ليبيا: اتفاق تاريخي بين أقطاب الصراع

اتفاق بين الأقطاب الليبية

طرابلس / سوا/ أعلن ممثلون لطرفي الأزمة الليبية، الأحد، الاتفاق على مجموعة مبادئ، على أمل تحويلها إلى اتفاق سياسي يحظى بموافقة السلطتين اللتين تتقاسمان الحكم وينهي النزاع الدائر في البلاد الغنية بالنفط منذ نحو عام ونصف عام.

وينص إعلان المبادئ الليبي - الليبي هذا، والذي جرى التوصل إليه من دون وساطة بعثة الأمم المتحدة، على تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء انتخابات تشريعية، إلا أن تحويله إلى اتفاق سياسي والمضي به يواجه عقبة التصويت عليه في البرلمانين.

وقال المؤتمر الوطني العام، وهو الهيئة التشريعية للسلطات الحاكمة في طرابلس، والتي لا تحظى باعتراف المجتمع الدولي، في بيان نشره على موقعه، الأحد، إن عددًا من أعضاء المؤتمر وعددًا من اعضاء مجلس النواب المعترف به دوليًا التقوا، أمس، السبت، في تونس.

وأضاف أنه جرى خلال الاجتماع 'الاتفاق على إعلان مبادئ واتفاق وطني لحل الأزمة الليبية'.

حكومة وانتخابات

وينص الاتفاق على 'العودة والاحتكام إلى الشرعية الدستورية المتمثلة في الدستور الليبي السابق واعتباره الخيار الأمثل لحل مشكلة السلطة التشريعية في البلاد وتهيئة المناخ العام لإجراء انتخابات تشريعية، أقصاها سنتان'.

كما اتفق المجتمعون على تشكيل لجنة من عشرة أعضاء، خمسة من مجلس النواب المعترف به دوليًا ومثلهم من المؤتمر الوطني العام 'تتولى العمل على المساعدة في تشكيل رئيس حكومة توافق وطني ونائبين له وذلك خلال مدة أسبوعين'.

وجرى، أيضًا، الاتفاق على تشكيل لجنة تتألف من عشرة أعضاء 'خمسة من مجلس النواب ومثلهم من المؤتمر الوطني العام تتولى تنقيح الدستور بما يتفق مع خصوصية وطبيعة المرحلة'.

واعتبر نائب رئيس المؤتمر الوطني العام الذي مددت ولايته العام الماضي بحكم من المحكمة العليا في طرابلس، عوض عبد الصادق، أن إعلان المبادئ يشكل 'لحظة تاريخية انتظرها الليبيون وانتظرها العرب وانتظرها العالم'.

وأضاف في مؤتمر صحافي في قمرت في ضاحية العاصمة التونسية، عقب انتهاء اجتماع ممثلي المؤتمر الوطني العام والبرلمان، أنها 'فرصة تاريخية' لن تسنح مجددا.

وأكد أعضاء في المؤتمر الوطني العام والبرلمان لفرانس برس أن المبادئ المتفق عليها لا تزال تحتاج إلى اقرارها داخل أروقة المؤتمر والبرلمان، حيث من المتوقع أن تواجه برفض بعض الأعضاء.

وقال عضو مجلس النواب، عصام الجهاني، 'لم يجر تكليف أي وفد بهذا المقترح، ولم يتم الحديث عن هذا الموضوع في أروقة البرلمان، أكرر البرلمان، وما جرى لا يمثل مجلس النواب'.

وتشهد ليبيا فوضى أمنية ونزاعًا على السلطة، تسببا بانقسام البلاد قبل نحو عام ونصف عام بين السلطتين اللتين تتقاسمان الحكم، السلطة المعترف بها دوليا في الشرق، والسلطة المناوئة لها التي تدير طرابلس بمساندة تحالف 'فجر ليبيا'.

الخيار الأمثل

وتحاول بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، منذ نحو عام دفع طرفي النزاع نحو توقيع اتفاق سياسي شامل يهدف إلى إدخال البلاد في مرحلة انتقالية لعامين تبدأ بتشكيل حكومة وفاق وطني ومجلس رئاسي.

لكن الطرفين يرفضان توقيع الاتفاق بفعل الخلافات داخل معسكري كل منهما، وسط اتهامات وجهت إلى الرئيس السابق للبعثة، الإسباني برناردينو ليون بالانحياز وعدم النزاهة.

ورغم أن إعلان المبادئ اليوم يشكل اختراقا ليبيا - ليبيا في جدار الأزمة، إذ أنها المرة الأولى التي يتفق فيها ممثلون لطرفي الأزمة ومن دون وساطة خارجية على مجموعة مبادئ لحل سياسي، فإن بعثة الأمم المتحدة أكدت أن الاتفاق الذي ترعاه يبقى الخيار الأمثل لحل النزاع.

وقال رئيس البعثة، الألماني مارتن كوبلر، الذي تسلم مهامه في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي خلفا لليون، إن الاتفاق الذي ترعاه بعثته 'هو الطريق الوحيد للمضي قدما نحو السلام والوحدة'، بحسب ما جاء في تصريحات نشرها موقع البعثة، الأحد.

وأضاف كوبلر في تصريحاته التي جاءت خلال مقابلة مع قناة الجزيرة الدولية أن 'الوقت حان لتبني الاتفاق السياسي الليبي، القطار غادر محطته'.

وتتطلع الدول المجاورة لليبيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق يوحد سلطتي البلاد لمواجهة خطر التطرف المتصاعد والمتمثل في تحول ليبيا إلى موطئ قدم لجماعات متشددة، بينها تنظيم الدولة الإسلامية.

ويأمل الاتحاد الأوروبي، أيضًا، في أن يؤدي التوصل إلى اتفاق لتشديد الرقابة على الحدود البرية والبحرية لليبيا، من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وسبق أن أعلنت حكومات دول كبرى بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تأييدها لتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا واستعدادها للعمل معها.

وفي هذا السياق، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، في مقابلة نشرت، الأحد، أن الحلف مستعد 'لمساعدة' حكومة وحدة وطنية ليبية إن طلبت ذلك، علمًا بأنه يرفض أي عملية عسكرية للحلف في هذا البلد.

وأوضح ستولتنبرغ، في المقابلة مع صحيفة ريبوبليكا وصحف أوروبية أخرى 'في ليبيا نحن مستعدون لمساعدة حكومة وطنية إن طلبت منا ذلك'.

لكنه تدارك 'لا نتحدث عن عملية عسكرية كبرى في ليبيا، فأنا في النهاية لست مستعدًا للتوصية بها. لكن إذا تم تشكيل حكومة وحدة وطنية، فسنكون مستعدين لدعمها عبر تقديم المساعدة'.

ومن المقرر أن يعقد مؤتمر دولي في 13 كانون الأول/ديسمبر في روما لإعطاء زخم للاتفاق الأممي حول حكومة وطنية في ليبيا.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد