العقد الاجتماعي المبني بين الشعوب والحكومات على قاعدة المواطنة الضامنة للحقوق والواجبات تحقق الأهداف المطلوبة منها بالوصول إلي الحكم الرشيد والحاكمية، كما أشارت جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء29/12/2015 التي تصبوا إلي تحقيقها من خلال جملة من القرارات، وهنا سأتناول واحدة من هذه القرارات التي تمس حياتي وحياة الكثيرين واستقراري المادي المنهك أصلاً، وأعتقد جازماً أن ليس هنالك من هو ضد تسديد فواتيره، التي يستخدمها في الوضع الطبيعي كيفما يشاء ومتى شاء.

بدايةً أرغب في تذكير الجميع بتصريحات الإخوة الوزراء في حكومة التوافق بأنهم غير ممكنين في قطاع غزة لاستلام الوزارات أو الأجهزة الأمنية أو تقديم الخدمات للجمهور، والواضح أن هذا التمكين لا ي فتح أبوابه إلا إذا كان هنالك استقطاع من جيش الموظفين ما قبل الانقسام 2007، فإن اجتماع الحكومة كان تقشفيا بامتياز، والقرارات التي صدرت توحي بأن الحكومة الموقرة فاعلة في قطاع غزة وهو ما يتنافى مع تصريحات عدم التمكين، ومن ضمن هذه القرارات الموافقة على طلب شركة الكهرباء (الخاصة) العاملة في قطاع غزة لخصم كامل الفاتورة مع جزء من المتأخرات بما لا يزيد عن 500 شيكل من كل موظف، بالتأكيد إذا أحسنت الظن أنه ليس من أجل سواد عيون هذه الشركة والقائمين عليها، ولكن حسب التصريحات من أجل سداد العجز الذي تقتطعه إسرائيل من الضرائب.

إذا كان مجلس الوزراء غير الممكن في قطاع غزة يحيل مشكلة الانقسام للقيادة السياسية من خلال تصريحاتهم، فكيف تتم هذه الخصومات بحق من التزموا بقرارات القيادة السياسية والسلطة الفلسطينية، المحرومين من الحصول على ترقياتهم المدنية أو العسكرية أو تعديل الدرجة أو تغيير الفئة والخطوة سواء بعد أن حصلوا على شهادات عليا، أو أن الدرجة التي وصل اليها مربوطة من زمن الانقسام،........... لماذا وضمن مسئولية من؟!

خلال تسع سنوات من محاولات التواصل مع مؤسساتنا كانت الإجابة عند كل المؤسسات الحكومية وعلي رأسها وزارة المالية أن ملف قطاع غزة مغلق ماليا وإدارياً، ومن خلال معرفتي وإطلاعي على بعض قرارات السيد الرئيس التي أعتقد أنه أهم ما أشار إليه بالتوقيع عليها هو " أنصفوا الناس "، فإن ما نلمسه عندما لا تطبق الترقيات والتدرج الوظيفي مالياً وتوكيل المهام كل حسب مؤسسته لموظفين قطاع غزة أنه لم يؤخذ بإنصاف الناس، وبالحديث عن الوظائف المعلن عنها في تقارير ديوان الموظفين والتي تصل الى 3000 وظيفة سنوياً قطاع غزة لا يحصل على واحدة منها، وبما أننا في مجتمع بنيته من العائلات الممتدة وأكبر تكدس سكاني في العالم فلزاماً على الموظف أن يدفع فاتورة هذه العائلة أو خلق الشحناء والبغضاء بين الأسرة الواحدة من أجل أن يعمل جابياً للحكومة التي تعمل جابية لدي شركة خاصة، وهذا ما لمسته اليوم بعد أن رأيت الاقتتال بين الإخوة مع بعض ومع الآباء، بالمقابل لم تلتزم الحكومة بتوظيف جيوش الخريجين في قطاع غزة أو توفير فرص عمل أو أفق بعد تسع 9 سنوات من الانقسام لتخفيف الأعباء المالية العائلية الملقاة على كاهل الموظفين.

الأكثر غرابة في هذا الملف أن الحكومة الغير ممكنة في قطاع غزة كيف ستضمن توفير الخدمة وعدم انقطاع الكهرباء وكلنا يعلم ومن خلال التقارير أن محطة التوليد في أفضل حالاتها لم يتم تشغيل الأربع توربينات ولم تعمل بكامل طاقاتها والخطوط من الجانب الإسرائيلي أو الجانب المصري لا تسد العجز مجتمعه، ومن باب الشفافية والمسائلة كيف ستطلع الحكومة على أداء سلطة الطاقة وشركة الكهرباء وتحاسبها في حال تقصيرها، وفي حال مقاضاة شركة الكهرباء من المواطن لدى أي قضاء ومن سيقوم بالتنفيذ في ظل عدم التمكين؟؟ شركة الكهرباء لم تقبل أن أتقدم بطلب إشتراك جديد نظراً لان هنالك مبلغ طائل علي الوالد الذي لا يملك سوى استثماره في أبنائه وبعض مئات الدونمات في قرية بربرة المهجر منها وما زال يحافظ علي أوراقها ويوصيني بها، وبعد البحث بما يلزم قطاع غزة من كهرباء وحسب تصريحات شركة الكهرباء، أن في أحسن أحوال الكهرباء المتوفرة 220ميجا والمطلوب 340ميجا وهذا يدفعنا لطرح الكثير من التساؤلات التي أهمها كيفية توزيع الكهرباء؟!...

وهل الموظف المواطن المغلوب على أمره عليه أن يدفع فاتورة الانقسام؟! ....

ومن باب تحليل الرواتب فعلي الموظف التزكية أو دفع الجزية من تسديد فواتير المساجد والوزارات والمؤسسات الأمنية ومنازل القيادات والأنفاق الداخلية ومواقع التدريب الموجودة في قطاع غزة والإخوة الموظفين بعد 2007 والعمال البالغ عددهم 214 ألف والشئون الاجتماعية وتطول القائمة، ولا أريد الخوض أيضاً بأن من الذي سيضمن وصول المحروقات إلى محطة التوليد فقط؟! .....

قناعاتي ما زالت متذبذبة بين هل المراد من هذه القرارت هو خلق فجوة بين القيادة السياسية المتمثلة في السيد الرئيس والذي نثق به قائداً وبطاقم مستشاريه، وبين الموظفين وعائلاتهم الممتدة، أو أن خدمة الجباية التي أقرها الإخوة في مجلس الوزراء الغير ممكنين في قطاع غزة من أجل تسمين الحاكمين في قطاع غزة، أو هو قرار تحضيري للتخلي عن قطاع غزة وقاطنيه ضمن جملة القرارات التقشفيه؟!....

إذا أرادت الحكومة الموقرة المضي قدماً في هذا القرار فإن عليها مسؤوليات يجب أن تقدمها لتحصيل الحقوق وإن لم تكن فاعلة علي الأرض من خلال مؤسساتها في قطاع غزة، فالأصل أن يكون هنالك بدائل تضمن استمرار تأهيل الموظفين إذا كان هنالك اهتمام بالإنسان الفلسطيني وتمكينهم من الحصول علي حقوقهم الإدارية والمالية، ومشاركتهم في مؤسساتهم التي أخذت منهم ربيع عمرهم وزهرة شبابهم لان قطاع غزة جزء أصيل من الحدود الجغرافية لدولة فلسطين إلى حين إنهاء الانقسام.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد