العناد سلوك موجود عند البشر بنسب متفاوتة, يبدأ من الاصرار على الموقف ويتفاقم الى درجات حتى يصبح ظاهرة تستحق أن يطلق عليها صفة العناد والتصلب في الرأي. ولهذا حين يوصف سلوك معين بالعناد فانه يذهب بصاحبه مباشرة الى الصفة السلبية في السلوك.


عندما تزجر الأم ابنها ويصر الأخير على موقفه, وتفشل في اقناعه وردعه عن موقفه تقول: "الكفر أصله عناد". كما أن الشخص العنيد هو الذي يأبى العدول عن رأيه بسهولة فيوصف بأن "راسه يابس". وفي احدى تعريفات العناد "أن الرجل يعرف الشيئ ويأباه ويميل عنه".


 لكن العناد في أحد مظاهره يمثل صورة من صور الثبات. الثبات يقترن بالحق والعناد عماده الاصرار على الخطأ. العنيدون يبررون عنادهم بانه قوة شخصية وقد يتصورون أنهم ابطال وأنهم على حق في مواجهة مَنْ يظنون أنهم على خطأ.


بدهي القول أن الحزب الذي يفوز في الانتخابات انما يُنتخب لخدمة الشعب, وليس للتنافس على السلطة والانتفاع بامتيازات شخصية. هؤلاء يوصَفون بأنهم "انتهازيون" واذا حاولت مناقشتهم وأصروا على خلاف ذلك فيوصفون بأنهم "عنيدون" .


 مناسبة هذا الكلام أن حركة حماس أجازت لنفسها مصادرة نحو ألف دونم دون وجه حق لتوزيعها على عناصرها بدلا من رواتبهم المستحقة, ورغم معارضة المجتمع الفلسطيني للقرار واجماع كافة أحزابه وفصائله على رفضه ذهبت الحركة أبعد من ذلك وألقت بقرارها في المجلس التشريعي ب غزة الذي تحتل معظم مقاعده, لاضفاء صفة "الشرعية" عليه, فأجاز الأخير, ودون مناقشة, الفي دونم وليس ألفا فقط !. 
يقول علماء النقس والاجتماع أن العنيدين هم الذين يستمرون على عنادهم مهما بلغ عدد معترضيهم, ومهما كان كلامهم مقنعا. انها صلابة مبنية على كبرياء في غير محله, يظنون أن ما يقال لهم دعوة للتنازل عن "كرامتهم" ومحاولة للنيل من ثباتهم اذا ما تخلوا عن عنادهم مع أن القضية تهم الرأي العام والمصلحة العامة, في المقابل الانسان المتواضع والحكيم هو من يتنازل عن رأيه, ولا مانع لديه من الاعتراف بخطئه ويصحح خطأه معتذرا. فكيف اذا تعلق الامر بجماعة لا نستطيع وصفها أهي جماعة دينية أم سياسية أم مزيج بين هذه وتلك, وبالتالي لا نعرف ما اذا كان قرار مصادرة أراض حكومية بناء على رؤية  دينية أم سياسية أم غير ذلك؟.


حركة حماس لديها القدرة اللغوية على ايجاد مُخرجات لقرارها , مع أنها يمكن أن تصف غيرها بأوصاف تصل حد التخوين والتكفير والعبث بممتلكات الشعب لو أقدم على ما تفعله. الموضوع نفسه ينطبق على اغلاقها معبر رفح , ومع ذلك تتهم غيرها باغلاق المعبر وتبكي حال الطلبة والمرضى والتجار واصحاب الاقامات التي قاربت على الانتهاء, وتملأ الدنيا زعيقا ودعاء الى الله أن يمحق الاخرين حتي وان كانوا أبناء جلدتهم!!


من المعروف أن الدول المستقرة  تقيم مبان سكنية لضباطها, وفي حالتنا الفلسطينية مَنْ يملك ضمانات أن لا تكون منازل افراد الشرطة هم وعائلاتهم صيدا لطائرات الاحتلال؟ ما قيمة أن تقيم معملا للاحذية في وطن لا يجد أهله ثمن ما يلبسون في أقدامهم؟  ثم هل يجوز حل مشكلة شريحة من أبناء الوطن على حساب بقية المجتمع؟ .بمعنى أخر, تأمين رواتب الموظفين تكون من ميزانية الدولة وليس من خلال ممتلكات الدولة التي هي ملك لكل المواطنين لاجيال لاحقة.


العناد المفرط في تواتره وامتداده الزمني عادة ما يوصف صاحبه بفاقد الصواب وخطر على المجتمع. لا أحد يعرف متى تظهر خطورته ولا على أي شكل تكون.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد