التصريحات النارية والجدل المثار من قبل بعض المسؤولين في حركة حماس ، وقرب تحرير فلسطين، والقول بعدم تسليم غزة والمعبر للصوص والمهربين، والتعديل الحكومي خطوة بضرب الشراكة والعمل الوحدوي والوطني تؤشر إلى أن حقبة الإنقسام مستمرة ولن يعلن عن انتهائها قريباً، ربما تستمر لسنوات قبل التوصل لإغلاق ملفها.

لا يخفى على أحد أن المشهد الفلسطيني كارثي، في الضفة و قطاع غزة وفي الشتات ومخيمات اللاجئين المنتشرين في كل مكان، وكل المسؤولين الفلسطينيين مجرمين في حق الناس الذين يدفعون الثمن في كل تفاصيل حياتهم، ولا يعرف الناس من أين يتلقوا الضربات.

والحديث عن هبة القدس والإحتلال و سقوط 121 شهيداً لم يعد يعني كثيرين وأصبح للتداول الإعلامي والمزايدة والإنتظار والركون إلى تصريحات أوباما وكيري الإعلامية في اللقاءات الخاصة والمؤتمرات، والقول بعدم قدرتهما الدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية، و ضرورة حل القضية الفلسطينية وربطها بالخطر والخشية من داعش، والدولة وتحذير إسرائيل من أنها ستصبح دولة ثنائية القومية تصعب إدارتها، وكان ثماني سنوات من حكم الديمقراطيين و أوباما لم تكن كافية لإجبار إسرائيل على الإعتراف بالحقوق الفلسطينية.

نحن نعيش في زمن صعب والناس تبحث عن مصيرها وهمها اليومي في آن، و ما يجري من بطولة وتضحيات الشباب والشابات في القدس والضفة الغربية يدلل على بعد نظرهم وليس يأسهم كما يردد الرئيس محمود عباس والإحتلال وغيرهم، إنما يؤشر إلى تخطيهم و تقدمهم في التفكير وتفوقهم على القيادة وجميع المسؤولين والفصائل، وعدم قدرتهم وصبرهم على إنتظار وعود وتحركات القيادة السياسية بتحقيق إنجازات على الساحة الدولية.

والأسئلة التي تثار يومياً هل نملك الخيار في عدم العودة للمفاوضات، وقدرتنا على الاستمرار بالتمسك بشرط وقف الاستيطان، أم نسينا أن المشكلة الأساسية هي الاحتلال وليس الاستيطان؟ أم سيكون الحديث والنقاش حول آليات وأساليب مقاومة الاحتلال وتطوير هبة القدس؟ وهل نترك الشباب والصبايا وحدهم ويجتروا تجارب مجربة؟

في ظل المشهد الكارثي، ننسى قضيتنا وهمنا الكبير والتهديدات الإسرائيلية المستمرة، ونخوض في تفصيل الحكومات وتقسيم المقسم، بدء من الحكومة في غزة التي تتشكل من جديد بصورة أكثر وضوحاً عن العام الماضي، والتعديلات في المناصب المدنية والأمنية العليا وتدويرها، ومزيد من جباية الضرائب والرسوم، وأزمة الكهرباء المستمرة، ومعاناة نحو 2 مليون فلسطيني محرومين من السفر بحرية وكرامة، ولا احد يعطي بالا لما يجري، أو غيرها من الهموم والقضايا التي أصبحت رئيسية في حياة الناس. في موسم المسيرات للانطلاقات والإسناد لهبة القدس، يتجدد العهد مع الإنقسام وترسيخه أكثر، والجميع يتباهى ببطولاته وإنجازاته وان منطقة حكمه منارة للحرية والعيش الرغيد.

و في قطاع غزة انطلق موسم الانطلاقات المسيرة والراجلة والانقسام مستمر، والانتهاكات وإهانة المواطنين والحط من كرامتهم مستمرة، ومشروع حركة حماس أوسع بكثير من قضية إنهاء الاحتلال، كما قال الدكتور محمود الزهار في تصريحات صحافية قبل سنوات وهو يكررها بطريقة أخرى اليوم، وعبر عن الفراق مع الذين تطالبهم حماس بالشراكة والتوافق.

وضعنا مأساوي و كارثي، والناس تئن، وتشعر بالألم من استمرار الانقسام، وأصبح مصطلح المقاومة للتندر على فصائل العمل الوطني والإسلامي التي يرون فيها عبئ عليهم، وفقدوا الثقة فيها وفي برامجهم وشعاراتهم. وإلا ما هو تفسير اقتصار الهبة على عمليات الطعن والدهس ينفذونها شابان وصبايا؟

لم تعترف القيادة والفصائل الوطنية والإسلامية بفشلها وبمسؤوليتها في بقاء استمرار الحال كارثي، لا تملك أي خيار سوى تجديد العهد مع الإنقسام وترديد الشعارات والاتهامات، لم نصل بعد للبحث في دواخلنا ومستقبل قضيتنا ونبحث في مشاريع خاصة، بدل من البحث عن مصالحنا الجمعية الوطنية، والتأمل والتفكير في كل ما يدور حولنا، إحتراماً لذواتنا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد