خلاف بين نتنياهو وقادة الجيش والمخابرات حول سبل التعامل مع الهبة الشعبية

الجيش الاسرائيلي يقتل فلسطينيا

القدس / وكالات /  بعد مرور شهرين على بدء موجة من الهجمات الفلسطينية بالأسلحة البيضاء والرصاص والدهس بالسيارات ظهرت خلافات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقادة الجيش والمخابرات بشأن ما يحرك العنف.


وتثير الخلافات تساؤلات حول ما اذا كانت الأساليب المتبعة لإخماد الاضطرابات مناسبة. وتعتبر هذه الموجة من العنف الأطول أمدا التي تشهدها إسرائيل والقدس والضفة الغربية منذ انتهاء الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة في 2005.


وفي حين يتفق نتنياهو والجيش وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت) على الملامح العامة للعنف من حيث ان من يمارسونه هم مهاجمون فرديون ينشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وأن التوترات بشأن زيادة زيارات اليهود لحرم المسجد الأقصى أسهمت فيه فإن الأسباب الأعمق محل خلاف.


واتهم نتنياهو مرارا الرئيس محمود عباس بالتحريض المباشر على العنف. كما وصف ما يحدث بأنه تعبير عن كراهية الفلسطينيين لليهود وعدم الرغبة في قبول حق إسرائيل في الوجود.


وبينما كان يستعد للمغادرة للمشاركة في محادثات المناخ التي جرت في باريس يوم الأحد قال، ما يحرك هذا الإرهاب هو رفض إسرائيل كدولة للشعب اليهودي داخل أي حدود.


على النقيض يميل الجيش وجهاز (شين بيت) للإشارة الى مجموعة متنوعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي يريان أنها تذكي غضب وإحباط الفلسطينيين خاصة الشباب في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل.


وفي حين انتقدا عباس وحركة فتح التي يتزعمها لما يعتبرانها موافقة ضمنية على العنف بما في ذلك الإشادة «بالشهداء» الذين نفذوا هجمات بالسكاكين فقد تجنبا اتهام الزعيم الفلسطيني بالتحريض المباشر عليها.


وجاء في تحليل لـ»شين بيت» الشهر الماضي، يستند المحفز للتحرك الى مشاعر من التمييز القومي والاقتصادي والشخصي.


وأضاف: بالنسبة لبعض المهاجمين يوفر الهجوم مهربا من واقع يشعرون باليأس منه ويعتقدون أنه لا يمكن تغييره.


وفي اجتماع للحكومة في تشرين الثاني قدم رئيس المخابرات العسكرية شرحا مشابها ما أدى الى خلاف مع وزير واحد على الأقل غضب من أن يرى رئيس المخابرات غير متفق مع موقف الحكومة.
وتسربت التفاصيل لوسائل إعلام إسرائيلية وأكدها مصدر حكومي حضر الاجتماع لـ»رويترز».


ومنذ الأول من تشرين الأول حين بدأ العنف قتل 19 إسرائيليا وأميركي. وخلال نفس الفترة قتلت القوات الإسرائيلية 97 فلسطينيا قالت إسرائيل ان 58 منهم مهاجمون.


والى جانب الخلافات إزاء تحديد الأسباب هناك خلافات في النهج الذي يجب اتباعه لتهدئة الوضع.


ويلعب الجيش الذي يحتل الضفة الغربية منذ 48 عاما دورا كبيرا في حفظ الأمن بالتنسيق مع قوات الأمن الفلسطينية وهو يسعى لتنفيذ عمليات دقيقة تستهدف مهاجمين بعينهم.


بينما يريد وزراء كبار في مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر المعني بالشؤون الأمنية أن يدفع الفلسطينيون ثمنا أثقل للعنف قائلين ان هذا هو الرادع الوحيد الذي سيحدث أثرا.


وحتى الآن لا يظهر نتنياهو ميلا لبدء عملية عسكرية واسعة النطاق على الرغم من زيادة أعداد الجنود المنتشرين في الضفة الغربية بنسبة 40 في المئة واستدعاء وحدات الاحتياط.


كما رفض تلميحات من مسؤولين إسرائيليين وأميركيين بأن يقدم تنازلات للفلسطينيين لنزع فتيل التوتر. ويقول ان العنف يجب أن يتوقف أولا.


بل ان هناك وجودا قويا للقوات الإسرائيلية ونقاط التفتيش في أنحاء الضفة الغربية بدون الأساليب العنيفة التي طبقت في الانتفاضة الأخيرة وان كان قد تم هدم منازل عدة مهاجمين.


وقال ضابط كبير في الجيش لرويترز، هذا يتعلق بالقيام بتحرك دقيق للتعامل مع تحديات محددة، قائلا ان العمليات تركز في الأساس على ثلاث مناطق ساخنة.


وقال كوبي مايكل وهو باحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، ان الجيش يحاول أن يضمن ألا يتأثر معظم السكان الذين لا صلة لهم بالعنف بالإجراءات لأقصى درجة ممكنة.


ومن الأمثلة على التوازن الذي يحاول الجيش تحقيقه هي قرية بيت أمر قرب الخليل وهي أكثر مدن الضفة الغربية اضطرابا. يوم الجمعة، ركب شاب من القرية يدعى عمر الزعاقيق سيارته ودهس ستة جنود إسرائيليين فقتلوه بالرصاص.


وبعد ساعات من الهجوم أعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر المعني بالشؤون الأمنية «إغلاق» بيت أمر ويعني هذا منع السيارات من الدخول أو الخروج إلا من خلال طريق خلفي متعرج بينما يجب أن يمر المشاة عبر نقطة تفتيش إسرائيلية.


واتهم أبناء البلدة إسرائيل بممارسة العقاب الجماعي. وقال رئيس البلدية انه تم إبلاغ أسرة الزعاقيق بأن منزلهم يواجه الهدم وهو أسلوب وصفه الجيش وجهاز الأمن (شين بيت) بأنه يأتي بنتائج عكسية.
واعترف إسرائيل كاتس وزير المخابرات بالخلاف بين بعض الوزراء والجيش وقال، ان السياسة التي يتبناها الجيش بمحاولة استهداف مهاجمين بعينهم معيبة.


وقال للقناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي، من المشروع أن يكون هناك جدل حول التمييز بين الإرهابيين والسكان الفلسطينيين... من الواضح تماما أنه كلما فرقت تصبح قدرتك على الردع محدودة.


وتجنب نتنياهو الضغوط حتى الآن. لكن الوضع لا يزال محفوفا بالمخاطر. ويقول مايكل من معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب ان في ظل الجذور المعقدة للعنف لا يوجد حل عسكري.


وأضاف، لا يمكن أن يستمر هذا الواقع طويلا... في نهاية المطاف سيرتكب أحد الجانبين خطأ وسيخرج الوضع عن السيطرة.

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد