تمر الأيام سريعة لدرجة أننا فقدنا السيطرة عليها دون أن نستشعر ما تحتويه الأيام من ساعات وما تشكله الأيام من أسابيع، أصبحنا ننصاع لمخرجات الشهر.. اليوم.. الساعة بدقائقها كأننا مخلوقات الكترونية تعمل ضمن انسياق الوقت والمكان ضد الفعل، مع أن المعادلة يجب أن تكون الفعل والفاعل على الزمن والمكان لتحقيق الإنجاز المراد تحقيقه.
نستمر في إحصاء الأيام دون معرفة ما قمنا بتحقيقه وهل قمنا بتحقيق شيء من أساسه!! أم اننا ندور في دائرة مفرغة، بل والعكس تماماً نقوم بربط ما سيحققه الآخر وأثره علينا، على كافة الأصعدة الاجتماعية، الثقافية، السياسية، الاقتصادية، الرياضية..الخ. فمثلاً كل أربع سنوات نطرح السؤال ذاته حول أثر الانتخابات الرئاسية الأميركية على القضية الفلسطينية؟! ماذا لو نجح الحزب الديمقراطي؟! ماذا لو نجح الحزب الجمهوري؟! في حال نجح باراك؟ أولمرت؟ أوباما؟ نتنياهو؟ السيسي؟ نصعد الشجرة وننتظر أي فرصة من شخص حتى ننزل عنها؟! وكأننا نلعب لعبة الأطفال «السلم والثعبان» ما أن نحاول أن نصعد حتى ننهار الى الأسفل؟!
عام آخر مضى والأمور تزداد من سيئ الى أسوأ على الرغم من رفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة؛ إلا أننا كشعب صامد في وجه جميع الأدوات الاستعمارية الحديثة؛ بالإضافة الى التغير الإقليمي في المنطقة المحيطة بنا، ليزداد الاحتلال قوة إضافية جديدة متمثلة بأن القضية الفلسطينية لم تعد منذ سنوات القضية الأولى على الصعيد العالمي والإقليمي وحتى الإسلامي والعربي، وأكبر دليل على ذلك أحداث القدس الأخيرة وصمود أهل القدس دون سند أو عمق عربي إسلامي يذكر، حتى التصريحات العربية كانت لا تليق بمقام مكانة القدس.
عام جديد يمضي على ملف ما يسمى بالمصالحة، كل عام يمضي يزداد إيماني بأن الانقسام يتجذر ويتم بناء أسس متينة له، في بعض الأحيان أسأل نفسي اذا كانت المصالحة بين الدم واللحم الواحد بحاجة الى كل هذا الوقت؛ الجهد؛ المال؛ تدخل عدد من الدول العربية، سفر، مؤتمرات... سينظر العالم الى عدونا المحتل وعدم تنفيذه الاتفاقات بنظرة أقل ما فيها صامتة بعذر أن الفلسطينيين لم يصطلحوا فيما بينهم، العدو بنهاية الأمر هو عدو لكن كيف ينفصل الدم عن لحمه وعظمه؟! كيف ستقاتل الروح دون جسد؟! كل عام يمضي و غزة قابضة على الجمر؛ يحرقنا كل من يقف وراء عدم دمج الروح والجسد من أجل الحفاظ على مصالحه الشخصية والحزبية الضيقة.
ويمضي الشباب الفلسطيني رغم حالة التيه يسطر نجاحات فردية كل حسب طاقته ومساحته ومحيطه، على صعيد الوطن أو المهجر، بأدوات بسيطة يحقق صمود الهوية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية والمحلية، لو كان لهذه الطاقات «مايسترو» لعزفنا لحنا يدوم للأجيال المختلفة، وهنا تأتي أسئلة كثيرة: لماذا ننجح بالعمل الفردي؟ ونخسر بالعمل الجماعي؟! هل نخشى من ذاتنا وتمردها على كل ما هو قديم؟ أصبح القديم لا يلائم المرحلة التي تعيشها القضية الفلسطينية؟! لمصلحة من يحارب الشباب في قيادة المواقع المختلفة التي أصبحت تحتاج فكرا وأدوات جديدة؟!
حتى المؤسسة بمفهومها الواسع عليها مراجعة ذاتها بذاتها، من مجلس أولياء الطلبة ومجالس الطلبة .. مجلس إدارة وأمناء وهيئة ادارية ولجنة مركزية ومجلس ثوري ومركزي وصولاً الى مختار العائلة؛ نحن الآن في العام 2016، هل يعقل أن ندير الأمور كما في السابق منذ التأسيس، هل الأنظمة واللوائح هي كتاب مقدس، أم الفعل الذي أصبح منعدما هو نور الطريق الذي أصبحنا بحاجة ماسة له أكثر من أي وقت مضى؟! 
حتى أنا الكاتب؛ لا يعقل أن تكون كتاباتي كل عام بذات الشكل والمضمون وما يحتويه نص المقال من مفردات؛ فالواقع المحيط بقلمي متغير والزمن متغير ضمن شعار ان لم تتقدم تتقادم، حاولت تنفيذ ما وعدتكم به بأن أسلط الضوء في مساحات لم تر النور على الصعيد المجتمعي والإعلامي، هذا العام سأحاول أن يكون جسد زاوية خرم إبرة لنقل آراء المغيبين والغرباء التائهين في وطنهم من أبناء شعبي؛ متمنياً سعة الصدر لكل من يخالفني الرأي؛ مع إيماني بكلماتي التي كتبتها العام الماضي، أقول ليست وظيفة أي كاتب رأي أن يكتب ما يريد القرّاء قراءته حتى لو لكانت الحقيقة مُرة في أغلب الأحيان.

للتواصل:
بريد الكترونيmehdawi78@yahoo.com
فيسبوك RamiMehdawiPage

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد