فيديو وصور.. ردهة صغيرة للخواتم العثمانية بأنامل فلسطينية

صناعة الخواتم التركية في غزة

غزة / خاص سوا/ حمزة أبو الطرابيش/ بمسافة انتهائك من احتساء كوب الشاي، يكون قد أتم الشاب محمد أبو عون  من صناعة "خاتم النبوة" من الفضة باحترافية عالية؛ ليضع الأتراك في تحدٍ جديد بعد ما احتكروا صناعته منذ قرون.

تدفع ثمنه الرمزي وتزين راحة يدك بخاتم مستنسخ عن ما يصنعه العثمانيون ثم تخرج مبتسما من بوابة مصنعه الذي لا يتجاوز ثلاثة أمتار.

 

 

 في الطرف الغربي من شمال قطاع غزة، يقضي الشاب أبو عون "26 عاما" طوال وقته في غرفة ضيقة لا يمكنها أن تحتضن ثلاثة أشخاص، فقط تستطيع استيعاب 11 ماكنة  تمكنه من إعادة استنساخ ما تسمى بـ"خواتم النبوة" التي أبصرت النور في تركيا.

 وعن تفاصيل مراحل صُنع أول خاتم تركي في غزة:  بدأت الفكرة من شريكه الثلاثيني ويدعى جهاد الحمامي، فقبل عامين من صياغة هذا النص كان قد سافر الحمامي إلى تركيا وجاء بكمية من الخواتم التركية، وتاجر بها في غزة، وفي غضون ساعة كان قد نفذت بضاعته بعد الإقبال الشديد من الغزيين على البضاعة التركية.

 

 

"  صدفة تعرفت على شريكي أبو عون، وعلمت أنه يمتلك أيادي حريرية، ثم اتفقنا على إنشاء مصنع صغير لإنتاج خواتم الفضة التركية، كنا نعلم مخاطر هذه الخطوة، ولكن يكفي شرف المحاولة". يفتتح الحديث جهاد بعد ما خرجنا من مصنعه الصغير لكي لا نخلق إزعاجا لصانع الخواتم.

بعد ذلك بدأت مرحلة التجهيز من شراء الماكينات المخصصة لصناعة الخواتم وغيرها، لكن ثمنها الباهظ الذي وصل إلى قرابة 70 ألف دولار أحال دون ذلك، سيما أن الشابين من أصحاب الدخل  القريب من خط الفقر.

لم يمنع هذا من إقدام الشريكين على تنفيذ مخططهم، ليطوفوا في أرجاء غزة قرابة عام ونصف من مخرطة إلى أخرى وهكذا إلى أن صنعوا تلك الماكينات على غرار تلك الايطالية.

 يكمل الحمامي الذي تلطخت يديه  بالشمع الأحمر لـ"سوا": " بعد إقدامنا على خطوة إعداد الماكينات والآلات المستخدمة للعمل، واجهتنا مشكلة أخرى هي عدم سماح الاحتلال بدخول المواد الخام، كالشمع الأحمر والبلاستك المخصص لقالب الخاتم، ولكن بعد مشيئة الله تم إدخالها، وباشرنا في العمل".

 

 

 الآلات موجودة، والمواد الخام ايضا حاضرة، ليعطي أبو عون الضوء الاخضر لكفيه المبدعين، وراح يجرب حظه؛ نصف ساعة بعد خلط الشمع مع مواد البلاستيك ونقش قالب الفضة خرج معه "نصف خاتم تركي".  يقول ملك الخواتم  بعد ما استغلينا استراحة له لمدة خمس دقائق : " كانت فرحتنا عارمة حين انتجنا نصف الخاتم، علمت أنني سأستطيع إنجاز خاتما كاملا".

 ويجدر التنويه أن تلك الحرفة التي اكتسبها  أبو عون قد تعلمها من ذاته، حين شاهد قرابة 3200 ساعة على موقع "اليوتيوب" عن كيفية صناعة خواتم الفضة التركية.

واصل أبو عون مع شريكه جهاد العمل؛ وفي  15-11-2015 كان أول خاتم تركي فضي تنتجه غزة؛ لم تطاوع اللغة الشريكين الحديث عن مدى سعادتهم، عرضا ما صنعاه على سلطة الدمغة ليفاجآ الجميع، ويذاع صيتهما في  أسواق ومتاجر الذهب والفضة.

 ويصنع  أبو عون قرابة 100 خاتم يوميا، فالانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي يمنعه من صناعة عدد أكثر، يكمل بعد ما مسح جبينه الذي كان يتصبب عرقا: " عملي مقرون بوجود الكهرباء، لذلك هي عائق كبير في عملنا".

كذلك توصل ملك الخواتم لصناعة الخواتم التركية من النحاس بدلا من الفضة، مراعاة لحال الشباب في غزة، ويصل ثمنها قرابة 25 شيكلا ".

 

 

واستغل الشريكان مواقع التواصل الاجتماعي في نشر ما يصنعوه، ليذاع اسمهم في مدن الضفة و القدس ، وتبدأ الطلبات من هناك عليهم؛ استجاب أبو عون لأهل الضفة وصنع قرابة 3 آلاف خاتم تركي، لتباع في يوم واحد، ولكنهم  ما زالوا يطلبوا المزيد.

قلادة الانتفاضة

في غمرة  الأحداث المندلعة في الضفة الغربية، توصل الشريكان إلى صناعة خاتم يوجد في قلبه قبة الصخرة كرمز للقدس والثورة الشبابية التي انطلقت منذ بداية أكتوبر المنصرم.

وبالعودة إلى الحمامي يكمل لـ"سوا": "هناك طلبات كثيرة على تلك المدليات، ولكن عدم سماح الاحتلال بدخولهن يعيق عملنا وإيصالهن هناك، ولكن احيانا تدخل بعد عون الله".

 

 

الخاتم باسمك

 ويعكف ملك الخواتم في غزة بعد استجابته لفكرة شريكه، لصناعة خواتم تحمل اسم صاحبها،  يكمل : "من يريد أن يكون له خاتم باسمه، يقدم علينا ونختار له المقاس المناسب، والشكل الذي يريده".

لوحنا بكف الوادع للشريكين من بوابة مصنعهما الصغير، بعد ما ختموا حديثهما لوكالة "سوا" : " خطتنا المقبلة توسيع هذا المصنع، ونقول للجميع أن غزة لا يوقف ابداعها إلا الموت".

 

 

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد