تزامن عيد المولد النبوي الشريف مع عيد ميلاد السيد المسيح، تزامن خير، يجدد فينا ولنا التعددية التي نؤمن بها، والتعددية التي تحكم حياتنا، والرسائل الاجتهادية التي وصلتنا، والتعددية باعتبارها صفة بشرية حتمية قائمة بيننا وطبيعية ولدت معنا، ونمت مع مسيرة حياتنا وتواصلت منذ أن كانت الحياة على هذه الأرض المباركة من السماء وعبر بوابتها. 
تزامن عيد المولد النبوي الشريف مع عيد ميلاد السيد المسيح هذا العام وفي مثل هذه الأيام، قد يكون رسالة موحية رداً على الانقسام والتطرف والتمزق الذي يشكل عنواناً للمشهد الإنساني المدمر المقيت الذي يجتاح بلادنا من المغرب العربي مروراً بليبيا ومصر، والصومال والسودان، ولبنان وسورية والعراق واليمن وحتى البحرين الصغير لم يسلم من آفة الفرقة والتمزق والطائفية، فجاء هذا التزامن وهذا التلاقي بين المسلمين والمسيحيين، بيوم ولادة رسلهم، لنصحو، لنجدد الوعي أن قيمة بلادنا تكمن في تاريخ التعددية وتراثها، ف القدس كانت أولى القبلتين، ومحطة الإسراء والمعراج، وكان لا يزال مسجدها الأقصى ثالث المسجدين وحرمه ثالث الحرمين، وعلى أرض فلسطين أقدس مقدسات المسيحيين، كنيسة المهد في بيت لحم ، وكنيسة البشارة في الناصرة، وكنيسة القيامة في القدس، وشرق فلسطين نهر الأردن وشرق الأردن زارها قداسة البابا ثلاث مرات في أعوام 1964، و2000، و2014، وأقر الفاتيكان خمسة أماكن مقدسة المغطس على نهر الأردن، وموقع نبو المطل على الغور في مادبا، وموقع مكاور، وكنيستي عجلون وساكب، ما يدلل على تكامل القدسية على طرفي نهر الأردن، فلسطين والأردن، أرض المسلمين والمسيحيين وشراكتهم الأبدية في أرض تمت مباركتها وتقديسها، وتكريمها بالرسالات والأنبياء والرسل، والمواقع. 
مبارك لنا، لشعبنا، أعيادنا، للمسلمين كما للمسيحيين، لشعب واحد تسوده الشراكة والتكافؤ والندية على أساس العدالة والمساواة والاحترام المتبادل، شراكة لبعضنا البعض، ضد المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الصهيوني، وضد العنف والظلم والعنصرية الأحادية والتسلط، وضد الأجنبي. 
تزامن عيد المولد النبوي الشريف مع عيد ميلاد السيد المسيح، جدد فينا الأمل، والحياة، أن المستقبل لنا، والانتصار لنا، انتصار للمسلمين كما للمسيحيين، للشعب الواحد الموحد، للآخر مع شقيقه الآخر، وضد التمزق والعنصرية والشرذمة وضد نكران الآخر، أو رفضه، وهو انتصار لرسالة سيدنا محمد مع رسالة السيد المسيح، وتكاملهما بين أبناء الشعب الواحد. 
لقد رفع المطران العربي الفلسطيني حنا عطا الله، شعاراً بتوأمة كنيسة القيامة مع المسجد الأقصى، وهو شعار ذو مضمون توحيدي ديني إنساني جمعي تشاركي ضد الأحادية والتسلط والاستعمار، وضد محاولات تهويد القدس وأسرلتها وصهينتها، وها هو يوم المولد النبوي الشريف، وعيد ميلاد السيد المسيح، والتزامن بينهما ومن خلالهما، ليعيد التأكيد على أهمية وجدوى هذه التوأمة لأبناء الشعب الواحد، لمواجهة المعاناة الواحدة، والتطلع المشترك نحو استعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني الثلاثة الكاملة غير المنقوصة، حقه في المساواة في مناطق 48، وحقه في الاستقلال في مناطق 67، وحق اللاجئين في العودة إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع واستعادة ممتلكاتهم فيها ومنها وعليها. 

h.faraneh@yahoo.com

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد