صحفي اسرائيلي:ثورة أخرى على الابواب في قطاع غزة

عامل بناء فلسطيني

القدس / سوا /  قال الصحفي  الاسرائيلي شلومي الدار ان هناك أزمة في السكن ، وارتفاع حاد في أسعار الشقق السكنية بقطاع غزة ، بسبب سياسة اسرائيل في تزويد الاسمنت واغلاق معبر رفح البري وهدم الانفاق على يد مصر، اضافة الى التدمير الكبير الذي اصاب المباني والبنى التحتية خلال عملية الجرف الصامد الصيف  في يوليو / أغسطس العام الماضي.

وأضاف الدار في مقال نشره اليوم الأحد في موقع المونيتور العبري :" اسرائيل فرضت قيوداً كبيرة على سياسة ادخال مواد البناء لغزة خوفا من سيطرة حركة حماس عليها لاستخدامها في بناء الانفاق ، مشيرا الى ان سياسة التشديد على ادخال المواد الخام وخاصة الاسمنت والحديد بدأت مع فرض الحصار في يونيو 2007 ولكن تم تشديدها في أعقاب اكتشاف مشروع بناء أنفاق حماس.

الى نص المقال :-

في الوقت الذي تتطلع فيه الأنظار لثورة عنيفة بالضفة، الوضع في قطاع غزة قد دُفع جانبًا، وسكان القطاع قد تم نسيانهم. ربما استمرار شح الكهرباء وانقطاعها أغلب ساعات اليوم، أيضًا قطع امدادات المياه، حتى أن المياه التي تصلهم أغلبها غير صالحة للشرب، أغلب آبار المياه في قطاع غزة ملوثة أو مالحة، وفي غزة تنشط مهنة توزيع المياه للسكان على يد شركات خاصة لتنقية المياه وتقدمها للسكان وتوصلها لبيوتهم.

 

بالإضافة لذلك، النقص الكبير في المعدات الطبية بالمستشفيات، وارتفاع نسبة البطالة، هناك من يتحدث عن 45% نسبة بطالة في القطاع، منظمات حقوق الانسان تدرس هذه المعطيات وتتحدث عن 50% وأكثر، ولكن ليس هناك ضرورة لمعطيات دقيقة، أغلب شبان غزة الذين لا يعملون في دوائر حماس يعانون من البطالة واليأس.

 

ولكن المشكلة الأكبر من كل ذلك هي أزمة السكن، أسعار السكن ارتفعت للسماء بسبب سياسة إسرائيل في تزويد الاسمنت، إغلاق معبر رفح، هدم الأنفاق على يد مصر، وبالتأكيد التدمير الكبير الذي أصاب المباني والبنى التحتية خلال عملية "الجرف الصامد" (يوليو/ أغسطس 2014). إسرائيل فرضت قيودًا كبيرة على سياسة إدخال مواد البناء لغزة خوفًا من أن تسيطر حماس عليها لاستخدامها في بناء الأنفاق، سياسية التشديد على إدخال المواد الخام، وخاصة الاسمنت والحديد، بدأت مع فرض الحصار في يونيو 2007، ولكن تم تشديدها في أعقاب اكتشاف مشروع بناء أنفاق لحماس.

 

هذا التخوف ليس وهميًا، الذراع العسكري لحماس يعمل لإعادة إعمار الأنفاق حتى هذه الأيام، والسكان هم من يدفعون ثمن التشديدات الصارمة. وفقًا لتقديرات لمنظمات حقوق الانسان في غزة التي تحدثت معها مؤخرًا؛ يوجد اليوم في غزة (150 - 200) ألف شاب وشابة بين أعمار 20 حتى 35 قرروا ألا يتزوجوا بسبب أزمة السكن، لا يملك أحدهم أن يتزوج ويبدأ حياة عائلية بدون مسكن، لا سيما عندما يكون وضع الوالدين متأزمًا.

 

قال لي صديق قديم من غزة "أنا أريد تزويج ابني، لكن بدون أن أقوم ببناء شقة سكنية له ليس هناك فرصة لأن يتزوج، حتى في المستقبل القريب لا يبدو أن هناك تغيرًا للأفضل على وشك الوقوع"، وأوضح لي صديقي من غزة عن الإجراءات الطويلة التي يجب ان يمر بها كل مواطن في غزة يخطر في باله ان يبني بيتًا، أو توسيع بيته بغرفة إضافية أو إضافة وحدة سكنية لابنه.

 

وعلى سبيل المفارقة، الاشراف على جلب مواحد خام من إسرائيل، وخصوصًا الاسمنت، يتم إدارته بتعاون مباشر بين حماس والسلطة الفلسطينية و الاونروا وإسرائيل.

 

هكذا يتم إدارة الأمر: في البداية يجب ان يتوجه لوزارة الاقتصاد التابعة لحماس ويبلغ عن نيته بناء أو ترميم بيته، مقدم الطلب يجب ان يعلن بأنه يريد مواد بناء من إسرائيل، وخاصة الحديد والاسمنت، في حالة تقديم الطلب عليه ان يدفع لحماس رسوم بمبلغ 100 شيكل، في المرحلة القادمة، فريق تفتيش، من البلدية التي تتبع لها منطقة مقدم الطلب، يصل للموقع أو البيت المراد توسيعه من أجله قياسه وتحديد كميات الاسمنت المطلوبة لمرحلة واحدة فقط من أعمال البناء المخطط لها، يحدد فريق التفتيش مكان البناء عن طريق GPS، ويتم نقل المعلومات بعد ذلك لادارة التنسيق والاتصال التابعة للجيش الاسرائيلي من أجل ان يكون لإسرائيل إمكانية الاشراف والفحص للمكان الذي سيتم فيه أعمال البناء خلال عملية فحص الطلب.

 

وفقًا لطريقة الاشراف هذه، التي بدأت منذ فرض الحصار على غزة، وخصوصًا بعد الكشف عن عمليات بناء أنفاق؛ يوجد لإسرائيل توثيق دقيق تقريبًا بمسار كل ذرة اسمنت منذ لحظة دخولها مرورًا بمعبر كرم أبو سالم وحتى وصولها لموقع البناء المراد البناء به في غزة. بالإضافة لذلك، إسرائيل تصر على اشراف كامل على كميات الاسمنت والحديد المطلوب لبناء ذو جودة معقولة.

 

فريق التفتيش التابع لبلدية غزة يجبي رسوم بمقدار 300 شيكل، ومن المفترض ان يمرروا الطلب والكميات الموصى بتزويدها لممثلي السلطة الفلسطينية برئاسة مسؤول فتح ناصر السراج، هؤلاء الممثلين متواجدون بغزة وينسقون مع إسرائيل ومع الاونروا أمر تزويد الاسمنت.

 

لكن طلب التزود بمواد خام - إذا تمت الموافقة عليه - سيكون فقط لمرحلة أولية من عملية البناء. بدايةً، يجب تقديم طلب لبناء أساسيات البيت، وعبر مرحلة أخرى، بناء هيكل البيت، والطلاء، والتشطيب فيجب تنفيذ نفس الاجراءات من جديد. بشكل عام، خمس أو ست مرات على الأقل، كل واحدة من مراحل البناء قد تستمر ما بين أسابيع لشهور، بعد كل مرحلة مطلوب من مقدم الطلب أن ينتظر. فلا عجب إذا ما ارتفعت أسعار المعيشة، سعر استئجار شقة تقع في منطقة وسط القطاع تكلف حوالي 250 دولار، حيث ان متوسط الراتب - لمن قُسم له أن يجد عملًا - هو 2000 شيكل (500 دولار) شهريًا، أو ربما أقل.

 

كتب الكثير مؤخرًا وقيل عن معاناة ويأس شبان الضفة من السلطة الفلسطينية، الذين بدأوا في انتفاضة، لكن مقارنة بهم وضع شبان القطاع أصعب وأقسى. في أجهزة الأمن الإسرائيلية واعون جيدًا لهذه الأزمة، ويدركون أنه في نهاية المطاف سيكون لها ثمن دموي.

 

كم من الوقت يمكن ان يصمد برميل البارود الموشك على الانفجار في غزة؟ يبدو أنه ليس لوقت طويل، الذنب ليس ملقىً على عاتق إسرائيل فقط فيما يتعلق بالحياة في غزة؛ المذنب هو الجهات السياسية المتعلقة بقطاع غزة (حماس، إسرائيل، والسلطة الفلسطينية)، وفي الوقت نفسه أزمة مليون وثمانمائة ألف من سكان القطاع تقريبًا لا تهم أحدًا، وهذا هو الخطر الأكبر، أبو علي شاهين أحد قادة فتح، الذي توفي قبل سنتين، وصف لي مرّة قطاع غزة على شكل استعارة قائلًا "غزة هي مثل وعاء حليب على النار، الحليب يبدو أبيض، نقي وهادئ، يملؤه السكون، وفي ثانية واحدة يطفو وينفجر".

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد