فالاستخبارات الإسرائيلية لا تملك الأفضلية.

في هذه الحالة، الطريقة الوحيدة لمنع المنتفضين من الوصول إلى موقع العملية هي بواسطة الفصل الفيزيائيّ والجغرافيّ، وفق فيشمان، وهو ما يعكسه قرار الـ(كابينيت) وضع الحواجز في أحياء القدس المحتلة، وفحص من يدخل إليها ويخرج منها، مع إمكانية منع الدخول أو الخروج بشكل كامل. وأورد فيشمان أنّ كلاً من “الشاباك” والجيش، كشفا عن نقاط ضعف في مجال الأمن الداخلي. وأوضح متخوفًا من دور الشبكات الاجتماعيّة في التحريض على المشاركة في الانتفاضة، أنّ الجميع يهتمون بالتحريض في مواقع التواصل الاجتماعي، التي أغرقت سكان المناطق وشرق مدينة القدس المحتلة. لكنّ الجهات التي تتابع الشبكات الاجتماعية في إسرائيل كانت غيرُ متوقعةً حجم التحريض باللغة العبريّة.

وأشار إلى أنّ التحريض في الوسط اليهوديّ وجد تعبيره في مظاهرات المتطرفين في المدن، وفي الاعتداء على الفلسطينيين. واختتم فيشمان، صاحب الباع الطويل في المنظومة الأمنيّة بتل أبيب، اختتم قائلاً إنّ التحريض الإسرائيليّ في الشبكات الاجتماعية تضاعف منذ بداية السنة قياسًا بعام 2014. لكنّ موجة الكراهية في الشبكات الاجتماعية وعمل تلك المجموعات في المدن الكبرى وداخل الخط الأخضر، كان وما زال قنبلة موقوتة في المجتمع الإسرائيليّ، على حدّ تعبيره.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد